المطالبة ام الدفاع عن حقوق المراة

2012-02-14
 تتشكل الجمعيات والمنظمات وتعقد المؤتمرات من اجل المراة معنونة معظم تلك النشاطات بعنوان الدفاع عن حقوق المراة ..  ومعنى الدفاع يقصد به لغويا هو التصدي لاي محاولة بالاعتداء على شيء موجود ومحقق وبحوزة من يتصدى للدفاع ..  وهذا يعني بان المراة قد حصلت على جميع حقوقها وهي بصدد الدفاع عنها تجاه من يحاول النيل منها او التجاوز عليها ..  فهل حقيقة ان المراة قد حصلت على حقوقها كي تدعوا النساء للدفاع عن هذه الحقوق ..  فقد يكون الامر صحيحا بالنسبة للنساء الاوربيات اللواتي استطعن الحصول على معظم حقوقهن ان لم يكن على جميعها فان رفعت شعار الدفاع فقد يكون ذلك صوابا ودعوة صادقة عن ما حصلت عليه المراة من مكاسب تعمل على حمايتها والدفاع عنها من اجواء التحرر والانعتاق من هيمنة الرجل وقيود المجتمع الظالمة والاعراف السقيمة التي لا تنسجم والقيم الانسانية التي منحها الله لبني البشر دون تمييز بين الجنس او العرق غير ان هذا الامر يختلف اختلافا جذريا عما هي عليه المراة في مجتمعنا العربي والاسلامي القابع تحت قيود القبلية المتخلفة والاعراف البالية والسطوة الذكورية الظالمة التي سلبتها كامل حقوقها واخفتها خلف جدران حصونها وجللتها بالسواد من قمة رأسها حتى اخمص قدميها وجعلتها مجرد اشباح اذابت كل صورها في بودقة هذا الكائن الاسود .. فاذا فهناك فرق شاسع بين المطالبة بالحقوق والدفاع عنها فالمراة في عالمنا العربي فاقدة لحقوقها فهي مطالبة لا بالدفاع عن حقوق لا وجود لها وانما المطالبة بتحقيق الحقوق لها .. فهي لم تعد تملك حتى تلك الحقوق التي استطاعت قبل خمسين سنة ان تحصل عليها بفضل بعض التنظيمات النسائية التي ظهرت في بدايات القرن الماضي حيث تخلصت من تلك العباءة السوداء المقيتة فظهرت سافرة بلباسها المحتشم وبشخصيتها البارزة تقتحم معاهد العلم جنبا الا جنب مع الرجل وتسير بالشوارع بكل ثقة دون خوف او وجل فكانت فترة ذهبية عاشها العراق والعديد من البلدان العربية حتى اذا جاء الطوفان الرجعي فهجم عليها وانتزع منها كل ما حصلت عليه واعادها الى عهود الجاهلية والتخلف واخافها وافزعها بمختلف الاحابيل الروحانية الملفقة التي نسبها الى الدين زيفا اوللتقاليد الاجتماعية واضطرها ان تعود القهقرى الى عبائتها السوداء واغطية الراس تحاشيا من التهم الباطلة التي هددوها بها..وهكذا فقد اعادها الرجل الى عصور الجاهلية من جديد.. العصر الذي عاشته المراة مسلوبة الارادة والحقوق والتي وصل بها الامر ان تنتزع منها حتى حقها في الحياة التي وهبها الله لها عندما كان وجهاء العرب يأدون بناتهم ويدفنوهن وهن احياء تخلصا من العار الذي افترضوا وجوده الازلي في كل امراة والذي ستجلبه لهم لا محال .. فهل هناك افضع من هذا السلوك الهمجي تجاه نصف البشر ودون ان يعو ا بانهم بتصرفهم هذا سيقضون على البشرية كلها بل وعلى ذريتهم حيث ان الرجل لا يحبل ولا يلد وانما هذا من شؤون المراة فقط فلولا جسدها ما وجدوا هم على هذه الارض فان سلبوها حقها في الحياة فانما سيسلبون بالنتيجة حياتهم هم ايضا ولكن كانوا بجهلهم غارقون .. ..  فانهم اذا وأدوا الفضليات من بناتهن كي يكونوا مضطرين للزواج من الجواري والامات.. فهل كانوا سيرضون ان يكونوا اولاد الامات والجاريات .. هكذا كانت عقلية العرب الاوائل وللا سف الشديد فقد استمرت هذه العقليات المتخلفة بعد ظهور الاسلام فمع انه قد حرم وأد البنات فان المسلمين بجميع عصورهم المتتالية وحتى يومنا هذا لم يعترفوا بحق المراة ولا بمساواتها بالرجل فبقيت حقوقهن مهضومة طيلة كل العهود حيث فرضوا عليها الحجاب والانزواء داخل جدران بيتها ومنعوها من الاختلاط بالرجل وحصروا واجبها بالانجاب  واعتبروها وسيلة ارضاء الشهوات في الملاهي الليلية كي ينثروا على رأسها الملايين من الدولارات وهي تتلوى برقصاتها المثيرة او ما تقدمه له على فراش الزوجية فقط مع انها ليست كذلك فهي ايضا الطبيبة والمدرسة والعالمة والمهندسة او الوزيرة بل الملكة وليست كما يدعي بانها خادمة تربي الاطفال وتعد الطعام .. فعلى المراة ان ترفع شعار (( المطالبة)) بحقوقها وليس شعار(( الدفاع ))عنها فعندما تحصل على كامل حقوقها فبامكانها ان ترفع شعار الدفاع عن هذه الحقوق بعد ان تحققها وهو امر مستبعد في هذا الوقت للتخلف الذي اصاب عقلية الرجل وادران الخرافات التي وفدت علينا من بعض المناطق التي عشعش فيها الجهل والنزعات القبلية المتشددة وغياب العقلية المدنية المثقفة والمتنورة .. حيث ظهر البعض من المتنفذين الذين لازالوا يعيشون في عقلية البداوة الرجعية المظلمة مع كل ما يدعونه من تفوق علمي وحصولهم على الشهادات العالية الرفيعة المزورة فهم يحجبون عن المراة ما حصلت عليه من بعض الحقوق محاولين انتزاعها واعادتها الى الوراء في الوقت الذي يتقدم فيه العالم بخطى حثيثة يتسابق فيها مع الزمن مما يقتضي الان ان تطالب باستعادة ما سلب منها واستحصال مالم تستطع ان تحققه خلال ما فات من السنين وعند ذاك بامكانها كما قلنا وبعد ان تصل الى ما وصلت اليه المراة الغربية والاوربية فلها ان ترفع شعار الدفاع عن المكتسبات .. فعن أي حق تريد اليوم ان تدافع  وهي سليبة لابسط حقوقها .. كما عليها ان تعي وتتنبه الى مكائد الرجل الذي يريد ان يحرمها من ادميتها كي يجعلها مجرد اداة لا حول لها ولا مكانة لها في عالم الرجال .. فان كان هو قد تخلى عن عقاله وايشماغه ولبس البنطلون ووضع الرباط على عنقه ومشى سارح الرأس مكشوف الوجه فمن حق المراة ايضا ان تتخلى عن برقعها وتسير سافرة دون عباءة او براقع بل يكفي ان تخرج بلباس محتشم يظهر شخصيتها القوية التي لا تقل عن شخصية الرجل ان لم تبزه وتتفوق عليه ولها ان تمارس كل ما يمتلكه الرجل من حقوق فلها ان تسافر دون المحرم الذي يفرضه عليها الرجل للمحافظة عليها لانه يضعها دائما موضع شبهات وشكوك..  فهي احرص على شرفها وليست بحاجة الى من يراقبها او يحميها من الزلل فهي تستطيع ان تحمي نفسها فقد استطاعت السفر الى مختلف بلدان العالم ودرست في المعاهد والجامعات وحصلت على اعلى الشهادات .. فعن أي حق ابقاه لك الرجل حتى تدافعين عنه بل عليك ان تبدأي المطالبة من جديد فقد اعادك الى المربع الاول وافقدك ما حصلت عليه في العقود الماضية وكافحت من اجله واليوم يريد ان ينتزع حتى هذا الشيء الضئيل الذي حزت عليه لذا فليكن شعارك هو المطالبة فقد جردتك الايام من كل شيء حتى الكوتة فقد اضحت مجرد خدعة ولم يبقى لك ما تدافعين عنه ..

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved