في الصورة : ليلى الشيخ . عزيز سباهي . سعدي يوسف
الصورة الثانية : مندائية ، ثُلث !
سعدي يوسف
تَبعُدُ لندن (لندن أونتاريو) ساعتَين بالسيّارة، عن تورنتو التي أقمتُ فيها شهوري الثلاثة.
قبل زيارتي الكنديّة هذه، كنتُ آمُلُ في أن أذهب إلى لندن أونتاريو، لا لأتمتّع بمرأى " التيمس " هناك
(ثمّت نهرٌ بهذا الاسم، محاكاةً للندن البعيدة، جنوبيّ تلك الجزيرة الأوربية الصغيرة)، بل لألتقيَ نهراً عراقيّاً كريماً
بما يظلَّ يهَبُ، هو عزيز سباهي، أبو سعد.
لم تفعل الأيامُ المريرةُ، فِعلَها، بالرجل، الذي ظلَّ وفيّاً لحُلمه، ولرايته الشيوعية، ولصداقاته، ولِعِلْمه ومثابرتِه.
آنَ التقيتُه، أمس الأول، في شقّته بلندن أونتاريو، كان مع رفيقة حياته، ليلى الشيخ.
*
عزيز سباهي، من القلائل الذين ظللتُ أمحضُهم الودَّ والثقةَ، وأشاركُهم تلك الهمومَ المتّصلةَ بعراقٍ حرٍّ سعيدٍ.
الحديثُ الودودُ الذي جرى بيننا، في منزله الكنَديّ، كان ذا أسئلةٍ وتساؤل، لكنه ظلَّ ودوداً.
*
غرفةُ الاستقبال، والمكتبة، غنيّتانِ بلوحات خطّ الثُلْثِ، الذي لم أرَ أحداً يُجيده، بعد هاشم الخطّاط سوى
عزيز سباهي.
ثمّتَ أبجديّةٌ أراها للمرة الأولى، في لوحة، هي الأبجديةُ المندائية بخطّ أبي سعد.
*
قال لي عزيز سباهي وهو يوشك أن يودِّعني:
حديثُنا مفعَمٌ بالأمل.
حديثُنا يليقُ بمَن هم في العشرين، لأنه يمنحُهم أملاً، في مستقبلٍ ما.
قلتُ: الطبيعةُ رحيمةٌ يا أبا سعدٍ.
ابتسمَ الرجلُ، لكن ابتسامتَه لم تكن عريضةً.
*
هذا الرجل الذي لم يكلّ، ولم يملّ، أطْلَعَني على عمله الجديد الصادر في هيأة كتاب:
علاقات البصرة التجارية في القرن الثامن عشر
تأليف: ثابت عبد الجبار عبد الله.
ترجمة: عزيز سباهي .
*
على المرء أن يظلّ يتذكّر ويُذَكِّر:
إن لهذا الرجل، مع حنّا بطاطو، عبرَ مؤلّفاتِهِما، الفضلَ في وضع الأساسِ المتين، لمشروعٍ ضروريّ:
تاريخ الحزب الشيوعيّ العراقيّ.
*
أترانا سنلتقي ثانيةً؟
ربما، لكنْ ليس في العراق.
فهو ممنوعٌ من السفر بالطائرة بسببٍ من القلب.
وأنا غيرُ راغبٍ في السفر إلى العراقِ بسببٍ من التقَلُّب!
تورنتو 28.05.2014