لو كانَ عُمري زهرةً فوّاحة ؟
لأهْدَيْتُ رحيقي
لنحلةٍ باسِلَة
تَحُومُ فَوْقي تغنِّي
وتدسُّ في عُبّي
فَمَها الدّقيقْ
نشوانةً
من شمسِ الأصيلْ
لو كانَ عُمري سنبلةَ قمحٍ ؟
تَنْحَني خَجولةً للرّيحْ
فأُهدِيها لعصفورةٍ
رَشيقَةٍ
تصفِّقُ بجناحيها
تنقِّبُ بمنقارِها الرَّقيقْ
وتبحثُ عنِ القوتِ
في رحمِ الحقلِ الفسيحْ
لو كانَ عُمري قطرةَ ندىً ؟
أفاقتْ مع الفجرِ
في وقتِ البكورْ
لأهديتُها لزَنْبَقَة الوادي
تنشرُ الشذا حولَها
في مَدى العمرِ القصيرْ
لو كانَ عُمري أغنيةَ حبٍّ ؟
تَسْكَرْ لها نفوسُ الكائناتْ
لسكبتُها ترنيمةً رخيمةْ
في مَسْمَعِ
الراعي.. ونايِ البراري الحزينْ
لو كانَ عُمري حبَّةَ خوخٍ ؟
بلونِ الشّفقِ
عندَ المساءْ
لأهديتُها لشاعرٍ
مُشَتَّتِ القلبْ
يغفو
على وجعِ اللحنِ الأخيرْ
لو كانَ عُمري رقصةَ
ضوءٍ شاردٍ ؟
لأهديتُها للظلام
ومسافرٍ تائِهٍ
ضلَّ الصّحاري خائفاً
منَ الوحشةِ في الطريقْ
لو كانَ عُمري أمنيةً عذبةً ؟
لأهديتُها لروحٍ
تخفقُ كلما هبَّ النَّسيمْ
لو كانَ عُمري نقطةَ مطرٍ ؟
تاهتْ
منِ اليمِّ العظيمْ
أو جادتْ بها السماءْ
تجري إلى النهرِ
طاهرةً كَمَرْيَمَ.. والمَسيحْ
لدسَسْتُها
في فمِ الطفل الرّضيعِ
معَ الحليبْ
لو كان عمري عَطاءً دائماً
لمَا بقيَ من عُمري
إلأ نَزْراً
مِنَ الزَّمَنِ المُفْعمِ بالعَبيرْ