منذ أمدٍ ، قرّرتُ التغاضي عن متابعةِ الشأن العراقيّ العامّ ، ليس لأني تخلّيتُ عن مسؤوليةٍ ما ، شــخصيةٍ على أيّ حال ، متّصلةٍ بالبلد وأهله ، وإنما لأن هذا الشأن العراقيّ العام ، سيظلّ ثابتاً ، يبعث على الملال والقرف ، إلى يومٍ
يُطْرَد فيه ، الأوباشُ المتسلِّطون ، المتحكِّمون نيابةً عن الاحتلال، هؤلاء الذين حوّلوا جمهورية العراق، إلى جمهورية العراق الإسلامية المزوَّرة.
لكني بين حين وآخر ، أتلقّى رسائل وإشارات من أصدقاء ، ومعارفَ ، في البلد ، تُعينني في أن ألـمُسَ جانباً ممّا يحدثُ يوميّاً.
آخر رسالة تلقّيتُها كانت من شاعرٍ في محافظةٍ جنوبية ، يقولُ فيها :
سابقاً، كنا نعرف البعثيّ، ورجل الأمن، فنتصرّفُ كما يلزم لضمان سلامتنا .
أمّا الآن، فهناك العشرات من الميليشيات الإسلامية؛ فلم يَعُدْ بمقدورنا معرفة طريق السلامة ...
أمسِ تلقّيتُ رسالةَ تهديدٍ جديدة .
لكن هذه الرسالة تختلف عن سابقاتها :
هذه الرسالة فيها رصاصة !
لم يطلبْ مني الصديق أن أفعل شيئاً .
ربما لأن الفعلَ لم يَعُدّ مُجْدِياً، في هذه الـمَـقْـتـلـةِ، المسمّاةِ عراقاً .
إلاّ أنني لم أستطع التغاضي عن المحنة اليومية لمئات من المبدعين العراقيين، الذين يعيشون تحت الخطر الدائم،
بالرغم من صمتهم .
رصاصةٌ في رسالة.
رصاصةٌ في مؤخّرة الرأس .
لندن 29.10.2012