في يوم 15 نوفمبر ولمدة ثلاثة ايام ستحتضن الجزائر مهرجانها الأدبي تحت شعار "الرواية الجزائرية : الذات والتاريخ والحلم " وستصب ندوات المهرجان في محاور عديدة تتعلق بالرواية الجزائرية من حيث البناء، تمثيل الهوية، الحقيقة، التقنية، السرد وكيفية طرح الوعي التخيلي، وذلك من خلال نماذج روائية جزائرية هامة
برنامج الندوة
• جلسة الافتتاح:الخميس 15 نونبر 2007 ابتداء من الساعة 9.00صباحا
برئاسة :عبد القادر كنكاي
كلمات : السيد عميد الكلية - رابطة أهل القلم والوفد الجزائري - مختبر السرديات
• حفلة شاي
• الخميس صباحا- الجلسة الأولى- (س 10 صباحا). برئاسة نور الدين دنياجي.
المحور: النص، الحقيقة، التاريخ
- أحمد بوحسن: الروائي والتاريخي في رواية " كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد "
- شعيب حليفي: تخييل الحقيقة في السرد الروائي
- عبد الفتاح الحجمري: يبدو أني غفوْتُ قليلا :قراءة في رواية " حمائم الشفق " لجيلالي خلاّص
- عبد اللطيف محفوظ: العوالم الممكنة في رواية الشاذ لربيعة مراح.
• الخميس بعد الزوال1- الجلسة الثانية س3 - 4.30: برئاسة شادية شقروش
المحور: السرد وتمثل الهوية
- بوشعيب الساوري: تمثلات الهوية والآخر في الرواية الجزائرية
- فتيحة بناني:béance identitaire ou syncope générique dans Garçon manqué de Nina Bouraoui
- أحمد فرشوخ: السرد بالكتابة في روايتين جزائريتين: لسليمة غزالي وعز الدين جلاوجي.
- إدريس الخضراوي: البطاقة السحرية: التاريخ وسرد الهوية
• الخميس بعد الزوال2- الجلسة الثالثة(س5 - 6.30)برئاسة إبراهيم سعدي
المحور: أشكال التخييل
- عبد الرحمن غانمي: مخاضات الحكي بين الفزع والفراغ.
- محمد المصطفي:من الأسطورة إلى الخيال العلمي:مسار في الشاطئ المتوحش لمحمد ديب.
- يوسف ناوري: البناء الروائي في رواية بوح الرجل القادم من الظلام.
- محمد أمنصور: سلطة الحكي في أعمال محمد مفلاح
لجمعة 16 نونبر- صباحا1. الجلسة الرابعة: ( س: 9 .00 صباحا) برئاسة :عبد الحميد هيمة
المحور: تخييل الذات في الرواية الجزائرية
- محمد غرناط: الشخصية النسوية في ثلاثية أحلام مستغانمي
- لطيفة لبصير: المحكي الذاتي وصنع الرواية الأسرية في رواية " بحر الصمت" لياسمينة صالح .
- جمال بوطيب: الاستعارة الجسدية: الذات والآخروالتاريخ في الرواية الجزائرية.
- إبراهيم الحجري: رواية "تيميمون":أزمة الذات- أزمة الواقع الاجتماعي.
- أحمد بلاطي: رؤية الذات في الرواية الجزائرية"امرأة بلا ملامح " لكمال كيلاني و "ذاك الحنين " للحبيب السائح
الجمعة 16 نونبر- صباحا2. الجلسة الخامسة :( س : 10.30) برئاسة عز الدين جلاوجي
المحور: تخييل الراهن في الرواية الجزائرية
- عبد الرحيم مؤدن: الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء:سرد الكشف والاكتشاف
- لحسن حمامة: الراهن الجزائري روائيا
- سعيد زيدون :قراءة في رواية الهجمة لياسمينا خضرا
- مريم حريزي: قراءة في رواية نجم الجزائر' لعزيز شواكي
الجمعة 16 نونبر- زوالا.الجلسة السادسة مائدة مستديرة برئاسة نور الدين صدوق. (س5.30.3.00 )
المحور: تأسيس الوعي المغاربي تخييليا من خلال الرواية الجزائرية
ورشة نقاشية مع طلبة الدراسات العليا( ماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب وماستر الإشهار والتواصل) بمشاركة:
إبراهيم سعدي ،عزالدين جلاوجي ،محمد زتيلي ،عبد الحميد هيمة،ذويبي ختير الزبير ،نادية شقروش،مها خير بك، محمد خفيفي، احمد أبو حسن،عبد الرحمان غانمي، محمد غرناط، عبد الرحيم مؤدن، أحمد فرشوخ، صدوق نور الدين، عبد اللطيف محفوظ ،عبد الفتاح الحجمري، ، يوسف ناوري، بوشعيب الساوري، احمد بلاطي، محمد المصطفي، لحسن احمامة، محمد أمنصور،لطيفة لبصير ، جمال بوطيب ، إبراهيم الحجري، لمعاشي الشريشي، فتيحة بناني، سعيد زيدون،مريم حريزي ،إدريس الخضراوي، شعيب حليفي...
- توصيات -واختتام. س6.00:
ملخصات بحوث
• الخميس صباحا- الجلسة الأولى- (س 10 صباحا) المحور: النص، الحقيقة، التاريخ.
- أحمد بوحسن: الروائي والتاريخي في رواية " كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد "
يقوم هذا العرض على تقديم قراءة لرواية "كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد" لواسيني الأعرج. قراءة نركز فيها على التقنية المعتمدة في بناء هذه الرواية، والعلاقة الشفافة بين السرد الروائي والسرد التاريخي، ثم دور هذا النوع من السرد الروائي في توسيع دائرة الوعي بحاضرية التاريخ.
فهي تقنية مركبة وشبه متوازية في نفس الوقت؛ هي مركبة لما فيها من تداخل بين السرد الروائي والسرد التاريخي، وشبه متوازية لما فيها من عرض غير متكافئ لبعض اللحظات الدالة في حياة الأمير عبد القادر، وبعض اللحظات الحرجة من حياة الأسقف مونسنيور ديبوش، صديق الأمير، الذي سيتولى مهمة سردية أساسية في الرواية.
أما العلاقة بين السرد الروائي والسرد التاريخي، فتتميز بشفافية خاصة، حيث يبدو التاريخ "الواقعي" شفافاً خلف لعبة السرد. وقد حاول الكاتب فيه أن يقلص المسافة الفنية بين السرد التاريخي والتخييل السردي. ويتمثل ذلك في محاولة المحافظة، ما أمكن، على كل وسائل الصناعة الفنية التاريخية؛ من حيث النصوص- الوثيقة، أو التتابع الخطي التاريخي، أو المحافظة على الإشارات التاريخية الدالة المختلفة. وفي ذلك ما يؤكد ويوهم، في نفس الوقت، بواقعية السرد وإيهاميته.
ثم تمثل توسيع دائرة الوعي بحاضرية التاريخ عندما سمح السرد الروائي بالكشف عما لم يتحدث عنه السرد التاريخي؛ فأخضع المسلمات التاريخية للمساءلة، وكذلك بعض السلوكات البطولية، وغيرها من القناعات التاريخية الكثيرة الموروثة، أو تلك الملتصقة بالذات أو بالآخر.
2 - شعيب حليفي: تخييل الحقيقة في السرد الروائي.
ينزع هذا البحث إلى تقديم مقاربة تهم الرواية المغاربية عموما، والرواية الجزائرية تحديدا من خلال رواية (بخور السراب ) لبشير مفتي، وذلك عبر التمهيد بأسئلة علاقات التخييل بالحياة والحقيقة، باعتبار العناصر المشكلة للحكاية هي نسيج للإحالات المتعددة على كافة الخطابات، البارزة والخفية، والتي يكون الروائي أمامها بين اختيارات من بينها : تأكيد ونقل تلك الخطابات الإحالية ضمن شكل فني حكائي مقنع، وبذلك فانه لا يضيف شيئا للحكاية. أو نقض الرؤى والخطابات السائدة المهيمنة والمتحكمة في توجيه الأفكار وتنميطها. وذلك بتقديم رؤية / رؤى أخرى في سياق إنتاج خطاب ثقافي وجمالي ضمن جنس الرواية، لأن التخييل سواء في علاقته بالذات أو بغيرها، هو تلك المساحة الخلاقة التي لا تكرر، وإنما تبدع وتشكل بمعنى من المعاني تعديلا ونقدا وتكييفا عبر الحكاية ورؤاها اللامحدودة.
وفي محور تأويلي، سيتم العمل على كشف كيف عملت رواية ( بخور السراب) على تخييل اليومي بتناقضاته وخطاباته، وكيف صاغت خطابا حكائيا حول العطب دون استنساخ الخطابات الأخرى.
ففي( بخور السراب) ظلت المرجعية البانية لأنوية الدلالة، مرتبطة بمجازات وصور بلاغية تحيل على هوية الوطن، والصراع الذي يحرك أحداثه ولرسم هذه الدلالات توسل الراوي بالسرد وتقنياته عبر بناء حكايات تحركها شخوص مختلفة ومتناقضة ومتحولة، تحيا الظاهر والباطن وتعيش السياسي والديني، الحياد والانخراط. حيث التفاعل مع كل تحول تعكسه ملفوظات الخطابات وتنوع المعجم والإحالات والرموز وتدبيرات أخرى من الراوي في إطار بناء عالم العلاقات المؤدي إلى التباس في الحياة والموت وما بينهما .
بخور السراب هي صورة بلاغية لشكل التواصل ودرجات توتره، وأيضا رسم للتخفي وتبادل الأدوار بين ما هو حقيقي ومحتمل ... وهي أهم الجروح التي تحملها شخصيات الرواية بين النفسي والتاريخي والذاتي تعمل الرواية على الحفر فيها وفي ما ينجم من تعفن أو أمل في الشفاء.
وتختتم هذه لمداخلة أسئلتها بالبحث في الإضافات الممكنة على مستوى الرؤية والتقاط التحولات الثابتة والطارئة في السياقين: العام والخاص، والتي تفرز عدة إعاقات وأعطاب واختناقات جعلت من الواقع بدلالاته وحقائقه المتبدلة باستمرار، مرجعا طاغيا وسط رهافة التخييل.
3 - عبد الفتاح الحجمري: يبدو أني غفوْتُ قليلا: قراءة في رواية " حمائم الشفق " لجيلالي خلاّص.
تتقاطع في هذه الرواية سيرة مدينة وإنسان بوحشية مزعجة أحيانا، وبلين مشتهى أحيانا أخرى. وفي الأفق تبدو الأرض قاحلة والعيون حالمة، وكلاهما ينبئان بحالة حرب وتوتر مروع للأماكن والضمائر.
عماد الرواية وحكايتها، إذن، حالات التباس بين الكائن والممكن والمرجوّ، بين المدوّي والمثير والهائج والمفزع.
هذا ما تسعى القراءة توضيحه وبيانه ... وتأويله.
4 - عبد اللطيف محفوظ: العوالم الممكنة في رواية "الشاذ" لربيعة مراح.
تنطلق هذه المداخلة في قراءتها لرواية " الشاذ" لربيعة مراح، من مفهوم العوالم الممكنة كما صاغه ووظفه أمبرتو إيكو في كتبه "القارئ في الحكاية" و"السيميائيات وفلسقة اللغة". و"حدود التأويل".
بناء على ذلك تحاول المداخلة توضيح أن العالم الممكن، بصفة عامة، هو بناء ثقافي، حيث الخصائص هي التي تتآلف وتتقاطع لتميز الأفراد. والأفراد إما ضروريين أو طارئين عرضيين. وأن العالم الممكن لا ينفلت أبدا من الخضوع للعالم الفعلي، لأن هذا الأخير وحده يسمح لنا بتشييد عوالمنا الممكنة. وبما أن العالم الفعلي - الذي هو بناء ثقافي - يشكل جزءا من النسق التصوري لفرد ما، فإن ردود أفعال المحايدين تجاه العالم الممكن تنقسم إلى قسمين: قسم يتفق مع مواقفه الافتراضية، وقسم لا يتفق معها. ولذلك فإن ارتباطه بعالم ممكن ما، هو فعل إيديولوجي. وذلك ما ستحاول المداخلة توضيحه بخصوص السارد بوصفه فردا محايدا. كما سنتعرض لشكل تمظهر العوالم الممكنة المرتبطة بالعوالم السردية وسيميائيات النص، والتي هي عالم الحكاية، وعالم القارئ النموذجي؛ والعوالم الممكنة المشكلة من قبل الشخصيات.
الخميس بعد الزوال: الجلسة الثانية س3 - 4.30: المحور: السرد وتمثل الهوية .
5- بوشعيب الساوري: تمثلات الهوية والآخر في الرواية الجزائرية.
الحديث عن موضوع مثل "تمثل الهوية والآخر في الرواية الجزائرية" يقودنا إلى استحضار سياقين بارزين، كان لهما الأثر الأكبر عليها، وساهما بشكل كبير في تشكل صورة كل من الذات والآخر. وهما سياق الثورة والشهداء المرتبط بالفترة الاستعمارية وما بعدها، وسياق الإرهاب الذي يحيل على تسعينيات القرن الماضي (تلك العشرية السوداء).
ستنعكس هذه المتغيرات على تمثل الرواية الجزائرية لكل من الأنا والآخر. من ثمة تصير مفاهيم الهوية والآخر نسبية ومتغيرة وملتبسة بهذين السياقين.
وللاقتراب من هذا المنطلق سنتناول ثلاثة نصوص روائية ، الأولى لروائي من الجيل السبعيني انقطع عن الكتابة الروائية ثم عاد إليها بعد عقود، وهو محمد زتيلي من خلال روايته الأخيرة "عصافير النهر الكبير"، وروائيين ينتميان إلى الجيل الحالي، لكنهما يختلفان على مستوى المنطلقات الفكرية والتطلعات الجمالية، هما حسيبة موساوي في روايتها "حلم على الضفاف" وعمارة لخوص في روايته "كيف ترضع الذئبة دون أن تعضك". ويرجع اختيار هذه الروايات إلى ملاءمتها لمنطلقاتنا المنهجية، إذ تعالج كلها تيمة الذات في علاقتها بالآخر، من خلال تجربة الهجرة والعودة إلى الوطن.
تطمح هذه المساهمة إلى إبراز كيف تناولت الروايات الثلاث مفهومي الهوية والآخر باعتبارها نتيجة تفاعل أصحابها وتمثلهم للسياقين المذكورين أعلاه. مع ربط ذلك بخصوصيات الكتابة الروائية عند كل واحد من الروائيين الثلاث، كل ذلك في علاقة بخصوصية الكتابة الروائية الجزائرية عموما.
قادتنا القراءة إلى أن الروايات الثلاث تلتقي في أن هجرة أصحابها كانت اضطرارية ولم تكن اختيارا لأصحابها، كما أنهم وجدوا صعوبة في العودة إلى الوطن. لكنها تختلف في تمثل الآخر والهوية. ففي الوقت الذي عكست فيه رواية "حلم على الضفاف" تصورا منغلقا للهوية محكوما بالصراع والمواجهة مع الآخر البعيد المتميز عن الذات المسؤولة عن تمزق الهوية في الغربة خارج الوطن. نجد رواية "عصافير النهر الكبير" تبرز تصدع الهوية داخل الوطن، لكن ليس بسبب خارجي وإنما المسؤول هو آخر منبثق من الهوية بعد الاستقلال. في حين أن رواية "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" تدعو إلى هوية منفتحة موسعة تدعو إلى التخلص من الذاكرة وتجاوز الانتماءات الضيقة بعد الوعي بتمزق الهوية داخل الوطن.
6 - فتيحة بناني: شرخ الهوية أو محو الأجناس في رواية نينا بوراوي
تفضح البنية غير المتوازنة في الرواية الذاتية لنينا بوراوي عالما وهميا تبحث فيه الساردة عن هوية ممحوة المراجع و الثوابت.ولدت برين في فرنسا وترعرعت بعدة مدن بالجزائر قبل أن ترحل إلى سويسرا في سن الرابع عشرة من عمرها...كل هذه التنقلات الجغرافية خلقت خدشا في نمو شخصية لم يكتمل بناؤها بعد..لهذا تجد المراهقة كيانها مبعثرا بين ضفتين لا تلتقيان : افريقيا،أوربا، الجزائروفرنسا، هناـ هناك، الذاكرةـ النسيان، الأنثى ـ الذكر، الشباب ـ الشيخوخة، الحاضر و الماضي .
غير أن الشخصية الراشدة تجعل من كل هذا المزيج ثراء تريد الانتماء به إلى بني الإنسانية .. لا للغة معينة أو لجهة بذاتها أو لثقافة خاصة. يبقى السؤال الأهم لماذا تجدي الكتابة الأدبية ؟
7- أحمد فرشوخ: السرد بالكتابة في روايتين جزائريتين: لسليمة غزالي وعز الدين جلاوجي.
يسعى البحث لانجاز قراءة نقدية ثقافية لروايتين جزائريتين جديدتين، هما: "عشاق شهرزاد" لسليمة غزالي، و"الرماد الذي غسل الماء" لعز الدين جلاوجي، انطلاقا من وعي نقدي مركب يقرن إنتاج الأدبية بالسياق الثقافي. ومن ثم دراسة العلاقة الحوارية بين فعل التخييل وتشكيل الهوية في محاولة لكسر النموذج الغربي. ذلك أن الرواية الجزائرية دافعت عن وجودها تجاه الآخر من خلال ما يسمى بجمالية المقاومة، لذلك فهي ما تزال بحاجة لمزيد البحث قصد استخلاص قوتها الفنية والأخلاقية والمعرفية بعيدا عن معايير النظرية المتمركزة. ضمن هذا السياق إذن، يركز البحث على العناصر المشخصة للوعي الفني في النموذجين الروائيين المقترحين من جهة استفادتهما من النموذج الروائي الغربي والرد عليه في آن واحد، مما يفتح المجال أمام مقاربة نقدية طباقية تدمج البعد الاستطيقي ضمن المنظومة الثقافية والتاريخية والإيديولوجية، ومن هنا طموح البحث لتحرير التحليل من النظرة الاختزالية التي تنظر إلى الرواية بعيدا عن تكوينها التناصي المتصل بتطويع الجنس الأدبي الوافد وتلوينه بتقاليد سردية ومحلية: الأمر الذي يعتبر بمثابة رد بواسطة الكتابة على المركز الثقافي والأدبي، وبالتالي بمثابة تقويض للفرضيات التي كانت تاريخيا تشكل أدب الثقافة المستعمرة. ومن هنا يتيح البحث المجال لطرح أسئلة جديدة من قبيل: كيف تعيد الرواية الجزائرية في نماذجها الناضجة تعيين اللغة والزمان والمكان؟ كيف تتمثل السرد والتاريخ والرؤية والقيم؟ ما طبيعة نظرتها إلى الواقع وكيف تنظر إلى المعرفة والمعنى؟؟ بل وما طبيعة إدراكها للأدب ذاته؟؟ وكيف كسرت مقولة النوع؟ كيف تناولت الحقيقة والسلطة؟ كيف استعادت الأعراف الأدبية والتقاليد الشفهية؟ بل وكيف تمكنت من الارتياب في مفهوم العالمية الذي اعتبر الأداة النقدية الأوربية المهيمنة لتعيي الثقافات والآداب العليا والدنيا؟ وبالموازاة كيف يمكن للنقد استيعاب طبيعة تكوينها الخاص؟ وما سبيل تطوير نظرته من الداخل لأجل قراءة ما لم يقرأ واستكشاف عناصر الاختلاف؟ تلك أسئلة نسعى لطرحها على الروايتين لاستكشاف عناصر تميز الرواية الجزائرية واستراتيجياتها في توكيد الاختلاف الفني والثقافي.
8- إدريس الخضراوي: البطاقة السحرية: التاريخ وسرد الهوية.
عناصر مترافدة أفضت بالكثير من كتاب الجزائر خاصة والعالم العربي عامة إلى الكتابة عن التاريخ سرديا. فالتجربة الاستعمارية القريبة التي تعرضت لها هذه الرقعة الجغرافية، ولا تزال تداعياتها الصعبة تلاحق الكثير من أقطارها، شكلت بالنسبة للكاتب العربي حقلا فكريا وشعوريا غنيا يمكنه من إعادة ترميم بياضات هذه المرحلة الحديثة، وكتابة تاريخها المتحرر من إكراهات السلطة على الحقيقة. وهنا نفكر في سلطة المستعمر التي مكنته من تقديم سردية تخصه، وتشوه الكثير من ملامح الشعوب التي احتلها، وكذلك سلطة الدولة العربية الحديثة، التي لم تكف هي الأخرى عن تقديم التاريخ الذي يلائم مصالحها ويحفظ امتدادها بين شعوبها. هذا السياق المتوتر هو الذي حرض الكاتب الجزائري على العودة للتاريخ، وإعادة تقديم وقائعه متسلحا بالسرد، مانحا صوتا للسردية التي غيبتها السلطة أو غمرها نفوذ الأقوياء. بهذا المعنى تضطلع الرواية الجزائرية الحديثة، وهي تأخذ على عاتقها هذه المسألة الصعبة، بمهمة إنسانية وثقافية ملتزمة، يتأكد من خلالها أن السرد هو عين الأمة، والمعبر عن وجودها الحضاري. لكن هذه الرواية ليست تاريخية بما أنها تكتب التاريخ وتلاحق ظلاله الملقاة على واقعنا المعاصر، فقد لاحظ الناقد سعيد يقطين، وكذلك عبد الرحمن منيف، بأن هذه الحساسية البارزة في المشهد الروائي العربي، تحرر الرواية من هذا التصنيف، لأن ما تكتبه لا يزال يلقي بظلاله على معيشنا، ولا زلنا نحتك بتداعياته، اجتماعيا وسياسيا وثقافيا. ونتصور أن رواية "البطاقة السحرية" للكاتب الجزائري محمد ساري تندرج ضمن الكثير من هذه الأعمال السردية الحديثة التي تنجز قراءة مكثفة للتاريخ الجزائري الحديث، وتحفر بقوة في أعماقه لتكشف عن أسئلة سلطة راهنة وزمن عصي عن التحديد.
• الخميس بعد الزوال: الجلسة الثالثة(س5 - 6.30) المحور: أشكال التخييل
9- عبد الرحمن غانمي: مخاضات الحكي بين الفزع والفراغ.
تعكس نصوص (البارانويا) لسعيد مقدم و(بيت من جماجم ) لشهرزاد زاغر ثم رواية ( قدم الحكمة ) لرشيدة خوازم، انزياحات في الكتابة عبر التشخيص في مسارب الذوات والعوالم التي تنزع نحو الاحتجاج وإدانة الواقع والوجود الملتهب والمسيج بعلائق قهرية، وضمن هذه الفضاءات يتنامى مخاض الحكي المنشطر على ذاته والمسرف في ملاحقة الأنا الغائصة في متاهات ومصادفات الاشياء والشخوص.
كل هذا يتم وفق تجليات متباينة من نص لآخر ، حتى وان كانت النصوص مسكونة بهواجس الحكي الحاضن للقلق ومعنى الخواء والسعي نحو ترميم المحطم والاستئناس سرديا وتخييليا ب " القضايا" السردية الموحشة الموغلة في سبر أيقونات الفراغ الذي تنشئه حكايات وأحداث مفزعة مولدة للتفجع والحلم المجهض والهوية الطافية على أكثر من أتون ساخن، وهي تواجه الفزع والخراب والمجهول ، في ضوء علاقة الذات بمحيطها وحاضرها المثقل بوخزاته وانكساراته، وبذلك يأتي الحكي في شكل محاضر، وما إعادة تشكيل عالم مختلف بناء على مسارات الحكي، وما يمكن أن ينبثق عنه من دلالات تتيح للمعنى أن يتشكل في ضوء حكي الفزع والفراغ.
10- محمد المصطفي:من الأسطورة إلى الخيال العلمي:"مسار في الشاطئ المتوحش" لمحمد ديب.
تتطرق هذه المداخلة إلى العالم الروائي لمحمد ديب من خلال روايته ( مسار على الشاطئ المتوحش ) وذلك من خلال النظر إليها عبر تمهيد أولي يرصد الرواية المغاربية المكتوبة باللغة الفرنسية وموقعها والإضافات المجددة التي ساهمت بها. ثم الرواية الجزائرية وتحققات الإبداع فيها .
في المحور الموالي ،مقاربة للرواية المجسدة لتوالد الأفكار والصور وتنوعها ضمن سياق مأخوذ بالحيرة والعجيب والتيه والاغتراب....انه نص يمتص أشكال وتقنيات متعددة منها الأسطوري والخرافي والفانتاستيكي عبورا إلى الخيال العلمي للتعبير عن شكل فني يحفر ويشكل دلالات تسير في اتجاه البحث عن الذات وعن الهوية.
11- يوسف ناوري: البناء الروائي في رواية "بوح الرجل القادم من الظلام".
اتخذت رواية "بوح الرجل القادم من الظلام" للروائي الجزائري إبراهيم سعدي بناء فنيا مفتوحا ومتعددا. مفتوح على الأزمنة والأمكنة؛ ومتعدد الشخصيات ومحافلها. يتعلق الأمر برواية اختارت العبور بالحدث في مسارين. أحدهما للتذكر والحكي، وثانيهما للمعيش والتفاعل. هذا دون أن نغفل عن حكاية وصول المحكي ذاته إلى الناشر عشر سنوات بعد كتابته (كحكاية ظهرت سنة 2015) هي في حد ذاتها إطارا للعمل الروائي برمته.. يفيد من تقنيات الرواية بالسند ويوثق للمحكي على غرار حكاية القصص عند القدماء.. في هذا تحصنت الرواية بالحكي وجعلت منه مطية التعرف والإضاءة. من خلاله كتبت خطابا تاريخيا له خصوصية الانتماء إلى الجزائر والشهادة على الأحداث التي عرفها البلد منذ الثورة إلى الخذلان. من التخلي عن المبادئ واحتضان الفساد إلى البحث عن الديمقراطية وفشل الخيار أو انقلابه إلى نفي للإنسان وسفك لدمائه.
لبنائها توسلت رواية "بوح الرجل القادم من الظلام" مجموعة من التقنيات والعناصر التي هيأت سردها- أزمنة وفضاءات ولغة ضمن:
- الحدث التاريخي في انتظامه وسيرورته.
- التخييل الروائي في متابعة الأحداث وتوليفها بالذاتي وبالحلمي.
- استلهام اليومي ضمن خطاباته العديدة حيث يتضافر الشعبي بالديني، الوطني بالقومي، الفردي بالجماعي..
- الانفتاح على لغات حكي مختلف المشارب والمستويات. يتماس فيه البسيط بالتراثي والمركب بالمحاورات.
12- محمد أمنصور: سلطة الحكي في أعمال محمد مفلاح
يكتب الروائي" محمد مفلاح" ما يمكن أن نصطلح على تسميته ب" الرواية الواقعية التشويقية" معتمدا في ذلك على سرد الأحداث بلغة شفافة تهيمن عليها الإحالة المرجعية على الجزائر وأوضاعها الاجتماعية والسياسية والنقابية. فالطابع الحدثي ـ الوقائعي الذي تتعاقب بمقتضاه الأفعال السردية يجعل من الخلفية التاريخية والاجتماعية والسياسية والنقابية مداخل لخلق عوالم روائية تتصارع فيها مصائر الشخصيات الروائية ذات النفس الواقعي ـ الاجتماعي.
في روايتي " الكافية والوشام" والوساوس الغريبة" يلاحظ هيمنة تيمات العشق والجريمة والكتابة..إلخ، وهي الموضوعات التي يتم اختبارها انطلاقا من شخصيات روائية تبنى وفق إيقاع متسارع في السرد قوامه الحذف والتكثيف والاختزال.
ثمة، أيضا، ما يشبه الحبكة البوليسية على مستوى البناء الروائي في روايتي محمد مفلاح بالنظر إلى الحضور المكثف لموضوعة الجريمة في صلب السيرورة الحدثية، مقرونة بعنصري الإلغاز والإثارة، وهي مميزات تدرج رواية محمد مفلاح ضمن مفهوم الأدب الروائي التشويقي القائم على التواصل مع أوسع شرائح القراء بعيدا عن أية حذلقة إنشائية أو نخبوية متعالية.
الجمعة 16 نونبر- صباحا: الجلسة الرابعة: ( س: 9.00) المحور: تخييل الذات في الروايةالجزائرية.
13- محمد غرناط: الشخصية النسوية في ثلاثية أحلام مستغانمي.
تدور هذه المداخلة حول المحاور الأساسية التالية ׃
- سؤال الكتابة
- سلطة السرد
- العلاقات المعقدة
- اللغة و الجسد
المحور الأول يتناول علاقة المرأة بالكتابة، وبصفة خاصة بالجنس الروائي كشكل تعبيري اختارته الكاتبة لتشخيص ذوات و أحداث وأسئلة تشغل فكرها و مخيلتها، و هي تحاول التقاط تفاصيل الكينونة،
و تجاوز العوائق لإعادة بناء تاريخ الذات والوطن، وإنتاج نص تؤسس فضاءاته و شخوصه بعيدا عن
أي سلطة مادية أو رمزية.
و المحور الثاني يدور حول الشخصية النسوية الساردة. و تتميز بتمظهرات متعددة، فهي مؤلفة وشخصية محورية وساردة منظمة للمحكي. وهذا يثير قضية أخرى تتعلق بحضور العناصر السير ذاتية التي دعمت هيمنة صوت المؤلفة الساردة، مما جعل منها شخصية محورية ووظيفية والمحكي يمر عبر وعيها.
والمحور الثالث يدور حول قضية من أهم القضايا المرتبطة بعلاقة الشخصية النسوية بالمكونات الأخرى للرواية .ونقول معقدة نظرا للتناقضات والأزمات التي تعيشها، وهي متعددة، وتتجلى من خلال علاقة المرأة بالرجل، و المرأة بالمرأة، والمرأة بالفضاء والمحيط الاجتماعي والمؤسسات. وتشغل الرغبة
موقعا أساسيا في هذه المعادلة ضمن ثنائيات ضدية مثل.. الحب/الكراهية، التحرر/الخضوع، الكلام/الصمت..وذلك في إطار الأدوار و الوظائف التي تؤطر أعمال الشخصيات.
أما المحور الرابع فيتناول قضية اللغة والجسد من منظور إخضاع اللغة لشروط الأنوثة في سياق
استعادة حق الكلام و تجاوز السائد المغلق. وهنا تعزز المرأة موقعها بامتلاك لغة تعكس تجاربها
النفسية والاجتماعية ضمن العلاقات الظاهرة والخفية بالجسد كما يعكسه الوعي القائم والممكن
من خلال مختلف مظاهر وتحولات الوقائع والأحداث.
وتتضمن المداخلة ملاحظات نقدية حول بناء و دلالة الشخصية النسوية و أثر ذلك على البناء
الفني العام لأجزاء ثلاثية أحلام مستغانمي..( ذاكرة الجسد.فوضى الحواس.عابر سرير).
14 - لطيفة لبصير: المحكي الذاتي وصنع الرواية الأسرية في رواية " بحر الصمت" لياسمينة صالح .
يسترجع السارد"سي السعيد"، عبر محكي ذاتي تنافري الماضي الذي عاشه من خلال قرية صغيرة تدعى"براناس"، والتي عاشت تحت نير الاستعمار الفرنسي، وأمام الأحداث التي مرت، يستعيد السارد بنوع من الفجيعة علاقته بابنته التي أبعدتها الحرب عنه، كما أنه يعيد نسج حكايات مرت في الزمن وينظر إليها عبر المسافة، ويرى أن الثورة بقدر ما تخلق أناسا شرفاء ، فإنها تخلق أيضا الشخصيات القذرة التي يراها في كل شيء، الأبناء غير الشرعيين الذين يعتبرون من مخلفات الاستعمار أيضا. مع انتقاد كبير للذات. تلك هي خلاصة الوضعية التي تشخصها الرواية والتي ستعمل المداخلة على تشريح علاقاتها.
15- جمال بوطيب: الاستعارة الجسدية: الذات والآخر والتاريخ في الرواية الجزائرية.
تنطلق المداخلة من ملاحظة مثيرة في أعمال واسيني الأعرج، وهي حضور ثنائية الذات / الجسد ، لاسيما أن الروائي يختار لمتونه السردية ذاتا / جسدا واحدا هو الذات الجزائرية، عبر مختلف تمظهراتها التاريخية المسجلة لمراحل زمنية متعاقبة من تاريخ الجزائر الحديثة. ففي سيدة المقام مثلا يظل الهاجس الأوحد للرواية فيها بينما تكون المدينة استعارة للجسد القاتل. إذ يقدمها الروائي على أنها " متقبل" لفعلي الإجهاز والتصحير المنفذين من طرف بني كلبون وحراس النوايا تنفيذا بالتعاقب.
ويظهر هذا البرنامج الاستعاري الجسدي الذي يعتمده الكاتب عبر سنن" المتقبل- المنفذ " ، أيضا في روايته " وقع الأحذية الخشنة " ، لكن هذه المرة من خلال ازدواجية المنفذ في حالات الفعل ومن خلال تحوله إلى متقبل في حالات تلقي الفعل. ف " ليلى " تسند إليها وظيفة التنفيذ في علاقتها مع السارد أو البطل تنفيذا استعاريا. بينما يكتفي العاشق بتلقي الخطاب البلاغي الجسدي وتقبله محاولا فك سننه، وحين يعجز عن فكه واقعيا يفكه استعاريا.
إن جسد" ليلى "الذات المنفذة المزدوجة يتحول إلى ذات متقبلة مرة؛ في حالة إيجاب، وأخرى في حالة سلب ، فيكون متقبلا في حالة إيجاب في علاقته مع السارد، ومتقبلا في حالة سلب في علاقة مريم بزوجها .
كما يشير إلى أن الرقص والموت، باعتبارهما ملمحين جسديين للذات، يسيطران على أعمال واسيني الأعرج الروائية، وقد حللهما من خلال عمل روائي واحد هو " سيدة المقام " الذي يظهر بجلاء علاقتهما التضادية ، معتبرا أن الرقص هو ملمح بلاغة كلامية والموت ملمح بلاغة صمت.
أما أهم محاور الاشتغال في هذه المداخلة فهي: في نقد السيرة، الذات الجمعية والجسد الخاص، الجسد المرجعي، تفحيل الجسد الأنثوي، الجسد المستعار، الرقص والموت، الوعي الجسدي، الوعي بالجسد في علاقته بالذات، الوعي بالجسد في علاقته بالآخر، الوعي الآخر بالجسد.
16- إبراهيم الحجري: رواية "تيميمون": أزمة الذات- أزمة الواقع الاجتماعي.
تنتمي رواية "تيميمون" إلى صنف الأعمال الروائية التي تنصرف إلى النبش في تفاصيل الذات المأزومة بحثا عن سر اللعنة الراسخة في الأعماق، وهي روايات ذاتية، في غالبيتها، تنزع نحو تشريح الذات، في جانب معين من خصوصيتها، تماما كما تفعل السير الذاتية، لكن بشكل أفظع أحيانا. ولعل رغبة الروائي الأكيدة في القبض على عوالمه المجردة الداخلية تجعلها يسلك هذا المسلك في رفع الحجب عن شخوصه وتشخيص مكامن الخلل في ذواتها الخبيئة التي تشكل بؤر توتر عميقة تؤثر على مسار هذه الشخوص في علاقاتها المتشعبة بالحياة، فيكون المعبر الأصلح بالنسبة إليه هو تقشير ذاته القريبة منه، أو جعل الشخصية الرئيسية تحل في شخصيته هو لتكون أقرب إليه، وليستطيع تحويل عصارة آلامها إلى كائنات مرئية. إنه ببساطة حينما يحول ذاته إلى شخصية يفسح ما أمكن لصور الآخرين وهم يعاركون واقعهم ومآسيهم بأن تلوذ بظله هنيهة حتى يمكنه القبض عليها ويستمع إلى جراحاتها التي تتأبى على فضحها. انطلاقا من هذه الفلسفة يركب رشيد بوجدرة صهوة متخيله الذاتي، ليعابث قسوة الواقع، وينشر على حبل الغسيل أمراض الذات وهي تهادن هذا الواقع أو تتمرد عليه بطرقها المتعددة. إن هذه الرواية الذاتية بقدر ما هي بوح جريح، فهي أيضا إعلان عن سخط ضد الوضعية السياسية والاجتماعية التي تعيش عليها بلاد المليون شهيد، ومثلما هي قاسية على الذات فهي قاسية أيضا على العالم بما في ذلك القارئ نفسه.
17- أحمد بلاطي: رؤية الذات في الرواية الجزائرية"امرأة بلا ملامح " لكمال كيلاني و "ذاك الحنين " للحبيب السائح
أنهت الرواية الحديثة المفهوم الكلاسكي للذات باعتبارها كلية متجانسة، فنقلت تشظياتها وانكساراتها؛ بفعل تشظي العالم الخارجي وشكلانيته المفرطة.
وإذا كانت الرواية الحديثة تسعى إلى هدم العالم و خلخلة تماسكه، فإنها تلغي الموضوع الذي بدونه لا تتحدد الذات. وهذا ما يؤدي بالروائي إلى التعويض عن هذه الخسارة، بتقنيات أخرى تعيد بناء العالم وترميمه، كي تبدو الذات في الوقت نفسه متماسكة؛ فباستعمال الأقنعة واللعب بالضمائر، والإيهام بالواقعي، والإيغال في استدعاء لغة الأحلام، يعيد القارئ بناء الذات نفسها وإعادة تشكيلها، انطلاقا من استراتيجيات التماثل والتقابل والتجاور.
- فكيف تبنى الذات في غياب الموضوع الواضح والمحدد في الرواية؟
- ما هي التصورات والرؤية التي تحكم بناء الذات في الرواية؟
- وما هي تجليات الذات؟
الجمعة 16 نونبر- صباحا: الجلسة الخامسة :( س : 10.30)المحور: تخييل الراهن في الروايةالجزائرية.
18- عبد الرحيم مؤدن: "الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء":سرد الكشف والاكتشاف.
لا يمكن فصل- والكاتب يصرح بذلك بوضوح تام- هذه الرواية عن روايتين سابقتين للكاتب هما: الشمعة والدهاليز والولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي. ثلاثية روائية تشترك في الكشف والاكتشاف: كشف الذات(الولي) واكتشاف العالم المحيط به، في الماضي والحاضر والمستقبل، خاصة أن نزول ظاهرة الخسوف الكلي على العالم العربي والإسلامي، سمح للولي بالتساؤل عما جرى، والدعاء طلبا للطف والرحمة- أو من جهة ثانية- رغبة في تشديد العقاب بحثا عن بديل طاهر ينسحب على الإنسان والزمان والمكان.
في الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء نلمس الطرائق(الأساليب) السردية التالية:
أ- أسلوب كراماتي يساير شخصية الولي الحاضر الغائب. الحاضر في كل زمان ومكان. زمنا: هو أني"قرون وقرون ولكن لا يعلم في أي زمن هو الآن."(الرواية، ص.19) ومكانا:"يذرع العالم العربي من المحيط إلى الخليج غاديا بسرعة البرق ويضرب في عمق التاريخ نازلا صاعدا كالكرة المتقاذفة بجاذبية قوية، وبنفس السرعة."(الرواية، ص.21.) والكرامة كما هو متداول، لا تأتمر بأوامر المنطق، بل إن منطقها هو تعارضها مع العادي والطبيعي، ومتحها من الخارج، مما ولد عجائبية السرد والشخصية والحدث، فضلا عن المكونات السردية الأخرى.
ب- أسلوب الروبورتاج الصحفي والعالم في الرواية شاشة كبيرة- معجما وخطابا اعلاميا، ساهم في بناء النص من خلال خصائص محدودة(التكثيف، التقريرية، أو المباشرة...) منحته إيقاعا مميزا(السرعة والقدرة على الانتقال من موضوع إلى آخر...) وتحولات في الحدث والدلالة.
ج- أسلوب السرد الكلاسيكي، وفي يختفي السارد وراء زاوية النظر التي تسمح بمسح بانورامي للعالم العربي والإسلامي، دون أن يمنع ذلك من وجود محطات تبئيرية كانت تعود بين الفينة والأخرى، إلى الولي من جهة، وتقف من جهة أخرى، عند ظواهر محددة(فلسطين، العراق، النفط، الوحدة الإفريقية، اللغة العربية، الأمازيغية....)
وعبر الأساليب السردية الثلاثة تحلقت خصائص سردية أخرى من سحرية وسجال...انتشرت في النص بأبعاد مختلفة.
19- لحسن حمامة: الراهن الجزائري روائيا.
تروم هذه المداخلة رصد تفاعل الفني والسياسي من خلال الكتابة الروائية على اعتبار أن الرواية الجزائرية المعاصرة لم تنزح عن الإطار الإيديولوجي ونقد الواقع الجزائري الراهن وإبراز تناقضاته ومفارقاته. وهو الأمر الذي قاد لحسن احمامة إلى إدراج الروايتين في ما سماه بالواقعية النقدية التي ترصد تناقضات الواقع ومفارقاته مع الإشارة إلى اختلاف الروايتين من حيث البناء الفني فرواية دم الغزال رواية تنزع نحو التجريب اما رواية جرس الدخول إلى الحصة فهي رواية تقليدية من حيث البناء.
20 - سعيــد زيـــدون :قراءة في رواية الهجمة لياسمينـة خضــرا
تستمد الرواية وقائـع أحداثها من قصة طبيب جراح فلسطيني، الدكتور أمين جعفـري، يعيش مع زوجته الفلسطينية سهـام في تل أبيب. يحمل أمين جعفري الجنسية الاسرائلية ويشتغل في مستشفى بنفس المدينة.
أمين يحب عمله لدرجة لا تتصور، وزملاؤه وأصدقاؤه يكنون له كل الاحترام والإعجاب.
رغم العنف وما يجري في الأراضي المحتلة، فالدكتور أمين يمثل رمـزا ناجحا للاندماج في المجتمع الإسرائيلي.
كل شيء كان على ما يرام إلى أن فجر شخص نفسه في مطعم من مطاعم تل أبيب. بعد ذلك شهد المستشفى حركة غير اعتياديـة وبـدل أمين كل مجهوداته في إسعاف ضحايا الانفجار. من سوء حظ الدكتور عثر على جثة زوجته ممزقـة وسط الجثث الأخرى.
بعد ذلك أشارت الشرطة بأصابع الاتهام إلى سهـام زوجة الدكتور بوصفها المسؤولة الأولى عن الانفجار. حققت الشرطة مع أمين لتخلي سبيلـه فيما بعــد.
وهنا تبدأ رحلة الدكتور في البحث عن الحقيقة. لماذا اختارت زوجته هذه الطريق علمــا بأنها حسب نظره تعيش حياة سعيـدة لا ينقصها أي شيء.
في أسلوب سردي وصفي دقيق تتطرق الرواية إلى مواضيع أو محاور مهمة كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الاندماج، الإرهاب، الـذل، الشرف، الخيانة، التطرف والاعتدال .... كل هذا من خـلال شخصيات نسجها الكاتب مزجت بين اليهود والعرب، المتطرف والمعتدل، الشباب والشيوخ......
21 - مريم حريزي :"نجم الجزائر" لعزيز شواكي.
قصة للكاتب الجزائري عزيز شواكي وفيها يروي رحلة مزيان او موسى الشاب القبائلي نحو‘نجم الجزائر'النجومية العالمية. في أسلوب وصفي متميز يرصد شواكي من خلال أعين وصوت موسى جزائر التسعينيات من القرن الماضي.
بخطى حثيثة يسير موسى نحو شهرة محلية تؤمن له الاستقرار المادي والعاطفي، حين تتزوج حبيبته من قريبها، وتتفجر أحدات سياسية واقتصادية تعصف بحياة موسى، ويضيع في عالم الخمر و المخدرات.
تتوالى الأحداث و تصبح أكثر تعقيدا لتجعل من موسى عاشق الغناء إلى' نجم 'من نوع آخر.
لا تخلو قصة 'نجم الجزائر' من مفارقات و محاور و هموم تتعدى حدود البلد الواحد لما فيها من تعبير عن هموم و طموحات و أحلام وإحباطات الشباب في الدول العربية عامة، و في شمال إفريقيا على وجه الخصوص.
الدكتورة شادية شقروش
كلية الآداب اللغا ت
قسم الأدب واللغة العربية
جامعة العربي التبسيي/تبسّة /الجزائر
صراع الخطابات بين عبث الواقع وانبعاث الحقيقة.
في رواية "كرّاف الخطايا لعبد الله عيسى لحيلح"
"عشرات العيون تكاد تزلقه، وعشرات الألسنة تسلقه كالمبارد النهمة،فكّر أكثر من مرة أن يعود إلى سابق عهده وعقله،فمن الصعب أن يسبح الأعزل عكس التيار،ومن الصعب أن تعيش متأبطا الحرية بين قطعان العبيد، ومن العسير أن تنظر بعيون القلب،وأن تضع عمرك تحت تصرّف الضمير،عندها سوف تمضي على حوافي الجمر، في ظل المشانق،بين سعار الخناجر الصدئة ،أن تكون حرّا معناه أن تكون قريبا من التهمة ، قريبا من الإدانة، قريبا من الموت بمنظور العبيد"
((كرّاف الخطايا ص76))
تلك هي نظرة السارد الذي يروي حكاية بطله "منصور"،الذي عاش ردحا من الزمن عاقلا بين المجانين ،أو قل مجنونا بين من يسمون أنفسهم عقلاء،ولكن ما يقومون به من عبث في الواقع، هو الذي جعل هذا المتظاهر بالجنون يكشف حقائقهم ونفاقهم ويمزق عنهم كل الأقنعة ،لأنهم يتحثون أمامه كل شيء بحكم أنه مجنون في نظرهم .
أستطاع" عبد الله عيسى لحيلح"أن يجذب انتباهنا من خلال جهاز لغوي ساطع محمّل بطاقة انفعالية رهيبة في روايته الموسومة بـ:"كرّاف الخطايا" التي تتقاطع فيها النصوص والذاكرة والكتابة مع الواقع، ويتفاعل فيها العقائدي والفلسفي والأدبي والحاضر والماضي والمستقبل، لتشكل لحظة تأويلية، تخبر بما حدث وما سيحدث في الجزائر كلحظة استشرافية تسعى لخلق الصورة الكلية والتاريخية للإنسان ،ويصبح المبدع كالكاهن وتصبح الكتابة"وشاية لسرّ يتشكل في الخارج ،ويختزن حاجز الصمت والألم"،بل مضاعفة وعينا وإدراكنا للألم ذاته،فتتحول الكتابة إلى متعة ، وتشركا لنا في ألم الذات يروي من خلالها الروائي وفق منظور تأملي مأساوي تاريخ وطن خرمت كاهله الصراعات.
يحوّل الروائي من خلال كتابته للواقع والتاريخ اللغة ويشكلها وينقلها من"وضع دال إلى وضع تنتظم فيه من جديد لإنتاج كون رمزي ذو دلالات أخرى بتنظيم الواقع والأيديولوجيا عبر كفاءة التخييل؛أي التحويل والتفكيك والبناء الصوري،وبالتالي يعرضها ويخرجها ككون متناقض يمثل الواقع والتاريخ في تناقضاته وصراعاته.
لا يستقر النص الروائي على حال ؛لأن مبدعه يقع تحت "سيل عارم من المادة الروائية التي تنتظر منه أن ينظّم اندفاعها الغزير، ويقاوم عودة المواد المهملة، وهذا مل يجعل بداية الرواية وخاتمتها مسألة اختيار صعب؛لأنهما مرتبطتان ترابط الحياة والموت"، ولكن السبيل إلى إبداعية الرواية وشعريتها، يكمن في تنظيم غزارة مادتها، وحسن الاستفتاح والختام، الأمر الذي يجعل القارئ يتقصى بشوق كل العوالم التي ينطوي عليها الكون التخييلي.