لَكأنّ ناطق خلوصي شَقَّ على نفسِه حدَّ أنه أراد أن ينطِقَ بما سكتَ عنه الآخرون !
بعد " أبواب الفردوس " التي تتعامل مع فترة الحصار وعقابيل الكويت ، تأتي روايته " اعترافات زوجة رجلٍ مهم "
( دار ميزوبوتاميا - بغداد ) 2015
عديد الصفحات : 247
لتجهرَ بالمسكوتِ عنه في هذه الفترة من زمن نذلٍ نزا فيه الأنذالُ على البلادِ وأهلِها .
ناطق خلوصي يواصلُ، في ظروفٍ بالغةِ الشدّة والخطر، مأثُرةً للرواية العراقية الأصيلة، رواية غائب طعمة فرمان ومهدي عيسى الصقر وفؤاد التكرلي، في أن تظلّ شاهداً عدلاً ...
اليوم، زمن الكتّاب الجواسيس، ذوي الجوائز التي تقدّمُها أجهزةُ المتروبول .
الرواية : اشتُمْ شعبكَ . قُلْ إن المرأة محرومةٌ من معاشرة المرأة . إن المناويك مضطهَدون . إن دين العرب غيرُ الإسلام .
قُلْ إنك تكره حتى اسم العراق .
قُلْ إن العراقيّ المسكين، لا القنّاص الأميركيّ، هو فرانكشتاين بغداد ...
إلخ إلخ إلخ ممّا يعرفه نجم والي وسواه جيّداً .
*
ناطق خلوصي، اختار السبيل الوعرَ:
مادّة الرواية : العراق المستعمَر .
حبكة الرواية : التناوبُ بين سيرورة الأحداث ( الراوي )، ومذكرات السيدة شهد عبد الله مصطفى .
*
فاخر، متديّنٌ محتال، يغوي شهد، ويتزوّجُها، ليستخدمها في مآربه، ومن بينها أن يكون نائباً، ورئيس هيئة المستشارين
في ديوان رئيس مجلس الأمناء ( اقرأْ الوزراء)، سلطان أبو صماخ، الذي تقود ملامحُه إلى نوري المالكي تحديداً .
شهد عبد الله مصطفى ( وهي من عائلة شيوعيّة ) تستمريءُ هذه الحياة بما فيها من تبذُّلٍ وابتذالٍ وهدايا ومفاجآت، وتهبطُ بها هذه الحياةُ إلى الحضيض .
لكنها تتمرّدُ في نهاية الأمر، وتغادرُ تلك الحياةَ، بل تغادرُ العراقَ، طلباً للحرية والكرامة، ورغبةً في أن تحيا حياةً نظيفةً
مع من أحبّتْ : نادر الحلبي، في دمشق .
*
في " اعترافات زوجة رجل مهمّ "، يستمر ناطق خلوصي، في إخلاصه للّغة المحايدة، وللسرد باعتباره العمود الفقريّ للعمل الروائيّ، وللإيهام ببراءة الراوي ممّا يرويه .
لكنّ الإنتقائية العالية للأحداث والأشخاص والمصائر، تضع البراءة في موضعِها الفني، مهارةً، لا مسْلكاً مختاراً .
*
لديّ ملحوظةٌ أحرصُ على أن أُبْدِيها :
أزعُمُ أن القصدية الواضحة في اختيار الأشخاص، وتحريكهم عبر العمل، أنتجتْ نمطيّةً ما في هؤلاء : فاخر . شهد.
سلطان أبو صماخ . شرهان . نافع ... إلخ .
وإن جاز لي أن أبني على هذه الملحوظة، استنتاجاً معيّناً، فهو أن النمطية هذه حدّتْ من طلاقة الكاتب في أن
يرسُمَ لنا، وللرواية ، ملامحَ حياةٍ يوميةٍ، عاديّةٍ، للناسِ، في الشارع .
*
تحيّتي وتقديري لناطق خلوصي، كاتباً حرّاً ورجلاً، في آنٍ عَزَّ فيه الرجلُ والكاتبُ الحُرُّ .
لندن 14.06.2015