(ملاحظة: رايت من المناسب نشر القسمان الأول والثاني سوية، لفائدة متابعة حدث هام في التاريخ الفلسطيني. وكنا قد نشرنا القسم الأول قبل فترة طويلة نسبيا. وصعوبة هذه المواد انها تعتمد عشرات المراجع ، من مصادر يبينها بالتفصيل الباحث الياس سليمان، وهي مصادر تثير الانطباع بدقتها لأنها تخلو من التعابير العاطفية ومحاولات تبرير الحدث مهما كان نوعه او وقعه، حتى في الحديث عن المجازر التي ارتكبتها الهاجاناة او الايتسل نجد اعترافات تثير القشعريرة وبالغة الدقة ولا تبرر الحدث بل ترويه بكل ملابساته وبشاعة الجريمة المرتكبة ، من هنا اهمية وخصوصية ابحاث د.الياس سليمان-القسم الأول من المقال في نهاية القسم الثاني -
يأتي هذا البحث ليكمل الجزء الاول من المقال الذي تم نشره في مواقع عدة وفي دول مختلفة تحت عنوان " الساعات الاخيرة في حياة عبد القادر موسى كاظم الحسيني ". وكما في الجزء الاول اعتمدت في الكتابة على ابحاث وكتب الدكتور اوري ميلشطين , المؤرخ والباحث العسكري لحروب اسرائيل, على المقابلات الشخصية التي اجراها مع بعض القادة العسكريين الذين اصدروا الاوامر واشتركوا بالعمليات في معركة القسطل وعلى الارشيف الصهيوني المركزي , ارشيف البالماح, ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي وعلى المصادر والوثائق الاولية.
وكتب ميلشطين " ارسل الجندي يوحنان زرزير من نقطة المراقبة في باب الواد خبرا الى يوسف طابنكين مفاده " سيارات مليئة بمقاتلين عرب تسافر من الرملة باتجاه قرية صوبا لمهاجمة القسطل " كما ووصلت الى طابنكين اخبار من القدس جاء فيها " احتمال لهجوم عربي كبير ". وصرح الياهو اربيل ضابط العمليات في كتيبة عاتسيوني انه طلب من طابنكين ان يرسل مساعدة من الرجال والعتاد وبشكل عاجل الى القسطل ولكن دون جدوى .
قرابة 1200 محارب عربي ( عدد كبير في مفاهيم تلك الايام ) حمل السلاح والهراوات وكل ما وقعت عليه ايديهم وانطلقوا لإنقاذ عبد القادر الحسيني من ايدي اليهود . لم تجد وحدة المشاة العسكرية اليهودية طريقا للحوار او للمفاوضات مع القادة العرب لتسليمهم جثة عبد القادر الحسيني لدفنها . اقترح ميخائيل هافط (الملقب ميكي وينتمي الى البالماح ) لغازيت ما يلي " وضع جثة عبد القادر الحسيني في مكان مرتفع ومرئي حتى يستطيع العرب تشخيص الجثة ليفهموا ان قائدهم ليس اسيرا وبهذه الطريقة يأخذون الجثة " , رفض غازيت الاقتراح .
في الساعة العاشرة من صباح يوم 9 ابريل 1948 كثف العرب هجومهم على القسطل, رفض بعض الجنود اليهود من الوحدة التابعة لغازيت الخروج من مخابئهم الى مواقعهم . بعض الجنود امتثلوا للأوامر بعد ضربهم من قبل ضباطهم, العديد منهم غفا ونام من شدة التعب, قسم اخر اطلق النار بشكل عشوائي .
نقصت الذخيرة في المواقع الدفاعية, قام غازيت بإعلام طابنكين بما يلي " اذا لم تصلني الذخيرة سأقوم بالانسحاب والتراجع ", فأجاب طابنكين " سنرسل الدعم عندما نقرر , في الوقت الراهن يوجد في القسطل عدد كاف من الجنود لصد الهجوم ".استشاط غازيت غضبا وتفوه بكلمات وجمل قاسية جدا, عندها قال له طابنكين " ستخرج وحدة الدعم العسكرية حالا ".
بعد نصف ساعة تقريبا, اتصل غازيت مرة اخرى بالقيادة العامة للبالماح مستفسرا عن الدعم العسكري له , وكان الجواب " تعطلت المصفحة العسكرية " , تعجب غازيت وقال " هل هذه اكذوبة اول نيسان " واصر غازيت على اهمية الدعم والمساعدة بسبب الهجوم العربي, اجابه طابنكين " ستصل المساعدة اليك الساعة 13:30 من بعد الظهر" . فقد غازيت الامل بالمساعدة وغفا من تعبه ويأسه خلال المعركة وانتظر الموت .
ازداد الهجوم والضغط العربي على القسطل باتجاه قبر الشيخ وبيت المختار من الجهة الجنوبية , وصرح جدعون غلوبوس احد الجنود وقال " وصل المقاتلون العرب الى مسافة 50 مترا منا, فاق عدد المقاتلين العرب عدد المقاتلين اليهود, قررت وحدة المشاة التابعة لمنظمة الهاجاناة الانسحاب والهروب من قبر الشيخ ".
بعد ساعتين من بدء الهجوم اصبح وضع غازيت ورجاله يائس وحرج, لأنه علم بان ضواحي منطقة القسطل مليئة بالمقاتلين العرب , وقامت مصفحات عسكرية ( استولى عليها العرب من اليهود في معركة النبي دانيال قرب بيت لحم , وقعت يوم 27 مارس 1948 عندما خرجت قافلة مكونة من 37 شاحنة و14 مصفحة من القدس لتزويد غوش عاتسيون المحاصرة من العرب بالذخيرة والمؤن , علم المقاتلون العرب بالأمر ونصبو كمينا وانقضوا على القافلة عند عودتها وكانت النتيجة قتل 14 جنديا وجرح 40 والاستيلاء على بعض المصفحات العسكرية ) بدوريات على الطريق المؤدي الى قرية صوبا.
اطلقت المصفحات النار باتجاه وحدة الجنود التابعة للبالماح والتي كانت تحت قيادة الضابط ناحوم اريئيلي ( 1927 - 1948 ) , قرر اريئيلي ان يتمركز في البيوت الشمالية من القسطل . حاول الياهو الياب ( جندي في البالماح من مواليد 1925 ) والياهو كوهين ( عضو في منظمة الهاجاناة ,1901- 1948 ) حماية بعض الجنود الذين حاولوا تسلق التلة بهدف الوصول الى القسطل .اصيب القادة اريك مندل (من البالماح ,1925-1948) وموشية بربار ( الملقب مويشكيه ,من البالماح , 1929- 1948 ) وبعض الجنود من رصاص المهاجمين العرب , قام المسعف شلومو شخطر بتقديم الاسعاف الاولي لمندل وعند قيامه بعمله اصيب هو الاخر بعيار ناري , لم يتمكن الجنود اليهود بنقل جرحاهم الى مكان امن بسبب اطلاق النار الكثيف من قبل العرب ,حاول اريئيلي وجنوده صد الهجوم العربي ولكن دون جدوى.
دخل المقاتلون العرب القسطل من الجهة الجنوبية, انهار خط دفاع القوات اليهودية لحظات قبل ان يستلم اريئيلي زمام الامور وكان ذلك بسبب سوء التفاهم بين مقاتلي كتيبة عاتسيوني التي تمركزت في بيت المختار وبين مقاتلي البالماح الذين اتخذوا من قبر الشيخ مقرا لهم. انسحبت قوة البالماح الى مواقع دفاعية خلفية, عندما رات وحدة المشاة - عاتسيوني - ذلك اعتقدت ان جنود البالماح ينسحبون ويتراجعون فقاموا بالعمل نفسة وبهذا تكون قد انهارت كليا خطوط الدفاع اليهودية.
استولى العرب على بيت المختار وفصلوا المنطقة بين قبر الشيخ والبيوت الاخرى. وصرح يوسف شاحار ( الملقب توسكي ,من البالماح 1926 - 2010 ) " فجأة خيم الصمت, رأيت الكثير من العرب, مثل الذباب , عندها فهمت سبب ذلك الصمت . احتل العرب القسطل , وابتدأوا بالاحتفالات وكنت قريبا منهم. لم اعرف طرق القرية , هربت الى البستان - منحدر التلة - وهرب معي بعض الجنود من وحدتي ومن وحدة المشاة ".
وصلت اخبار احتلال القسطل الى القدس العربية , فرحت الجماهير وتم اطلاق النار في الهواء وتناقلت الاخبار بان العرب اسروا 1050 يهودي . واصدرت اللجنة العربية العليا بيانا جاء فيه : " القسطل في ايدينا, تم اسر كل اليهود ". عندما وصل نبا مقتل عبد القادر الحسيني انقلبت الفرحة والبهجة الى حزن وعزاء .تم احضار جثة عبد القادر الحسيني يوم الجمعة التاسع من ابريل 1948 الى باب الساهرة في القدس ,حشود غفيرة سارت وراء نعشه الذي تم لفه بعلم الرابطة الاسلامية , وقد شارك في المراسم قادة عرب, وجهاء, رجال اعمال ,قناصل وممثلين عن دول عربية وضباط عن الفيلق العربي الاردني . وارسل الحاج امين الحسيني من مصر كلمة الرثاء التي جاء فيها , " من قبلك مات كامل حسنين (قائد المتطوعين المصريين ), اليوم مات عبد القادر, غدا اموت انا, شيء واحد لا يموت, فلسطين ". اطلقت المدفعية احدى عشر طلقة تحية احترام, وبعد صلاة الجنازة في المسجد الاقصى تم دفن جثمان عبد القادر الحسيني بجانب ضريح والده موسى كاظم الحسيني في باب الحديد في باحة الحرم القدسي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الساعات الاخيرة في حياة عبد القادر موسى كاظم الحسيني
بقلم الدكتور الياس عفيف سليمان
قرات الكثير من الكتب والمقالات عن النكبة ,التهجير ,التشريد والشتات, ولكن وللأسف الشديد لم اجد أي ذكر لهذه المعلومات القيمة والمهمة, كما هي الحال في المقالات السابقة, والتي سأقدمها للقارئ.
احاول من خلال هذه السطور ان القي الضوء وبشكل موضوعي, عقلاني وعلمي على ادق واهم التفاصيل غير المعروفة للكثيرين والتي وقعت في معركة القسطل ( وقعت في جبال القدس بين قوات الهاجاناة والقوات العربية ما بين 3 - 9 ابريل من العام 1948 تكبد بها الطرفان خسائر كبيرة وانتهت بانسحاب القوة العربية وفتح طريق المواصلات, ولو بشكل مؤقت الى القدس ) وعن اخر الساعات واللحظات في حياة عبد القادر الحسيني (1907 مصادر اخرى 1910- 1948 ).
اعتمدت في كتابة هذا المقال على الوثائق والمصادر الاولية والمقابلات الشخصية للقادة العسكريين والسياسيين الذين اداروا العمليات واصدروا الاوامر وبالتحديد على الارشيف الصهيوني المركزي, يوميات دافيد بن غوريون, ملف الشهادات والافادات عن حرب الاستقلال, ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي والمقابلات الشخصية التي اجراها المؤرخ والمتخصص في حروب اسرائيل الدكتور اوري ميلشطين والتي جاء على ذكرها في كتابه " تاريخ حرب الاستقلال " المجلد الرابع الصادر باللغة العبرية في العام 1999 .
وبحسب رواية الدكتور ميلشطين انه في فجر يوم الخميس 8 ابريل 1948 وقعت واقعة في القسطل: سقط قتيلا قائد القوات العربية في منطقة القدس عبد القادر الحسيني والذي اتخذ من بير زيت مقرا لقيادته الرئيسية ومن بيت جالا مقرا لقيادته الثانوية , شغل والده موسى كاظم الحسيني منصب رئيس بلدية القدس في العهد التركي وحتى بداية عهد الانتداب البريطاني (1917) وكان من زعامة وقادة الحركة القومية الفلسطينية.
في يوم الاربعاء 7 ابريل 1948 قررت القيادة العامة في مقر القيادة الرئيسية في بير زيت وعلى راسهم عبد القادر الهجوم والانقضاض ليلا على قرية القسطل, طلب مقر القيادة الثانوية في بيت جالا من عبد القادر عدم المشاركة شخصيا بالهجوم ولكن دون جدوى. وقال عبد القادر لمعاونه بهجت ابو غربيه ( هو بهجت عليان عبد العزيز عليان ابو غربية ولد في خان يونس في العام 1916 وتوفي في عمان - الاردن في العام 2012 ) " لقد قاموا بخيانتنا, الشي الاخير الذي رأيته في مطار دمشق كان مخزن الاسلحة المعد لفوزي القاوقجي, نستطيع ان نسافر الى العراق للعيش بها متسترين ومتخفين, نستطيع ان ننتحر ونستطيع ان نموت هنا, سأخرج الى كسارة صوبا ( قرب القسطل) وامر القائد ابراهيم ابو ديه ( من قرية صوريف قضاء الخليل , 1919-1952 ) : " ارسل لي سيارتان مصفحتان مع مقاتلين ليلتقوا بي في الكسارة, سنعود ونحتل القسطل ( من اليهود ) وساقف على راس المهاجمين ".
في صباح يوم الخميس 8 ابريل 1948 اصدر القائد ابراهيم ابو دية امرا بمهاجمة القسطل فقامت القوى العربية بإطلاق النار من الرشاشات وبإطلاق قذائف الهاون, واستطاعت وحدة عربية من خبراء المتفجرات ان تصل حتى مقر القيادة اليهودية لتضع الالغام لتفجيره, علمت القوة اليهودية بالأمر واستطاع غزيت ( هو مردخاي غزيت الملقب موطكه ولد في إسطنبول في العام 1922 وشغل منصب ضابط المخابرات في الهاجاناة وكان من قادة الهجوم على القسطل ) وسلمن (وهو يعقوب سلمن ولد في بولونيا في العام 1926 كان عضوا في الهاجاناة وشغل منصب قائد الكتيبة الاولى في فيلق المشاة ) من تفكيك وابطال المتفجرات , انسحبت وحدة خبراء المتفجرات العربية من الطريق القريبة من بيت قبر الشيخ ( احد المجاهدين في القسطل ) الذي اتخذتة وحدة من البالماح مقرا لها. موشية كتسنلسون الذي جلس في موقع محصن لحماية الوحدة اطلق النار. وجاء في تقرير يوسف طابنكين ( الملقب يوسفليه 1921 - 1987 ومن قادة البلماح ) " مات اثنان من الفرقة العربية من نيران كتسينلسون اما الثالث فقد استسلم وطلب الرحمة ولكن رجالنا قتلوه ( اعتقد طابنكين عند كتابة تقريره ان الرجل الثالث كان عبد القادر الحسيني لكنه اخطأ ) اقترب مقاتلون عرب الى المواقع اليهودية المتحصنة في القسطل وصرخوا باللغة العبرية " נהרוג אתכם " ( سوف نقتلكم ) ,قائد وحدة المشاة اصيب اصابة بالغة " .
في يوم الخميس 8 ابريل 1948 وقبل بزوغ الفجر توجه الى قرية القسطل عبد القادر الحسيني ومعه نائبه كامل عريقات ( ولد في قرية ابو ديس قرب القدس في العام 1906 وتوفي في عمان - الاردن في العام 1984 ) ومساعده عرفات (استنادا الى بعض المصادر كان ذلك ياسر عرفات 1929 - 2004 ). ويستشف من افادة وشهادة يسرائل ناتاح ( احد قادة البالماح ) ما يلي : " توجه عبد القادر الحسيني الى قرية القسطل بعد اعلامه بان وحدة عسكرية عربية تنوي ترك موقعها وكان هدف عبد القادر منعها من الانسحاب " ولكن وبحسب رواية اخرى في الارشيف ان عبد القادر الحسيني انتظر حتى يسمع صوت انفجار مركز قيادة البالماح في القسطل ولما لم يسمع ذلك قرر صعود التلة لمعرفة السبب, في الساعة الرابعة صباحا وصل عبد القادر وكامل وعرفات الى قمة التلة وسلكوا الطريق بين بيت المختار وبيت قبر الشيخ, ومن مسافة 30 مترا تقريبا انتبه اليهم وحدد موقعهم الرقيب اول مائير كرميول ( 1923 - 1948 اللافت للنظر انه لاقى حتفه بنيران القوة العربية ساعات قليلة بعد مقتل عبد القادر ) الذي افاق للتو من غفوته من على شرفة بيت المختار, اعتقد كرميول ان المجموعة القادمة باتجاهه هي فرقة متعقبي الاثر التي اتت من كريات عنابيم للمساعدة ( كريات عنابيم : كيبوتس في منطقة القدس تأسس في العام 1920 ). فصرخ باللغة العربية وقال " تعالوا يا جماعة " وكانت تلك كلمة السر العسكرية ,اعتمر كرميول خوذة حديدية ولبس الزي العسكري البريطاني ولهذا السبب اعتقد عبد القادر انه جندي بريطاني هارب ومتملص من الخدمة وقال له بصوت عال وفي اللغة الانجليزية " Hello Boys " بما معناه " مرحبا شباب " .
تواجد قرب بيت المختار سلمن وغزيت , صرخ سلمن بأعلى صوته وقال " مائير هؤلاء عرب " فهم مائير القصد واطلق النار من رشاشه باتجاه عبد القادر ومن معه , اصيب عبد القادر ووقع ارضا, هرب عريقات وعرفات , اقترب سلمن وغزيت ومسعف الوحدة من المصاب وهمس المصاب بكلمتين في اللغة الانجليزية : "water,water" قدم المسعف الماء للمصاب وحاول مساعدته لكن دون جدوى لأنه فارق الحياة.
لم يعرف سلمن وغزيت وكرميول ومن معهم من هو القتيل , لكنهم انتبهوا لملابسه الانيقة ولرشاشه الامريكي الصنع ولقبضة يد مسدسه المصنوعة من العاج, للساعة الذهبية في يده, للقلم الذهبي والوثائق في جيوبه ومنها : رخصة سياقة صادرة في مصر تحمل الاسم عبد القادر سوليم ,نصف ليرة فلسطينية, قرأن بحجم صغير, شهادة تطعيم ضد عدوى الكوليرا مختومة في معبر قناة السويس, تقرير عن محادثه مع القنصل الامريكي في القدس, خطة وبرنامج لمهاجمة جبل سكوبس او راس المشرف ( هاتسوفيم ) بالقدس . ساد الاعتقاد ان القتيل شخصية عربية مهمة .(بعد اتفاقية السلام مع مصر حاول عوزي نركيس 1925 - 1997 والذي شغل منصب نائب قائد الكتيبة التي احتلت القسطل اعلام السيدة وجيهة ارملة عبد القادر الحسيني الساكنة في مصر انه مستعد لتسليمها القرآن الذي وجد بحوزة زوجها لكن دون رد من قبلها ).
وصرح جدعون غلوبوس قائد الكتيبة الرابعة في البلماح بما يلي: "جاء مائير كرميول الى قبر الشيخ وقال لرجال البالماح " قتلت واحدا مهما, هذه الوثائق, اخذت منه مسدسه". في ساعات الصباح الباكر ارسل غزيت برقية الى طابنكين ولشالتيئيل ( دافيد شالتيئيل ,1903 - 1969 , قائد الفيلق عاتسيوني الذي ادار العمليات والمعارك العسكرية في منطقة القدس ). جاء فيها : " نفذت الذخيرة, ارسلوا جنودا لتبديلنا " في برقية اخرى وبفارق وقت قصير من البرقية الاولى كتب غزيت الى القيادة العامة ما يلي : " قتلنا عربي محترم, اسمه عبد الجابر (هكذا كتب الاسم ), وجدنا معه مسدسا جميلا, قام مسؤول الاتصالات نفتالي هرئيل بإرسال فحوى البرقية الثانية الى مقر قيادة شالتيئيل بالقدس.
في الساعة 10:30 من صباح يوم الخميس 8 ابريل 1948 ارسل قائد اللواء شالتيئيل برقية الى يدين ( هو يغئال يدين الملقب سوكنيك 1917 - 1984 ,شغل منصب رئيس قسم العمليات في الهاجاناة والجيش ,بعد قيام الدولة شغل منصب الرئيس الثاني لهيئة الاركان العامة ) مفادها : " قتل عربي في القسطل على مقربة من مقر القيادة, قصفنا تجمعات العدو بكثافة وبدقة ,كانت الاصابات مباشرة, يطلق القناصة العرب النار منذ الصباح ,لم نتكبد خسائر".
في ساعات ما قبل الظهر من ذلك اليوم وصل خبر اختفاء عبد القادر الحسيني الى مقر وحدة المخابرات العامة في قيادة الهاجاناة في القدس. اتصل رجال المخابرات وقيادة اللواء بمردخاي غزيت وسألوه ماذا يعرف عن الموضوع, عندها فهم غزيت من هو ذلك العربي. اتصلت قيادة اللواء بقائد العمليات في البالماح ميخائيل هافط ( الملقب ميكي ولد في القدس في العام 1922 ويسكن في حيفا ) وطلبوا منه احضار الجثة. قام هافط بإعلام غزيت بالأمر وطلب منه نقل الجثة الى مقر القيادة العامة في القدس. اجاب غزيت "هذا مستحيل, القناصة العرب يطلقون النار ".
انطلق هافط ويغئال ارنون (ولد ارنون في تل-ابيب في العام 1929 - ) قائد فصيلة بسيارة عسكرية مصفحة مليئة بالذخيرة متوجهين الى القسطل, في هذه الاثناء استلم يعقوب سلمن من مقر قيادة شالتيئيل بان يرسل جثة عبد القادر الحسيني في مصفحة عسكرية الى القدس مع بعض المصابين, رفض جنود سلمن الامتثال للأوامر وقالوا " لماذا علينا ان نعرض انفسنا للخطر؟ هذا غير وارد " ( تخوفا من هجوم عربي محتمل ), حتى المصابين لم يوافقوا على السفر في سيارة تنقل جثة وعادت السيارة العسكرية المصفحة من القسطل الى القدس بدون جثة عبد القادر الحسيني.
بعد ذلك, جرى اتصال من مقر القيادة اللوائي في القدس الى طابنكين جاء فيه : " قتل عبد القادر, العرب ينظمون "فزعة " من الخليل وحتى نابلس, الجماهير العربية مدججة بالسلاح يتجهون بزحف بشري الى باب الواد - المسمى بالعبرية شاعار هغاي - من اللد والرملة, ويتجهون بسياراتهم الى منطقة القسطل ضاربين طوقا من الجنوب , الحشود العربية تصيح " اعدائنا يحاصرون عبد القادر " التلال من حول القسطل مزروعة بالرجال.....
بسبب طول المقال رأيت انه من المناسب والمستحسن ان اتوقف الان . اما بالنسبة لما حصل بعد ذلك وعن طريقة تسليم جثة عبد القادر الحسيني سآتي على عرضها في المقال القادم كما جاءت في الأرشيف والمصادر الاولية المختلفة .
drelias10@yahoo.com