الشوارع

2012-03-27
( إلى روح الشاعر التونسي : محجوب العياري)

الشوارعُ تكتبُ أشعارَها
والنبيونَ لا ينكصون ..
هكذا الشعرُ
والثائرين يجيئون جهرًا ،
يهيئونني وطناً
للشموسِ
وموسمَ شعرٍ
وعيداً يجيء ؛
فيخضرُّ
حُلمي ،
وكانوا بهاءً
وكان البهاء يجيئُني فجرًا
على صهوةِ الحُلم جاءوا ...
وأنا ما تأخرتُ ،
لكنما الحلمُ طالَ
وكان الغبارُ كثيفاً،
وكل المسافاتِ " نافورةٌ من جراحٍ
تُباعِدُ ما بين نفسي وبيني "
لكنهم جاؤوا ...
والبداياتُ تأتي نهارًا
وكنا على شمسِ قد تواعدنا
هكذا الشعرُ لا غيرَ
ـ يا ربةَ الشعرِ ـ
كنا نفتِّح للشمسِ أبوابَها
نخلعُ الخوفَ عن جِلدِنا
نحتسي نشوةَ الصُّبحِ
في حضرةِ النيلِ ..
قد أنصفته
السنون
ـ كما الحالمينَ ـ
جليلاً
يباركُ أرواحَنا
والدماءَ التي شَرَخَتْ صمتَها
واستحالت خلوداً يعانقُ وجهَ النبيينَ ،
ها إنني سيُّدُ الحالمين
ومن جُبَّتي
يبدأ الحالمونَ الطريقَ
ـ إلى فسحةِ الرُّوحِ ـ
مِن أََلَقِي ..
هكذا الشعرُ
حين أهيئ مملكةًً للشروقِ
وللشارعِ السالكينَ
إلى نكهةِ الصُّبحِ ،
اليقينَ
لمن ضيعته المسافاتُ
التي أرْبَكتْ فجرَها
" قُلتُ أبسطُ سِجادةَ الحُلم"
فوق الرمالِ التي خانها الوقتُ
والشطوطِ
التي أدخلت موجها في صموتِ الحدادْ
لم تكن ـ مثلما يشتهي العابثون ـ
تهيئ للحزنِ كهفاً وللميتين القبور
والشوارعُ كانت ترتب أحلامها
للمثولِ،
الميادينَ للبُشْرَى،
وأنا ما انطفأتُ
ـ كما قيل ـ
ولا الليلُ أرخى سدُولاً
وما اخلولق الدمعُ يهمي على طلـلٍ
بيْدَ أن المواعيدَ كانت مؤجلةً
والمواسمُ لم تصطفِ وَهجاً
واصطفتني ـ على أول الدرب ـ
سوسنةٌ أرهقتها الفصولْ
والمواجدُ تترى لخمسين قاحلةٍ
والأناشيدُ ثَكْلَى
" وعيدٌ بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟"
واصطفتني الشوارعُ
والعائدون إلى سُدَّة الحلمٍ
والشامخونََ على شمُوخِ الانكسار
المحطاتُ كانت محاصرةً
والجدارات مدهونةً بالخداعْ
يا لكِ اللهُ :
ـ أيُّ هذي البلاد التي خَاصَمتْهَا رتولُ الجميلينَ
والوقتُ / نافورةُ الوهمِ
أدمنها الحزنُ
والظلُّ لا يستقيم ؟!
تستقيم المسافات للأدعياءِ،
ويمضي النبيونَ كاللاجئينَ !!
لا عرسٌ يضيء ولا ...
والقراصنةُ الموغلون
وقد بَشِمُوا
والعناقيدُ لا تَـفْنَى .. !!
ـ يا لكِ الله يا ربةَ الشعرِ !
أينَ الفجاجُ التي هيأتني وهيأتُها للفصولْ
والبلادُ التي راودتْ حُلمَ قافلتي
واصطفتني لأعراسها،
.. والعروسُ البتول؟
قالتِ : الآن جئتَ ؟!
تأخرتَ يا سيِّدّ المتعبينَ !
لقد خانني الوقت والعابرونْ !
هيئ الآن عشقَك
لا تُنكِرُ الأرضُ عشَّاقَها القادمينَ
على عُشبةِ الحُلمِ كالأنبياءِ الجميلينَ ؛
فالأنبياء لا ينكصونْ
والشوارعُ تحْـفظُ أسماءَ فرسانِها
الشوارعُ تعرفُ حانوتَ عطارِها
نبضَ عشاقِها
تعرف الفرقَ بين النبيِّ وقرصانِها
ولها:
بيت أهوائِها
ساحةُ الشهداءِ
وأصنامُ حُكَّامِها
مقلبٌ للنفاياتِ في آخر الدَّربِ
لكنها وحْدَها
تعرفُ كيف تكنُسُ ساحاتِها
*******
19 / 2 / 2011 م

عبدالجواد خفاجى
كاتب روائي وناقد أدبي مصري

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved