الشوارعُ تكتبُ أشعارَها
والنبيونَ لا ينكصون ..
هكذا الشعرُ
والثائرين يجيئون جهرًا ،
يهيئونني وطناً
للشموسِ
وموسمَ شعرٍ
وعيداً يجيء ؛
فيخضرُّ
حُلمي ،
وكانوا بهاءً
وكان البهاء يجيئُني فجرًا
على صهوةِ الحُلم جاءوا ...
وأنا ما تأخرتُ ،
لكنما الحلمُ طالَ
وكان الغبارُ كثيفاً،
وكل المسافاتِ " نافورةٌ من جراحٍ
تُباعِدُ ما بين نفسي وبيني "
لكنهم جاؤوا ...
والبداياتُ تأتي نهارًا
وكنا على شمسِ قد تواعدنا
هكذا الشعرُ لا غيرَ
ـ يا ربةَ الشعرِ ـ
كنا نفتِّح للشمسِ أبوابَها
نخلعُ الخوفَ عن جِلدِنا
نحتسي نشوةَ الصُّبحِ
في حضرةِ النيلِ ..
قد أنصفته
السنون
ـ كما الحالمينَ ـ
جليلاً
يباركُ أرواحَنا
والدماءَ التي شَرَخَتْ صمتَها
واستحالت خلوداً يعانقُ وجهَ النبيينَ ،
ها إنني سيُّدُ الحالمين
ومن جُبَّتي
يبدأ الحالمونَ الطريقَ
ـ إلى فسحةِ الرُّوحِ ـ
مِن أََلَقِي ..
هكذا الشعرُ
حين أهيئ مملكةًً للشروقِ
وللشارعِ السالكينَ
إلى نكهةِ الصُّبحِ ،
اليقينَ
لمن ضيعته المسافاتُ
التي أرْبَكتْ فجرَها
" قُلتُ أبسطُ سِجادةَ الحُلم"
فوق الرمالِ التي خانها الوقتُ
والشطوطِ
التي أدخلت موجها في صموتِ الحدادْ
لم تكن ـ مثلما يشتهي العابثون ـ
تهيئ للحزنِ كهفاً وللميتين القبور
والشوارعُ كانت ترتب أحلامها
للمثولِ،
الميادينَ للبُشْرَى،
وأنا ما انطفأتُ
ـ كما قيل ـ
ولا الليلُ أرخى سدُولاً
وما اخلولق الدمعُ يهمي على طلـلٍ
بيْدَ أن المواعيدَ كانت مؤجلةً
والمواسمُ لم تصطفِ وَهجاً
واصطفتني ـ على أول الدرب ـ
سوسنةٌ أرهقتها الفصولْ
والمواجدُ تترى لخمسين قاحلةٍ
والأناشيدُ ثَكْلَى
" وعيدٌ بأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟"
واصطفتني الشوارعُ
والعائدون إلى سُدَّة الحلمٍ
والشامخونََ على شمُوخِ الانكسار
المحطاتُ كانت محاصرةً
والجدارات مدهونةً بالخداعْ
يا لكِ اللهُ :
ـ أيُّ هذي البلاد التي خَاصَمتْهَا رتولُ الجميلينَ
والوقتُ / نافورةُ الوهمِ
أدمنها الحزنُ
والظلُّ لا يستقيم ؟!
تستقيم المسافات للأدعياءِ،
ويمضي النبيونَ كاللاجئينَ !!
لا عرسٌ يضيء ولا ...
والقراصنةُ الموغلون
وقد بَشِمُوا
والعناقيدُ لا تَـفْنَى .. !!
ـ يا لكِ الله يا ربةَ الشعرِ !
أينَ الفجاجُ التي هيأتني وهيأتُها للفصولْ
والبلادُ التي راودتْ حُلمَ قافلتي
واصطفتني لأعراسها،
.. والعروسُ البتول؟
قالتِ : الآن جئتَ ؟!
تأخرتَ يا سيِّدّ المتعبينَ !
لقد خانني الوقت والعابرونْ !
هيئ الآن عشقَك
لا تُنكِرُ الأرضُ عشَّاقَها القادمينَ
على عُشبةِ الحُلمِ كالأنبياءِ الجميلينَ ؛
فالأنبياء لا ينكصونْ
والشوارعُ تحْـفظُ أسماءَ فرسانِها
الشوارعُ تعرفُ حانوتَ عطارِها
نبضَ عشاقِها
تعرف الفرقَ بين النبيِّ وقرصانِها
ولها:
بيت أهوائِها
ساحةُ الشهداءِ
وأصنامُ حُكَّامِها
مقلبٌ للنفاياتِ في آخر الدَّربِ
لكنها وحْدَها
تعرفُ كيف تكنُسُ ساحاتِها
*******
19 / 2 / 2011 م
عبدالجواد خفاجى
كاتب روائي وناقد أدبي مصري

