السماء الإنجليزية لا تليق بميونيخ

2014-07-15
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/4eb4f975-a54e-4afd-8391-a0eabe462c6a.jpeg
علاقتي بحواضر أوربا هي علاقة العابر المدقِّق . أي أنني أريدُ أن أرى ، لكنْ بحريةٍ قد لا يمتلكُها المقيم.
وهكذا
رجوتُ من ابنة عمٍّ لي ، مقيمةٍ في ميونيخ ، منذ دهرٍ ، أن تريني مبنى الـبي أم دبليو
BMW
 ، كنتُ ، حريصاً على رؤية المكان ، ولي أسبابي ، منها أن المبنى من تصميم وتنفيذ زها حديد ، ابنة بلدي،
لم ألتقِ زها حديد ، لكني لمحتُها ذات ظهيرةٍ في مطعمٍ لندنيّ.
أردتُ أن أقول لها إنني فخورٌ بها  . أردتُ أن أخبرها بأنني التقيتُ أباها ، محمد حديد ، في مقر الحزب الوطني الديمقراطي ، أوائل الخمسينيّات ، ونحن طلبةٌ متظاهرون ...
للمناسبة ، لا تخطيء العينُ الشبه بين البنت والأب .
يقول الشاهد :
ومن يشابهْ أبَهُ فما ظلَمْ !
*
مبنى البي أم دبليو الرئيس في ميونيخ ، يكاد يلتصق بالأولمبيا بارك .
لكن الجوار يقدمُ أسئلةً :
الأولمبيا بارك ( لسوء حظ  البي أم دبليو ) تتمتع بأكثر التصاميم حريةً ومستقبليةً  وفضاءً .
لكن زها حديد جاءت بكل سماء الرصاص اللندنية إلى ميونيخ .
من البعيد ، ترى مبنى البي أم دبليو ، قلعةً قديمةً ذات أسوار.
دَيراً من أديرة إمبراطوريات أوربا العتيقة .
سورٌ 
بُرجٌ  ...
وسماءٌ رصاصٌ .
سماءٌ رصاصٌ حتى داخل المبنى ، حيث تتألّقُ الموديلات الجديدة الباهرة .
*
لوغو البي أم دبليو
بألوانه الحرّة : أزرق . أبيض ...
مبدأ العجَلة الدوّارة الجليل ...
كيف عجزتْ زها حديد عن التقاط اللحظة ، لحظة الحرية في لوغو البي أم دبليو ؟
*
أعتقدُ أن على البي أم دبليو أن يبحثوا عن مبنى رئيسٍ آخر !

لندن  12.09.2013

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved