قال لي عز الدين مصطفى رسول : للنقشبنديّةِ الخانقاه ، لا التكيّة.
عزّ الدين أعلمُ مني أكيداً.
لكننا في أبو الخصيب ، كنا نسمّيها التَكْـيَـة .
( أتحدّث عن أبو الخصيب الأربعينيّاتِ )
*
أولادُ الشيخ عبد القادر النقشبنديّ ، القادم من السليمانية ، أربعةٌ : برهان. عثمان. عاصم . محيي.
محيي هو في مثل سنّي.
لستُ أدري ما فعلَ الزمن بأولادِ الشيخ.
لكني سمعتُ أخيراً من صديقٍ يقيم سعيداً في بولندا ،هو باسل علي عمران ، أن محيي عبد القادر النقشبنديّ يدير مطعماً في ميناء جْـدِنْــيا البولنديّ !
*
يبدو أننا كنا في زمنٍ بدأتْ فيه التكيّة تتدهورُ ، بعد وفاةِ الشيخ.
برهان ، الأخ الأكبر والذي كان سجيناً شيوعياً ترك أبو الخصيب وتكيّةَ أبيه وعاد إلى السليمانية. تولّى عاصم العناية بالتكيّة . عثمان لم يكن متديّناً . ومحيي لا يزال غِرّاً .
وقد كانت التكيّة النقشبندية في أبي الخصيب شهدت ازدهاراً ونفوذاً عجيبَين ، وكان للشيخ أتباعٌ ومريدون. وتروى حكاياتٌ عن الوجد والشطح الصوفيّينِ ، وكيف أن أحد مريدي الشيخ طارَ
من أعلى سطحِ التكيّةِ ، في تقليدٍ لِما يروى عن طيران الشيخ عبد القادر الكيلاني ، ليسقطَ هذا المريدُ المسكينُ مرتطماً بالأرض الرطبةِ ، مهشَّم الأضلاعِ ، ميّتاً !
*
في التكيّة النقشبندية ، تهجَّينا الحروفَ الأولى من شــيوعيّةٍ عجيبة ، ملأى بالأساطير عن عمّالٍ يبنون بلداً ، وجيشٍ أحمرَ لا يُقهَـرْ .
في ظهيرة الصيف القائظة ، كانت التكيّــةُ برداً وسلاماً.
بينما تتّـقدُ في أعماقنا الغضّة ِنارٌ من حلمٍ أحمر.
رسائلُ إخوانِ الصفا كانت في خزانة التكية .
ومصاحفُ
وتفاسير .
كانت التكيّة النقشبنديةُ معهدَنا الفكريّ الأوّل !