الـتَـكِـيّـةُ النقشبنديّـة

2010-11-29

قال لي عز الدين مصطفى رسول : للنقشبنديّةِ الخانقاه ، لا التكيّة.

عزّ الدين أعلمُ مني أكيداً.

لكننا في أبو الخصيب ، كنا نسمّيها التَكْـيَـة .

( أتحدّث عن أبو الخصيب الأربعينيّاتِ )

*

أولادُ الشيخ عبد القادر النقشبنديّ ، القادم من السليمانية ، أربعةٌ : برهان. عثمان. عاصم . محيي.

محيي هو في مثل سنّي.

لستُ أدري ما فعلَ الزمن بأولادِ الشيخ.

لكني سمعتُ أخيراً من صديقٍ يقيم سعيداً في بولندا ،هو باسل علي عمران ، أن محيي عبد القادر النقشبنديّ يدير مطعماً في ميناء جْـدِنْــيا البولنديّ !

*

يبدو أننا كنا في زمنٍ بدأتْ فيه التكيّة تتدهورُ ، بعد وفاةِ الشيخ.

برهان ، الأخ الأكبر والذي كان سجيناً شيوعياً ترك أبو الخصيب وتكيّةَ أبيه وعاد إلى السليمانية. تولّى عاصم العناية بالتكيّة . عثمان لم يكن متديّناً . ومحيي لا يزال غِرّاً .

وقد كانت التكيّة النقشبندية في أبي الخصيب شهدت ازدهاراً ونفوذاً عجيبَين ، وكان للشيخ أتباعٌ ومريدون. وتروى حكاياتٌ عن الوجد والشطح الصوفيّينِ ، وكيف أن أحد مريدي الشيخ طارَ

من أعلى سطحِ التكيّةِ ، في تقليدٍ لِما يروى عن طيران الشيخ عبد القادر الكيلاني ، ليسقطَ هذا المريدُ المسكينُ مرتطماً بالأرض الرطبةِ ، مهشَّم الأضلاعِ ، ميّتاً !

*

في التكيّة النقشبندية ، تهجَّينا الحروفَ الأولى من شــيوعيّةٍ عجيبة ، ملأى بالأساطير عن عمّالٍ يبنون بلداً ، وجيشٍ أحمرَ لا يُقهَـرْ .

في ظهيرة الصيف القائظة ، كانت التكيّــةُ برداً وسلاماً.

بينما تتّـقدُ في أعماقنا الغضّة ِنارٌ من حلمٍ أحمر.

رسائلُ إخوانِ الصفا كانت في خزانة التكية .

ومصاحفُ

وتفاسير .

كانت التكيّة النقشبنديةُ معهدَنا الفكريّ الأوّل !

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved