التدوين.. إبداع .. إلتزام.. وموقف.

2009-02-22
الإبداع الحر هو أقرب تعريف لكلمة تدوين في نظري.. ولقد قبل التدوين على صفحات الشبكة الإليكترونية الكثير من المحاولات الإبداعية التي عجزت الطرق التقليدية الأخرى التي تُعنى بتقديم الإبداع الإنساني عن تقديمها بما فيها مواقع الإنترنت التي أصبحت في اعتقادي من ضمن الطرق التقليدية.. لقد قدم التدوين الفرصة الذهبية لكل مبدع لتقديم إبداعاته التي حالت الكثير من الظروف المحيطة بالإنسان دون ظهورها.. لقد حالت مسببات ضيق المساحة والوقت والأفق دون أن يقدم الناس إبداعاتهم أو يجدوا الفرصة لتقديمها.. المؤلف لا يجد من يطبع والكاتب المفكر لا يجد من ينشر والمصور لا يجد من يعرض والداعية لا يجد من يستمع والتربوي لا يجد من يهتم والشاعر لا يجد من يتذوق وصاحب المشروع الحضاري لا يجد من يفهم.. حتى عندما تم إنشاء مواقع للنهوض بالفكر والإبداع لم يجد الكثير من المبدعين فرصا فيها لأنهم وقعوا تحت سلطة رقباء جدد و كثر وبين مشاهدة إبداعاتهم تقدم هنا وهناك بأشكال متحورة وتحمل أسماء أخرى وبين وبين .. كانت تجربة التدوين هي الوسيلة الإبداعية الحرة التي سببها الله لنا لنبدأ من جديد وفق قواعدنا نحن وتوجهاتنا نحن و.. وقضايانا نحن أيضا..

لكن الحرية التي كنا ومازلنا ننشدها التزام وموقف .. إلتزام بالثوابت التي لا يمكن نسيانها أو التمرد عليها أو الدعوة لدهسها.. حتى تلك التي نرفضها يجب علينا أن لا نصدم غيرنا برفضنا لها ليس لأننا نساير ما يدور من حولنا ولكن لأننا نريد لمن حولنا أن يسيروا معنا ..
وموقف يفرضه علينا احترامنا لقضايانا وإيماننا بها وواجب الدفاع عنها.. التدوين ليس فنا سرياليا لا يفهمه إلا بعضنا أو كلام فاقد عقل لا يفهمه غيره.. كما أنه ليس صحافة شعبية تنشر الأوساخ وتطرب لسماع قصص الرذائل.. التدوين إبداع حر .. فهو يجب أن يكون إبداعا أي لا يجب أن يكون مقتبسا أو مسروقا أو منقولا بكامله من غيره.. بل يجب أن يكون في مجمله ملك لصاحبه.. وهو متحرر من قيود كيل المديح وتقبيل الأرض بين الأقدام وترويج الفساد أو تبريره .. وهو ليس حركة غوغائية ليس لها هدف وليس مساحة لحل الخلافات الشخصية..

ولقد بدأ الكثير من المفكرين والدعاة والصحفيين والمبدعين حول العالم يجدون طريقا لهم إلى الناس بعد أن كانوا محصورين بين جدران إبداعاتهم وقدراتهم وبين سخرية هذا وتعنت ذاك.. لقد استطاع مدونون حول العالم من إثارة قضايا لم يكن يمكن إثارتها أو التنويه إلى خطورتها.. ولقد حقق مدونون عرب نجاحات ما كان البعض يظن أنها ستحدث .. فمن قضايا الاعتداءات في أقسام الشرطة المصرية إلى فضح قضايا الرشوة في الجزائر إلى تعرية الأنظمة في سوريا واليمن.. وأصبح المدونون يدركون الآن أنهم يصنعون تاريخا جديدا رغم القلق والخوف الذي يعتري معظمنا ونحن نسمع عن مسودات ومشاريع قوانين جديدة تجرم مرتكبي الجرائم الإليكترونية وتعتبر المساس برموز الدولة أو مسئوليها أو مسئولي دول صديقة لها جرائم يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامات المالية.. ولهذا مثلا لن يستطيع مدون مثلي في اليمن أن ينقد سياسة الولايات المتحدة في العراق لأن القانون يجرم ذلك كما أن مدون آخر لن يستطيع أن ينتقد دولة عربية شقيقة لقيامها بالتطبيع مع العدو.. كما أن مدون ثالث لن يستطيع الحديث حول الفساد الذي يمارسه أبناء الرئيس هنا وأقارب الزعيم هناك..

وعلى الرغم من كل الصعوبات التي أصبح المدونون يواجهونها والتي أقلها مثلا الحجب الذي حدث في اليمن فإن إدراكنا أننا أصحاب التزام وموقف يفرض علينا الاستمرار وعدم التوقف حتى يستمر التدفق الإبداعي الذي قدمه التدوين للمبدعين العرب وتزداد معه معرفتهم وقدراتهم تطورا .. وأنا على يقين أن الأيام القادمة ستثبت أن س أو ص من المدونين هم بالفعل الرموز الحقيقيون في نضال أمتنا نحو الحرية والتغير .. وإن كان يبدو دورهم محدود الآن فإنهم هم الإسهام الأكبر في سبيل الوصول إلى المستقبل الجديد..


أحمد طه خليفة
أبوإسلام
asseraat.marebblog.com
asseraat.maktoobblog.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved