لكن الحرية التي كنا ومازلنا ننشدها التزام وموقف .. إلتزام بالثوابت التي لا يمكن نسيانها أو التمرد عليها أو الدعوة لدهسها.. حتى تلك التي نرفضها يجب علينا أن لا نصدم غيرنا برفضنا لها ليس لأننا نساير ما يدور من حولنا ولكن لأننا نريد لمن حولنا أن يسيروا معنا ..
وموقف يفرضه علينا احترامنا لقضايانا وإيماننا بها وواجب الدفاع عنها.. التدوين ليس فنا سرياليا لا يفهمه إلا بعضنا أو كلام فاقد عقل لا يفهمه غيره.. كما أنه ليس صحافة شعبية تنشر الأوساخ وتطرب لسماع قصص الرذائل.. التدوين إبداع حر .. فهو يجب أن يكون إبداعا أي لا يجب أن يكون مقتبسا أو مسروقا أو منقولا بكامله من غيره.. بل يجب أن يكون في مجمله ملك لصاحبه.. وهو متحرر من قيود كيل المديح وتقبيل الأرض بين الأقدام وترويج الفساد أو تبريره .. وهو ليس حركة غوغائية ليس لها هدف وليس مساحة لحل الخلافات الشخصية..
ولقد بدأ الكثير من المفكرين والدعاة والصحفيين والمبدعين حول العالم يجدون طريقا لهم إلى الناس بعد أن كانوا محصورين بين جدران إبداعاتهم وقدراتهم وبين سخرية هذا وتعنت ذاك.. لقد استطاع مدونون حول العالم من إثارة قضايا لم يكن يمكن إثارتها أو التنويه إلى خطورتها.. ولقد حقق مدونون عرب نجاحات ما كان البعض يظن أنها ستحدث .. فمن قضايا الاعتداءات في أقسام الشرطة المصرية إلى فضح قضايا الرشوة في الجزائر إلى تعرية الأنظمة في سوريا واليمن.. وأصبح المدونون يدركون الآن أنهم يصنعون تاريخا جديدا رغم القلق والخوف الذي يعتري معظمنا ونحن نسمع عن مسودات ومشاريع قوانين جديدة تجرم مرتكبي الجرائم الإليكترونية وتعتبر المساس برموز الدولة أو مسئوليها أو مسئولي دول صديقة لها جرائم يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامات المالية.. ولهذا مثلا لن يستطيع مدون مثلي في اليمن أن ينقد سياسة الولايات المتحدة في العراق لأن القانون يجرم ذلك كما أن مدون آخر لن يستطيع أن ينتقد دولة عربية شقيقة لقيامها بالتطبيع مع العدو.. كما أن مدون ثالث لن يستطيع الحديث حول الفساد الذي يمارسه أبناء الرئيس هنا وأقارب الزعيم هناك..
وعلى الرغم من كل الصعوبات التي أصبح المدونون يواجهونها والتي أقلها مثلا الحجب الذي حدث في اليمن فإن إدراكنا أننا أصحاب التزام وموقف يفرض علينا الاستمرار وعدم التوقف حتى يستمر التدفق الإبداعي الذي قدمه التدوين للمبدعين العرب وتزداد معه معرفتهم وقدراتهم تطورا .. وأنا على يقين أن الأيام القادمة ستثبت أن س أو ص من المدونين هم بالفعل الرموز الحقيقيون في نضال أمتنا نحو الحرية والتغير .. وإن كان يبدو دورهم محدود الآن فإنهم هم الإسهام الأكبر في سبيل الوصول إلى المستقبل الجديد..
أحمد طه خليفة
أبوإسلام
asseraat.marebblog.com
asseraat.maktoobblog.com