لطفية الدليمي اسم مهم في عالم الابداع العربي، طرح رؤاه الفكرية بجرأة حين كان حضوره باهرا داخل بلدها العراق، حيث كانت لطفية الدليمي في كتابتها اشبه ما تكون بفراشة محلقة ترتشف رحيق تجربتها الابداعية من الراهن اليومي للانسان العراقي، ومثل هذا ينسحب على كتابتها حين استقرت خارج العراق فهي لازالت ذلك الطائر الغريد الذي يغرد ليستحضر صورة المكان واهله فيجوب نصها الابداعي رحاب الحدائق الملونة ليرتشف رحيق الحنين الى أزقة وشوارع بغداد ومساءاتها المترعة بالنور
تنطلق الروائية لطيفة الدليمي من اايمانها بان الابداع الحقيقي هو هم فكري ومكابدات روحانية تسمو فوق النزعات الاستهلاكية، لذا فانها تشكل اضاءة لافتة في المشهد الابداعي العربي عموما والمشهد الابداعي العراقي على وجه الخصوص. بالاضافة الى انها تمتلك مقومات ابداعية في كتابة نص سردي مدهش ينفتح على عوالم مبتكرة تؤكد موهبتها الفذة التي ارخّت لها مجاميعها القصصية وروايتها التي اضافت للمكتبة العربية الكثير، على مدى مسيرتها الابداعية الزاخرة .
شئ من قناعاتها
*أستطيع القول أنني كنت في طفولتي سعيدة الى حد ما . سعيدة في عالم سلس بسيط وبين أهلي وأقراني في مغاني ديالى وبساتينها وأنهارها ومراقد الاولياء وأثار سومر في (تل اسمر) التي كنا نزورها في الاعياد - ونعرف أنها كانت (مملكة أشتونا .
كنت في سني دراستي متميزة بين اقراني ومشهود لي ببراعة التعبير والتاليف في اللغة العربية والرسم كنت سعيدة بمعايير ذاك الزمن وعلى نحو ما بمعايير النضج .لانني كنت محط فخر أهلي والذين زرعوا مصيري- كنت انا وأختي نمثل آمال الأم والأب في التفوق الى الوصول الى مراتب حرموا منها .أستطيع القول : كنت سعيدة وحالمة بسعادات أكبر.)
* كان بيتنا شرقيا فيه لواوين وحجرات وتتوسطه حديقة فيها شجر رمان وشجيرات جوري ورازقي ومتسلقات ونخلة لم تثمر أبدا .في هذا الفردوس الصغير كانت العصافير واليعاسيب والفراشات أصدقائي أتعايش معها وأحلم بها وأربي قطة بيضاء أحزنني موتها فجأة أمام البيت كان جدول ماء وقناطر وأشجار توت ونخيل وكان ذلك سحرا مضافا الى عالمي الطفولي..
* أستخدمت النفس الاسطوري في كتابة نصوص معاصرة لمنحها ذلك البعد الكوني الذي تختص به الاسطورة .ووظفت ملحمة كلكامش في عملي المسرحي الليالي السومري بقراءة معاصرة وربما نسوي حسب تكريسي لشخصيات نسوية تدفع أحداث الملحمة المفترضة
* لم أقتنع أبداً بلعبة القصة القصيرة جدا فهي نوع من خواطر طريفة تفتقر الى مفهوم الحكي أو القص الذي يتطلب مهارات كبيرة لغوية وأسلوبية ومفهومية .ربما أعدها لعبة سهلة وأنا أفضل العمل المنطوي على تحديات مع النفس .
* حسب تجربتي الطويلة وجدت أن المكان في نصوصي أي معظم نصوصي على وجه الدقة يكاد يكون البطل الاساسي في هيمنته على الحدث وسطوته عبر خصوصيته وسماته وبحد ذاته، ففي قصصي الطويلة (سليل المياه) و(ليلة العنقاء) و(عالم النساء الوحيدات) يتخذ المكان سلطة كاملة على الشخوص ويكاد يكون البطل المهمين أو الموازي للشخصية في لجوئي لتخيل الامكنة، ويبقى للمواقع وأطر الاحداث سطوتها على الشخصيات وكأنها قدر في تسيير العلم مع الارادات الخفية للشخصية.
* لم أبلغ طموحي، لانني كلما أنجزت عملا أكتشف أن هنالك ثغرات يمكنني تلافيها في العمل القادم الذي قد يكون محققا لطموحي بدرجة ما . ولاأظنني سأبلغ هذا الطموح بسهولة لانني ناقدة حادة لاعمالي قبل الاخرين ومن العسير عليّ الوصول الى الرضا عن منجز فذلك يعني نهاية الطموح والتوقف عن الحلم ..
* الابداع الحقيقي لايتعامل مع الشهرة والنجومية لانه هم فكري ومكابدات روحانية تسمو فوق النزعات الاستهلاكية التي تمثلها النجومية، بمعنى من المعاني لم أسعى الى النجومية بدلالة رفضي للمقابلات المتلفزة وأعتذاري عن الظهور في وسائل الاعلام، لموقف أعده خاصا بي، وهو أن النص أو العمل هو الذي يحدد علاقتي بالاخر - القارئ أوالمتلقي وليس نجوميتي ولا ظهوري .لديَّ أيمان عميق بأن النجومية تحول المبدع أو المبدعة الى سوق الاستهلاك وتستهلك قواه وأمكاناته وتقيده ضمن أطر تفرضها عملية التعامل النفعي بين موقع النجوم والمستهلكين لمادة النجومية.
* لقد حققت حضوري الابداعي والفكري عبر أعمالي ومواقفي ولم أندم على عزلتي وتواضعي .فالابداع والانجاز الحقيقي لاينسجم مع الاضواء والنجومية الاجتماعية التي تحول الكائن الى أداة ومشروع تجاري - ربما
* زهدي في الحياة ورحانية توجهاتي واحتقاري للماديات جعلني أستخف بالشهرة والنجومية التي سعى اليها كثيرون.
*الشعر لحظة مكثفة لرؤية كونية الانسان والعالم . والقصة حدث مشروط بالزمان والمكان حتى لو جنح الى الاسطرة والتخييل.ويخضع لمواصفات عقلية وجمالية مختلفة عن جماليات الشعر الساحرة.أجد أحيانا صعوبات جمة في التنقل بين مزاج شعري متوهج وضرورات السرد المنطقية.
* الاغتراب هو أن أكون في أنفصال عن مجتمع لايمثل الحد الادنى من أنسانيتي ولايحققها، بهذا المعنى أنا مغتربة على مجتمعي وزمني، والمبدع كائن مغترب بالاساس لانه مسكون بالقلق وشهوة التجاوز وعدم القبول بماهو ساكن ومستقر من حيثيات الحياة. أما الغربة فهي مانكابده بعيدا عن حواضننا الروحية وبيئاتنا ولغتنا واحبائنا وذكرياتنا وتحقيق طموحنا.
أنا مغتربة في بيتي وفي مدينتي وأكابد الوحشة .في أختلافي ومواقفي الاجتماعية والفكرية لانني أرفض القولبة والتماثل والتطابق الاجتماعي والفني..الاغتراب مكابدة روحية وعقلية، والغربة معاناة مكانية بوسعنا أيجاد حلول لها في المكان والزمان أما الاغتراب فانه ذلك الغراب الذي يلتهم أرواحنا ونحن بين معارف وأهل واصدقاء للهوة التي تفصل بيننا وبين طرائقهم في فهم الانسان والحياة والحرية والابداع .
*الاسطورة والملحمة والتراث لها موقع مهم في أعمالي لأيماني بأن وعي المبدع يتشكل من جملة معطيات تؤثر في تكوين شخصيته الابداعية وأولها موروثه من الاساطير والملاحم والحكايات .
*أستخدمت النفس الاسطوري في كتابة نصوص معاصرة منحها ذلك البعد الكوني الذي تختص به الاسطورة . ووظفت ملحمة كلكامش في عملي المسرحي الليالي السومري ) بقراءة معاصرة وربما نسوي ) حسب تكريسي لشخصيات نسوية تدفع أحداث الملحمة المفترضة دراميا الى التصادمات القصوى، كما أستفدت من المعطيات التاريخية الرافدينية في كثير من أعمالي ووظفت ولعي بهذا الموروث الغني لمنح أعمالي سمتها عمليا وخصوصيتها الزمنية والمكانية كما عملت على شخصيات من التراث كشخصية الحلا ) في قصتي الطويلة الشهود والشهداء وأسقطت عليها رؤى معاصرة .
* غالبا ما ألجأ الى نصوص مفتوحة لأفرغ الشحنات الشعرية المضطربة التي تتصارع مفرداتها مع عقلانية القصة وموضوعية البناء السردي، الشعر هو الحاضنة التي نشأت في فضاءاتها ومورثنا الغني المتمد من ملحمة كلكامش حتى أمرؤ القيس والمتنبي، وتزخر نصوصي القصصية بشعرية اللغة التي أعتبرها ميزة خاصة بأسلوبي السردي وشعرية الرؤية الى الكون والثيمات والشخوص ربما لو كنت توقفت قليلا في بدأ حياتي الادبية لآخترت الشعر قبل القصص، لكنني أستمتعت بالحكي وسرد القصص كوريثة لشهرزاد أم الحكايات وأول ساردة في التراث العربي..
* قد تكون في شخصيات قصصي جوانب من شخصيتي، إلا أنني لم أطرح نفسي بطلة خالصة في نصوصي، بل كنت أتماهى مع الشخصية وأتبناها كأنها وجهي الاخر، ربما أكون فعلا حاضرة في عديد من قصصي أنما بأقنعة بطلاتي ومواقفهن ورؤيتهن للعالم وأنفسهن، أحيانا اكتب ما أطمح أن أكون، ما أحلم أن أبلغه ولعل هذا هو جانب حضوري في النصوص.
سيرتها في سطور
لُطفية الدليمي كاتبة وصحفية عراقية ولدت في بغداد في السابع من شهر مارس (آذار) عام 1939، حاصلة على شهادة "آداب في اللغة العربية" وتعتبر من أكبر المدافعات عن حقوق المرأة في العراق. وهي تعيش حالياً في باريس.
تخرجت من كلية الآداب فرع اللغة العربية
عملت في التدريس على مدى سنوات
عملت محررة للقصة في مجلة الطليعة الادبية
عملت مديرة تحرير مجلة الثقافة الاجنبية
كتبت على مدى سنوات اعمدة صحفية في الصفحات الثقافية للصحف العراقية - نشرت قصصها ومقالاتها في معظم الصحف والمجلات الثقافية العراقية والعربية
سنة 1992 اسست مع عدد من المثقفات العراقيات منتدى المراة الثقافى في بغداد
ترجمت قصصها إلى الإنكليزية والبولونية والرومانية والاسبانية وترجمت رواية عالم النساء الوحيدات إلى اللغة الصينية
شاركت في عشرات الندوات الثقافية العراقية وقدمت شهادات عن تجربتها الابداعية في مدن عراقية وعربية واوروبية.
شاركت في الاسبوع الثقافي الفرنسي في بغداد سنة 2002 وقدمت محاضرة عن الثقافة العراقية واسهمت في حوار عن أوضاع الابداع النسائي مع كتاب وكاتبات من فرنسا
قُدمت اطروحات ماجستير ورسائل دكتوراه عديدة عن قصصها ورواياتها في عدد من الجامعات العراقية.
عضو مؤسس في المنبر الثقافى العراقي.
عضو مؤسس في الجمعية العراقية لدعم الثقافة.
شاركت في العديد من المؤتمرات والملتقيات والندوات في مختلف الدول العرية والاجنبية
(مهرجان مسرح القارات الثلاث وندوة الرواية) ودعيت إلى المانيا سنة 2004 إلى معرض فرانكفورت للكتاب من قبل معهد غوته لتمثل بلدها قبل أن تغادر إلى المنفى، وسنة 2008 إلى معرض لندن للكتاب.
اسست في بغداد سنة 2003 مركز شبعاد لدراسات حرية المراة .
رئيسة تحرير مجلة هلا الثقافية التي تصدر في بغداد (توقفت 2006).
الاصدارات والاعمال الأخرى:
1 - ممر إلى احزان الرجال - قصص - بغداد - 1970 2 - البشارة - قصص - بغداد - 1975 3 - التمثال - قصص -بغداد - 1977 4 - اذا كنت تحب - قصص- بغداد -1980 5 - عالم النساء الوحيدات - رواية وقصص - بغداد - 1986 6 - من يرث الفردوس - رواية - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - 1989، قررفي الثانوية العامة في مصر في سنوات 1989 و 1990 7 - بذور النار - رواية - بغداد - 1988 8 - موسيقى صوفية - قصص - بغداد - 1994 - جائزة القصة العراقية. 9 - في المغلق والمفتوح - مقالات جمالية - تونس - 1997 - دار نقوش عربية 10 - مالم يقله الرواة - قصص - الأردن - دار ازمنة - 1999 11 - شريكات المصير الابدى - دراسة عن المراة المبدعة في حضارات العراق القديمة - دار عشتار - القاهرة - 1999 12 - خسوف برهان الكتبى - رواية - ط 1 - اسبانيا دار الواح - 2000 - ط 2-رام الله - دار الزاهرة - 2001 13 - الساعة السبعون - نصوص - بغداد - 2000 14 - ضحكة اليورانيوم - رواية - بغداد - 2001 15 - برتقال سمية - قصص- 2002 - بغداد 16 - حديقة حياة - رواية - 2004 طبعة 1 بغداد طبعة 2 دمشق
في الترجمة:
17 - بلاد الثلوج - رواية- - ضوء نهار مشرق - رواية انيتا ديساي - دار المامون - بغداد - 1989 19 - من يوميات اناييس نن - دار ازمنة - الأردن-1999 20 - شجرة الكاميليا - قصص عالمية - بغداد - 2002
21 - كتاب العودة إلى الطبيعة - دراسة في نمط العيش على وفق الفلسفات الشرقية - الاسيوية
الاعمال الدرامية:
1 - مسرحية الليالى السومرية - قدمت على المسرح ونالت جائزة أفضل نص يستلهم التراث السومرى - قراءة مغايرة لملحمة كلكامش 2 - مسرحية الشبيه الاخير - 1995 كوميديا سوداء 3 - مسرحية الكرة الحمراء 1997 4 - مسرحية قمر اور 5 - مسرحية شبح كلكامش 6 - مسلسل تاريخي عن الحضارة الرافدينية بـ 30 ساعة 7 - سيناريو - صدى حضارة - عن الموسيقى في الحضارة الرافدينية
الدراسات:
1 - جدل الانوثة في الاسطورة - نفى الانثى من الذاكرة 2 - كتابة المراة والحرية 3 - دراسات ومشاريع عمل في مشكلات الثقافة العراقية الراهنة. 4 - اللغة متن السجال العنيف بين النساء والرجال - لغة النساء فس سومر القديمة. 5 - صورة المراة العربية في الاعلام المعاصر. 6 - دراسات في واقع المراة العراقية خلال العقود السابقة وبعد الاحتلال.
الندوات التي أعدتها وشاركت في اعمالها من 2003 إلى 2006
ندوة عن المنجز الثقافي للمراة العراقية في القرن العشرين ـ مركز شبعاد لدراسات حرية المراة سنة 2004 ندوة عن تدمير وسرقة المواقع الثقافية والآثارـ لمركز شبعاد - 2004 ندوة وسيمينار عن عالم الاجتماع علي الوردي ـ المنبر الثقافي العراقي 2005 ندوة الثقافات العراقية - المشتركات والخصوصيات ـ الجمعية العراقية لدعم الثقافة 2006
اعدت وحررت كتابين لمركز شبعاد لدراسات حرية المراة:
الأول - دراسات في حرية المراة العراقية. أوضاع المراة العراقية في ظل أنواع الارهاب والعنف السياسي والاكاديمي والثقافي والعائلي والاجتماعي وعنف الاحتلال.
اعدت وحررت انتولوجيا القصة العراقية الذي ترجم إلى الإنكليزية والاسبانية لدار المامون.
ا