زينب الغالب ( ضوء يضج بالعتمة )
من المفروض أن تكون هذه الورقة مشاركتي في الجلسة التي أقامها منتدي الأديبات للشاعرة زينب الغالب
في 2/ 3/ 2017.. لكن ظروف عملي في أم قصر حالت دون حضوري، لذا أعتذر لرئيسة المنتدى الاستاذة الشاعرة بلقيس خالد ومن خلالها للمنتدى .. مقداد مسعود
(*)
يحتوي المطبوع على (52) قصيدة، تنشطر النصوص إلى نوعين : عاطفي / إجتماعي .. السيادة شبه المطلقة للوجدانيات وهي سيادة تلائم عمر الشاعرة زينب الغالب .. ولتدع الإجتماعي لنا نحن معشر الشيوخ والكهول ..
(*)
( تكلم لتشفى /55 ) هي أحدى المداخل للديوان .. ( تكلّم تكلّم لتشفى ) والقصيدة أشبه بحوارية من طرف واحد، تواسي فيها الأنثى شخصا مكابدا وتقترح عليه تفريغ مافي الذات من أسى ممض كما تدعوه إلى أستعمال الكلام ضوءاً لإنارة ظلام الليل ... نلاحظ أن الطريقة العلاجية لم تصلنا صوتيا .. بل تنضدا شعريا من خلال المسطور في القصيدة .. والديالوج الشعري، لايخلو من تشافي الذات أيضا مما يمسها من ضر الحياة اليومية .. وقولنا هذا لا ينضد ضمن إساءة تأويل بشهادة السطرين التاليين من قصيدة ( رسالة حب )
( الحب لايتكلم كثيراً
وأنا لا أجيد ُ فن العواطف )
إذن فن الكتابة بحد ذاته محاولة للتشافي مما يطوقنا ؟ وهكذا تكون الكتابة هي الحياة المنتخبة التي نصنعها بقوتنا الداخلية وبالمعاضدة مع من يفهمنا أو يتشارك معنا في الإضاءة ..؟
(*)
العنونة : ضوء يضج بالعتمة .. يصنفه شيخنا محمود عبد الوهاب بالعنوان الإشتقاقي
( ضجيج قلبك رغم البعد أسمعه /53 )
( فأنهار أمام ضجيج صمتك / 57 )
والمستوى الثاني للعنونة : إنتسابة للعنونة الصادمة : ضوء / عتمة
ضوء -------------- عتمة
ويمكن أن ألتقط الإهداء مفتاحا، لإفك ُ ثريا الديوان ( ضوء يضج بالعُتمة )
( إهداء
أبي وأمي ..
ذلك الضوء الذي ضج َ في عتمة ِ روحي
ومازال .. )
إذن الضوء مثنوي مبثوث عائليا من الأبوين إلى الإبنة .. والضجيج فاعلية لاتتوقف عن الانتاج المستمرة : يضج ومازال ....
لنفترض لاوجود لعتبة الإهداء .. سنرى الثريا هكذا : ليس لدينا ذلك الضوء الصريح، بل هو ضوء يضج بالعتمة ..إذن مصدر الضجيج ليس من الضوء بل من الوعاء الذي هو العتمة ..وهذا يعني ان العتمة ليست في حالة ٍ ساكنة ٍ..
والسؤال كالتالي : هل هي العتمة في قصيدة ( العقول غير الصالحة للاستعمال / 17 ) :
( العقل معلق
على باب المسجد
الكل يخلع عقله ويدخل
كما ويخلع نعله ) ....
تسوقفني هذه الصورة الشعرية الجميلة بهدوئها
( على الرصيف المقابل
الجائع يلتقط حبة رز ٍ
سقطت سهوا ً
من جيب كاهن وهو يمر
ويشم ُ أيضا رائحة الاطباق الشهية
التي علقت في ذيل ثوبه / 18)
(الأرض تكنسها بطون الجائعين
ولم يتبق َ لعامل النظافة
إلا أن يكنس مايتساقط من عقول
بعد كل صلاة
يُقلِبها بين يديه
جميعا غير صالحة
ليحتفظ بما لديه
فهو أصلح للاستعمال )
هذه الحركة الشعرية، تعيدني للقصيدة الأولى، بعد حذفي للسطر الأول ( منذ نعومة أظفاري ) .. فهو يصنف أكس باير .. وأدخل القصيدة من سطرها الثاني ..
( وأنا أركض ..
فتحت ُ عيني،
وجدت الحشود تركض
لما حملتني ساقيّ أطلقتها للريح
وصرت ُ أركض
ولازلنا نركض
الجموع تتدافع )
ثم ..
( فقدت يدي ّ.. ساقي ّ
أحدى عيني ّ
ولازلت أركض
بلا يدين بلا ساقين
والحشود تركض )
وسأحذف سطرين ..
( ...، نركض
ولم نصل
تناسيت ُ نفسي
فقدت إحساسيي
لم أجد الوقت لأنظر الى نفسي في المرآة
ولما نظرت لم أعرفها ../ 7- 8-9)
هنا أكتملت المحاولة الشعرية والمتبقي من القصيدة تفسير توصيلي لما أخبرنا النص به ..
(*)
أستوقفتني النصيحة الرابعة / 184 ) وحصريا الجملة الشعرية التالية :
( قنعت ُ بقبر ٍ
لم يأتيني . )
هنا ينوب الوعاء الحجري أو المركبة التي ترسخنا في كراج الآخرة .. عن الفعل المؤدي لهذا الوعاء.. وعلى المستوى الوطني ستكون لهذا النصيص قراءة عراقية
(*)
تستوقفني هذه السطور من قصيدة ( الحب أشد من القتل )
( أعلق ُ على شماعة القدر
الأحلام َ المهترئة
- التي ليست على مقاسي –
أفصّل غيرها
أصغر مقاساً
تناسب قوام ِ الزمن الجميل
هو الأنسب
البحر أسود في عمقه
النهار أسود في ليله
الدم أسود في قلبه
البترول ذهب أسود
والحجر الأسود
أسود بطبيعة الحال ! / 79 )
ضمن قراءتي هنا .. أكتملت دورة الجمالية للقصيدة ..
*زينب الغالب / ضوء يضج بالعتمة / دار الينابيع / دمشق / بلا تاريخ إصدار ..