الطّلقة الأخيرة على رأسي الغبيّ*

2018-01-05
( حُزِ الموت بكلّ ما لديك من شهيّة، بأنايتكِ، وجميع الكبائر- آرثر رامبو )

(1)
ألوذ إلى قراءة الأدب المترجم
كي لا أرى شعرها وساعديها 
والطّريق الطّويل لراحتها النّحيلةْ
وأدمن البونوغرافيا في هذا الفراغ الكبير
كلّما اشتقت لخاتم ذهبيّ على سرّتها
أعود إلى نجاة الصّغيرة أحيانا 
لأرى نفسي ملاكا على وجنتيها النّاعمتينْ
نسيت على نحو مؤكَّد فيروزْ
ووديع الصّافي وصباحْ
ولم أعد أحفظ شعر شوقي ولا أغاني "السّتّ"
فقط أتذكّر العناوين الباهتة كلّ مساء خجولْ
(2)
في هذا الوقت، الآن
أكتب في العتمةْ 
أفتّشُ في الغبار
وأركل بإحدى يديّ ككلب عقورْ
ذاكرتي عن امرأة شهيّة لا تلبس غير (كلوتها) المائيّ
ذاكرتي عامرة بالصّورْ
وعطرٍ هادئ ينسلّ نحوي
مشبعاً بها حدّ التّخمة الموجعةْ
(3)
"حبيبتي" صارت حجرْ
أبصق على صورتي في جدار طويل آيلٍ للانحناء 
كرجل عجوزْ
يعاني الارتخاء الغضّ
خذلتها والأمّ والأصدقاء
وخذلتُ نفسي
وخنتُ شمس الصّباحْ
وهْي تداعبني برقيق الكلامْ
ومرّغت القصيدة باستعارتها
وصنعتُ خيبتيَ الكبيرةْ
(4)
كشيء تافهٍ أشعر بالقرف الشّديد
تتذوّقني حالة من اللّاشهوةٍ للفجورْ
تختمر الأبجديّة فكرةً عفنة
تلتفّ عليّ بساقها العرجاءْ
كأنّي لست أعرجَ أو غريب الانبعاجْ 
(5)
عند منتصف البزوغ للنّعاسْ
تطلق اللّغة ثعلبها الماكرَ
تعصر الكأس في ليلة حائرةْ
وترشّني بالرّصاص
فتنهش رأسي الغبيّ بطلقتها الأخيرةْ
ويستريح الصّمت من قلقي في الثّرثرات القاسيةْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من ديوان "ما يشبه الرّثاء"، معدّ للنّشر

فراس حج محمد

‏كاتب فللسطيني عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين. أصدر (18) كتابا في فلسطين والأردن ومصر . نشر في العديد من الصحف العربية

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved