التّسابقُ في التّسلّح المائيّ!

2011-08-10
مِن //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/3c2049b1-18e0-481d-b08c-acd9f2cf70ba.jpeg مهازلِ الحياة،ِ وفي خضمِّ الصّراعاتِ العالميّةِ، والتّناحراتِ الدّوليّةِ والتّسابق على التّسلّحِ بأنواعِ الأسلحةِ الفتاكة، أن نرى الكثيرَ مِن دولِ العالم تفتقرُ إلى شرعيّةٍ ونزاهةٍ تُؤمّنُ لها مياهَ الشُّربِ!
فبتاريخ 18-1-1993 قرّرت الجمعيّةُ العامّة للأمم المتّحدة تحديدَ يوم 22 من مارس يومًا عالميًّا للمياه، وفي الدّورة 58 للجمعيّة العامّة أعلنتْ قرارَ عقْدِها الدّوليّ للعمل، "الماءُ مِن أجلِ الحياة"، في الفترةِ مِن الأعوام 2005- 2015، كخُطّةٍ للوصولِ إلى تقليلِ نسبةِ الأفرادِ إلى 50%، ممّن يُعانونَ مِن نقصِ المياهِ الصّالحةِ للشّرب بحلول عام 2015، إذ إنّ لنوعيّةِ المياهِ أثرٌ بالغٌ على نوعيّةِ الحياةِ والصّحّة!

اليونسكو كوكالةٍ رئيسيّةٍ للأممِ المتّحدةِ في العلومِ والتّعليم في مجالِ المياهِ، تُزوّدُك بأرقامٍ مُرعبةٍ في تقاريرِها كلّ ثلاثةِ أعوام:
*هناك مليار ونصف شخص في العالم، معظمُهم في أفريقيا، ليسَ لديهم مصادر للمياهِ النّقيّة!
*يوميًّا يموتُ نحو 6000 طفل في الدّولِ النّاميةِ بأمراضِ الكوليرا والتّيفود النّاجمةِ عن المياهِ المُلوّثة!
*يوميًّا يموتُ نحو 35 ألف شخص بسببِ نقصِ المياه، أو الاعتمادِ على مياهٍ ملوّثة!
*وفاة 2.2 مليون شخص سنويًّا جرّاءَ الإسهال الذي تُسبّبُهُ المياهُ غيرُ المأمونة وسوءُ النّظافةِ الصّحّيّة!
*وفاة 1.8 مليون طفل سنويًّا مِن أمراضٍ منقولةٍ بواسطةِ المياه!
*و3 مليار شخص في العالم ليسَ لديهم نظام صرفٍ صحّيّ!
*في حين أنّ متوسّطَ الاستهلاك الفرديّ اليوميّ للألمانيّ للمياهِ 150 لتر، وللأمريكيّ 400 لتر!
فهل حقُّ الحصولِ على مياهٍ نظيفةٍ هو عاملٌ أساسيٌّ لضمانِ كرامةِ الإنسان، يستوجبُ كتابتَهُ في التّشريعاتِ الدّوليّةِ، وتعليمَهُ لأطفالِنا في المدارس؟
هل هو التزامٌ ديمقراطيٌّ مِن جانبِ الدّولِ الغنيّةِ أن تزيدَ مِنَ الأموالِ المُخصّصةِ لمشاريعِ المياه، والّتي لا تتعدّى 5% مِنَ المساعداتِ الدّوليّة؟
الماءُ هو عصبُ الحياةِ، لأهمّيّتِهِ في حياةِ جميعِ الكائناتِ الحيّة ومناحي الحياةِ المنزليّةِ والزّراعيّةِ والصّناعيّةِ وإنتاج الطّاقة، وهو رمزٌ روحيٌّ للفنّانينَ والدّياناتِ والمُعتقداتِ والتّقاليدِ، ومصدرٌ لازدهارِ وانهيارِ الحضارات. لكن تجدر الاشارة الى ان؛ 97% مِنَ الماءِ هو شديدُ الملوحةِ ويتركز في المحيطات، وفقط 3% مِن مياهِ العالَم عذبةٌ وغيرُ متوفّرةٌ بيُسْرٍ للناس، وخُمْسُ سكّانِ العالمِ يُعانونَ مِن أزمةِ مياهِ الشُّرب الّتي باتتْ تُهدّدُ البشريّةَ أكثرَ مِنَ الحروبِ والإرهاب!
ليسَ هذا فحسْب..
بل إنّ مقاطعاتٍ في الصّينِ تُعاني مِنَ الجفافِ الشّديدِ، ودولُ الخليجِ تُعاني مِن عجْزٍ في مواردِ المياهِ وشُحِّها، ومعَ انخفاضِ المواردِ المائيّةِ، وارتفاعِ الكثافةِ السّكّانيّةِ والتّضخّمِ السّكّانيّ الدّيموغرافيّ والعُمرانيّ، تفاقمت الأزمةُ المائيّةُ واشتدّ التّنازعُ على الثّروةِ المائيّةِ، وباتَ التّوتّرُ يُهدّدُ دولَ الشّرقِ الأوسطِ بالخطر!
وفي أعالي نهرِ الفراتِ أقامتْ تركيّا عام 1992 سدَّ أتاتورك، لتخزينِ ما يُناهزُ نصفَ مياهِ النّهر، وتَنوي بناءَ سدّ أليسو على الحدودِ السّوريّة، وتتكرّرُ الخلافاتُ حولَ المياهِ المتبقّيةِ الّتي تجري إلى سوريا والعراق!
وتِسْعُ دولٍ تشاركُ مصرَ في 95% مِن مواردِها المائيّةِ المرتبطةِ بنهر النّيل منذ أكثرَ مِن 50 عامًا، ومعَ زيادةِ السّكان أكثرَ مِن ثلاثةِ أضعاف، انخفضتْ كميّةُ المياهِ، وقد يؤدّي الوضعُ إلى موجاتِ جفافٍ وتغيراتٍ مناخيّةٍ قد تسيءُ لاحقًا إلى العلاقاتِ الدّوليّةِ المشتركة!
هل نقْصُ المياهِ هو المشكلةُ الوحيدة؟
تفتقدُ بعضُ الدول إلى خزّاناتِ مياهٍ كبيرةٍ وأنابيبَ توزيعٍ كافية، وتُسرِفُ في استخدامِ المياهِ ولا تلتزمُ بحدودِ الحاجةِ، كما تصرفُ كثير منَ المدن والمصانع فضلاتِها في الأنهارِ والبحيراتِ وتُلوّثُ المياه، ومع تنامي عددِ السّكّان والتّوسّعِ العمرانيّ، ومع ضَخِّ المواردِ الجوفيّةِ والتّلوّثِ الكيميائيّ، قد تتدهورُ نوعيّةُ المياهِ بتداعياتٍ خطيرةٍ وآثارَ مسيئةٍ للبشريّةِ وتصحيرٍ للبيئة!
إذًا؛ كيفَ يتمُّ توفيرُ بيئةٍ مائيّةٍ نظيفة، يُمكنُها تلافي المشاكل النّاجمةِ عن شُحِّ المواردِ المائيّةِ وتوفيرٌ ملموسٌ في كمّيّةِ المياهِ المستهلَكةِ، في حين أنّ إنشاءَ محطّاتِ تحليةِ مياهِ البحرِ باهظةُ الثّمن، تُشكّلُ عبئًا يُثقلُ الميزانيّاتِ الدّوليّة؟
هناكَ أساليبُ وتقنيّاتٌ أقلُّ تكلفةً لإعادةِ استخدامِ مياهِ الاستحمام لريِّ الأراضي بدلاً مِن إهدارِها، ولا بدّ مِن حملةٍ تثقيفيّةٍ توعويّةٍ حولَ كيفيّةِ الحفاظِ على المياهِ ومشروعاتِها المختلفةِ بدون إسراف، وتحفيزِ المواطنينَ على ترشيدِ استهلاكِ المياهِ، وتبادلِ المعرفةِ التّقنيّةِ والإداريّةِ بينَ القائمينَ على الثّروةِ المائيّة، وتوفيرِ التّمويلِ اللاّزم للاستثمارِ والبحثِ عن سُبلٍ وآليّاتٍ للتّغلّبِ على مشكلةِ نقص المياهِ وتحسينِ نوعيّتِها، وتوفيرِ خدماتِ صرْفٍ صحّيّ بتقنيّاتٍ حديثة، ووسائلَ متميّزةٍ جديدةٍ لحمايةِ المياهِ السّطحيّةِ وشبكاتِ المياهِ الجوفيّةِ مِنَ التّلوّث، وفرْضِ غَراماتٍ كبيرةٍ على كلّ مَن يُلوّثُ مياهَ الشّرْب!
جهازٌ جديدٌ ابتكرَهَ المهندسُ الألمانيّ هوبرت هام، ويَصلحُ للمناطقِ الصّحراويّة، يُمكنُهُ تحويل رطوبةِ الهواء إلى ماء، إذ يَشفطُ الرّطوبةَ مِنَ الهواء، ويُبرّدُها إلى درجة الذّوبان، ويُكثّفُها في وعاءٍ كبير، ثمّ يُمرَّرُ تيّارُ الهواء المُكثّفِ على مَرشَح، ووفقًا لحجمِ فتحات شبكتِهِ يتمُّ الحصولُ على كمّيّةِ مياهٍ تتراوحُ مِن 24 إلى 6000 لتر في اليوم، وتُضافُ إليه الأملاحُ المعدنيّة، ليتمّ الحصولُ على مياهِ شرْبٍ نقيّةٍ مُطابقةٍ لمواصفاتِ منظّمةِ الصّحّةِ العالميّة!
لكن تبقى الطاقة أهمُّ العوائقِ أمامَ هذا الجهاز، فهل تعجَزُ دولُ النّفطِ الصّحراويّةِ خاصّةً عن توفيرِ الطّاقةِ في تمويلِ المشروع، إضافةً إلى الطّاقةِ الشّمسيّةِ وطواحين الهواء، طالما يمكنُ للجهازِ توفيرُ مياهِ الشّرْب، وتقليلُ نسبةِ الرّطوبةِ، واستغلالُ الهواءِ المُبَرّدِ في البلادِ الحارّةِ، كوسيلةٍ لتكييفِ البيوت ووقايةٍ لانتشارِ الأوبئةِ والأمراض؟
ولكن؛
هل هذهِ الوسيلةُ ستكونُ أفضلَ بكثيرٍ مِنَ استخراجِ مياهِ الشّرْبِ مِنَ المياهِ المالحةِ، ولا تنجُمُ عنها أضرارٌ بالبيئةِ كمضاعفاتٍ؟

آمال عواد رضوان

كاتبة ، شاعرة وصحفية فلسطينية، محررة الوسط اليوم الثقافي 
 لها : *1- بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّج/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/ عام 2005. *2- سلامي لك مطرًا/ كتاب شعريّ/ آمال عواد رضوان/عام 2007. *3- رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقود/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2010. *4- أُدَمْوِزُكِ وَتَتعَـشْتَرِين/ كتاب شعريّ/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2015. *5- كتاب رؤى/ مقالاتٌ اجتماعية ثقافية من مشاهد الحياة/ آمال عوّاد رضوان/ عام 2012. *6- كتاب "حتفي يترامى على حدود نزفي"- قراءات شعرية في شعر آمال عواد رضوان 2013. *7- سنديانة نور أبونا سبيريدون عواد/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2014 *8- أمثال ترويها قصص وحكايا/ إعداد آمال عوّاد رضوان/ عام 2015 وبالمشاركة كانت الكتب التالية: *9- الإشراقةُ المُجنّحةُ/ لحظة البيت الأوّل من القصيدة/ شهادات لـ 131 شاعر من العالم العربيّ/ تقديم د. شاربل داغر/ عام 2007 *10- نوارس مِن البحر البعيد القريب/ المشهد الشّعريّ الجديد في فلسطين المحتلة 1948/ عام 2008 *11- محمود درويش/ صورة الشّاعر بعيون فلسطينية خضراء عام 2008 صدرَ عن شعرها الكتب التالية: *1- من أعماق القول- قراءة نقدية في شعر آمال عوّاد رضوان- الناقد: عبد المجيد عامر اطميزة/ منشورات مواقف- عام 2013. *2- كتاب باللغة الفارسية: بَعِيدًا عَنِ الْقَارِبِ/ به دور از قايق/ آمال عوّاد رضوان/ إعداد وترجمة جَمَال النصاري/ عام 2014 *3- كتاب استنطاق النص الشعري (آمال عوّاد رضوان أنموذجًا)- المؤلف:علوان السلمان المطبعة: الجزيرة- 2015 إضافة إلى تراجم كثيرة لقصائدها باللغة الإنجليزية والطليانية والرومانيّة والفرنسية والفارسية والكرديّة. * 
الجوائز:
*عام 2008 حازت على لقب شاعر العام 2008 في منتديات تجمع شعراء بلا حدود. *عام 2011 حازت على جائزة الإبداع في الشعر، من دار نعمان للثقافة، في قطاف موسمها التاسع. *عام 2011 حازت على درع ديوان العرب، حيث قدمت الكثير من المقالات والنصوص الأدبية الراقية. *وعام 2013 منحت مؤسسة المثقف العربي في سيدني الشاعرة آمال عواد رضوان جائزة المرأة لمناسبة يوم المرأة العالمي 2013 لابداعاتها في الصحافة والحوارات الصحفية عن دولة فلسطين. وبصدد طباعة كتب جاهزة: *كتاب (بسمة لوزيّة تتوهّج) مُترجَم للغة الفرنسيّة/ ترجمة فرح سوامس الجزائر *كتاب خاص بالحوارات/ وستة كتب خاصة بالتقارير الثقافية حول المشهد الثقافي في الداخل *ستة كتب (تقارير ثقافيّة) حول المشهد الثقافي الأخضر 48: من عام 2006 حتى عام 2015

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved