مصمم الازياء الفرنسي إيف سان لوران قال وضعت النساء في السراويل فقلب المقاييس رأسا على عقب ومات كمدا بالافيون رغم نجاحاته الهائلة

بعد الثورة التي احدثنتا (كوكو شانيل) في الازياء حل مصمم الازياء الباريسي (إيف سان لوران) الذي ولد في الجزائر، ليشعل ثورات نسائية اخرى لاتقل مقاما مما احدثته (كوكو) ورغم ان ثورات (كوكو) اوقدت ثورات نسائية عارمة الا ان المجتمع بقي صارما في رؤياه لهذه التقلبات الجنونية التي جاءت بفعل (كوكو)، تصوروا مثلا في عام 1963 كانت كثير من المطاعم والمنتديات الراقية تفرض على الرائدات مغادرة المكان لانهن كن يرتدين السروال وكانت كثير من الملابس النسائية مرفوضة لانها تحقير للتاريخ الذي ينبغي ان يصان خاصة من العجائز من كلا الجنسين ولا تحسبوا ان ذلك كان مقصورا على العجائز فحسب بل الكثير من الرجال الاشاوس الذين يتارجحون بمراجيح التاريخ المتهرئة.

بظهور مصمم الازياء الاسطوري (إيف سان لوران) اختفى حتي (عصر كوكو) المتقدم حيث اعتبروه عصرا انصرم وحل بعده عصر (إيف سان لوران) ولم يلبث هذا عصر ان اختقى الا ان (إيف سان لوران) يعتبر دون تردد بانه المستنبط لعصر الازياء الحديثة حيث غدت باريس العاصمة العالمية للازياء وذلك بدء بانطلاقة كوكو شانيل وظهور (إيف سان لوران) ثم كرستيان ديور و كافنشي.
بدا (إيف سان لوران) حياته في خلق الازياء مذ ان كان في السايعة عشر من عمره. هذا الفتى الخجول عمل مع الاسطوري الاخر (كرستيان ديور) وعندما بلغ الـ 21 من العمر اصبح المسؤول الاول في امبراطورية (كرستيان ديور). وفي هذه الامبراطورية مزج (إيف سان لوران) الق مبتكرات (ديور) في الملابس النسائية بالملابس الملبوسة في ملابس الحياة الواقعية الني كانت دائرة.

في عام 1954 صمم (إيف سان لوران) لاول مرة لباسا نسائيا لامتناظرا اي النصف الايمن يختلف في منظره عن الايسر وهو ما لم يكن معهودا قبله وكثيرا ما نشاهده الان لدى الشابات.

عندما مات (كرستيان ديور) في عام 1957 خلفه في امبراطورية الملابس النسوية (إيف سان لوران) وكانت تلك الامبراطورية تعتمد ما سمي بالأوتكوتور بالفرنسية (Haute Coutre) اي انتاج فستان واحد مصمم لواحدة من كبيرات الممثلات او الملكات او الاميرات او زوجات او عشيقات اصحاب الثراء الفاحش وكان الدفع انذاك بآلآف الدولارات ربما تدفع من خزانات الدول او المليونيرية من الرجال المهووسين بجمال عشيقاتهم.

مالبث (إيف سان لوران) ان التحق بالواجب العسكري وعندما تخلص من هذا العبء الوطني الكبير فتح له في عام 1962 بيتا للأوتكوتور ثم اصبح يصمم للنساء والرجال. من تصاميمه الثوب الرقراق الشفاف الذي لا يحجب ما خلفه كما استحدث (البانت) وهو اللباس الذي تلبسه النساء والرجال على حد سواء الان وقد قبله الرجال على مضض وعلى الرغم منهم.

قي عام 1996 خطى (إيف سان لوران) خطوتان جديدتان على باريس الازياء اولهما عرضه ملابس الأوتكوتور على الانترنيت، اما خطوته الثانية فهي ابطاله المعارض الكبيرة التي طالت 30 عاما وكان ذلك بمثابة كسرا لجليد الماضي واستبدال ذلك بمعرض او معارض يدعو فيها نخبا من الصحفيين في مواعيد محددة. كان (ييف سان لوران) البادئ بنقل الازياء المفضلة للممثلات وزوجات المليونيرية، الى متناول المراة العادية وبذلك جعل ملابس النساء على سعتها متوفرة في المخازن انى ذهبن، وهو وبذلك بدل مظاهرهن، وهدفه الاول ليس زيادة جمالياتهن فقط، بل لاكسابهن الثقة في ملابسهن ومنافسة الرجل وزيادة دورهن في الحياة.

وفوق ذلك فان إيف عجل في تطوير البناطيل حيث كانت النساء حتى وقت غير بعيد لا يستطعن ريادة المطاعم الكبيرة  بهذا اللباس، غير ان عددا منهن نزعن البناطي، وابقين الجاكيتات ثم ولجن المطعم بعنف، حدث ما حدث من ضجة ثم استسلام لواقع البنطلون الذي كان حراما عليهن.

بعضهم يسمون (إيف سان لوران) ملك الازياء لمملكة الازياء الباريسية والعالم. في عام 1995 كان دخله يدور حول 837 مليون دولار في السنه، وتمتد مخازنه الى ماوراء البحار اذ تبلغ انذاك 200 مخزنا حول العالم وكانت اسعار ملابسه اقل سعرا بـ 50 بالمائة من ملابس المصمم ريف غوتشي.
قي عام 1965 اصدرت امبراطوريته اول عطر له باسم (Y) وهو رمز ولا ادري ان كان ذلك ارضاء للرجال لان (الواي) الاعجمي لايزال علامة للرجال في ظلمات علم الوراثة. ثم اطلق عطرا آخر اسماه (لكم ايها الرجال) ربما كان رشوة لهم وليس لهن ثم تلاه بـ (عطر الافيون) وقد يعتبر ذلك تخديرا للرجال امام جمالهن.

عام 1966 هو العام التاريخي الذي بدا (إيف سان لوران) ادخاله البنطلون النسائي بشكل واقعي وبذلك اسقط دكتاتورية البنطلون الرجالي ليصبح البنطلون الواحد الرجالي، نصفه تخطفه المرأة من الرجل بقوة خضراء وثورة ورديه اخذ يفهمها الرجل على مضض وتبقي هي النصف الآخر بيد الرجل الذي فقد الحول والقوة على الرغم منه. ربما يمكن ان يقال ان اهم ما نطق به المصمم (إيف سان لوران) هو قوله (وضعت النساء في السراويل) لمداعبتهن ولكن التاريخ ليس في قلبه رحمة خاصة وانه اي التاريخ لم يرحمهن ابدا من قبل. انها ثورة على التاريخ منذ ان جعل الرجال الافذاذ النساء وصيفات وجاريات لهم.
في 2004 جعل (إيف سان لوران)  بيته متحفا يضم خمسة الالاف من الفساتين والبناطيل واشياء اخرى صممها مدى حياته الزاهرة، اضافة الى اكثر من 15 الف من رسوم وتصاميم ومواد مختلفة. عندما ترك عالم الازياء في 2002، قال (إيف سان لوران) عن نفسه انه يعاني المحنه والوحدة في الحياة فلجأ الى المخدرات والادوية المخدرة رغم نجاحاته الهائلة التي سجلها في التاريخ الحديث، قال عرفت (الخوف والوحدة المريعة والاصدقاء المزيفين المتمثلين بالمهدئات والمخدرات، وسجن الاكتئاب والمراكز الصحية). عاش النجاحات الواحدة تلو الاخرى وكان احد النجوم اللامعة في الستينات من القرن الماضي، القرن العشرين الذي كان عصر الثورات التكنولوجية وانطلاقات طلبة الجامعات والعمال، وخاصة الانطلاقات النسائية التي كانت حدا لانصرام عصرٍ ماضٍ شبه اسود، الى انطلاقات نسائية وردية والكثير من الثورات النسائية المخملية ولعل ابلغ ما قاله إيف سان لوران (وضعت النساء في السراويل) فخلق عصرا اصبح الرجل فيه (مملوكا) او (عبدا) او (جارية) للمرأة، الرجل المصاب بالبلادة منذ عصور التاريخ عندما كان يقتل ويسبي ثم يقضي الليالي الملاح بين اصابعهن الرقيقة المضمخة بالعناب وعندما يحل الصباح يغدو اسدا هصورا يسبي ويقتل. كان الفستان على مر العصور يخفي جمال ظهر المرأة و بـ (الجينزات) انكشف ظهر المرأة مما ثار الغرائز الرجالية خاصة اذا كانت المرأة (شحيمة لحيمة) وبهذا يشد (الجينز) مؤخرتها، وبمشيتها تبدو وكانها (غزالا بريا) يحي عظام الرجال وهي رميم.

 توما شماني - تورونتو عضو اتحاد المؤرخين العرب