ليسوا إخوانا وليسوا مسلمبن

2014-04-30
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/e06dedac-612d-41ba-8ba5-e4ec928cdd73.jpeg
 أحيانا يذهب خيالي وتمنياتي الى أشياء لا تحدث، ولكنها تساعدني على النظر والتمعن في الواقع المعاش، لربما أجد إجابات لأسئلة قد تكون عصية على الإجابة . . اليوم مثلا تخيلت لو عاد الشيخ حسن البنا الى الحياة لينظر الى عيون من تربعوا في غرور وزهو، على عرش الجماعة التي كافح ومات في سبيل تأسيسها لقال لهم : ضيعتموني  وهو يعيد جملته القديمة التي أطلقها في وجه التنظيم الخاص الدموي الذي إنحرف بالدعوة عن مسارها الصحيح :

 ((ليسوا إخوانا وليسوا مسلمبن))

 
من قرأ الأحداث في مصر العزيزة علينا بعين متفحصة، يجد أنه  في ظل إنشغال الأخوان ( منذ تسلمهم للسلطة قبل عام ) بالإجابة على سؤالهم الملح والقاطع والغارق في الأنانية  والإنتهازية، متى نهيمن على كل مفاصل الدولة ؟  إنشغل كثيرون بالرد على سؤال أشد وقعا  ووطأة مفاده : هل يخرج الأخوان من التاريخ ؟ ليولوا وجوههم شطر معطيات حقيقية على الأرض، نقول بلا مواربة أن الجماعة كانوا على محك تاريخي ، وإن إستمرار تماسكها  وتواصل نفوذها وحضورها السياسي  والأجتماعي الطاغي و المتحكم لم يعد قضية موضع تسليم، وأن الآتي سيكون أعظم من الذي أتى . لقد وقف السلفيون معهم، بعد أن كانوا يتهموهم بجني مكاسب الثورة على حساب الثوار، وإستخدام دماء الشهداء والمصابين أوراقا للتفاوض مع العسكر، ثم إصطفوا معهم ضد فزاعة العلمانية وأما القوى المنفتحة والتي صوتت لهم، للتخلص من تأثيرات بقايا تابعي نظام حسني، فإن الأخوان وتاريخهم يشهد لهم بذلك ويقول بصراحة إنهم يبدأون عقب تمكنهم مباشرة بأكل حلفائهم، وهذا ما فعلوه حقا . وهذه التصرفات هي ما كان يعلمها رجل مثل الشيخ ياسر برهامي، وحسبما كانت تنم عن ذلك كل تصريحاته  وأحاديثه . وحالة التململ وعدم الأقتناع بوضع شباب الجماعة  إزدادت في وجه الناس، والحيرة سكنت نفوس شباب الجماعة وإستعر أوارها، والشكوك أخذت تساور بعض القيادات في أن رحلتهم الطويلة قد بلغت " التمكن المريح ، بعد عقود عجاف  من التمسكن "مثلما إعتقدوا بعد الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية ، فمشروعهم بدا للناس مفلسا ، وقدرتهم على مواجهة الواقع ضعيفة ، وخبرتهم في إدارة الدولة ضئيلة ، ورئيسهم لم يستطع مخاطبة الشعب بمنطق مقبول ،  وأصبح خصومهم ، يوما بعد يوم في إزدياد ، وأصبح ليس أمامهم  من سبيل  سوى    " التغلب بأي شكل من الأشكال " وكانت هذه هي بداية الخسران المبين . إنه الغرور الذي دفع أصحابه الى النهاية المحتومة ، مما أدى الى أن تصوب السهام الى أجسادهم من كل صوب  ، وذهبوا غير مأسوف عليهم ،. بعد أن كان مؤسس الجماعة يراهن على أن حب الناس لهم هو الذي سيدفعهم الى القيادة ، وأن جميعهم سيقبلون يد المرشد أو يبجلونه ، بدلا من أن يتهكموا عليه وعلى كل من حوله . ووجد الشعب المصري قبل الثورة أن الأخواني كان يتحدث إليهم بفخر عن أنتمائه السياسي مدركا أنه يراه مناضلا  أو ضحية أو مشروع إستشهادي . ولكن الذي إستجد في الأمر هو أن الشباب عندما يأتون الى ساحة التحرير أو يعلقون على ما كتب بصفحات التواصل الإجتماعي على شبكة الأنترنيت بادئين كلامهم ، " أنا لست إخوانيا ولكن ...   ...  " وإذا إعترف واحد منهم بإنتمائه للجماعة يقر  بسهولة إن القيادات تخطئ وإن المخاوف كانت لديهم تزداد حيال المستقبل المنظور و البعيد .

لقد أخطأ رموز النظام الخاص ، وأتباع التفكير "القطبي" ، ممن مسكوا برقبة الأخوان ، في تقدير الموقف  فتوهموا أن المصريين صوتوا لمشروع الجماعة  ، وأن إستلامهم للسلطة أصبح حكما نهائيا و أبديا ، وأن العسكر لا خبرة  سياسية لهم ، والقوى المدنية مبعثرة ومتناحرة ، ولم تستطع أي قوة أن توقف تقدم الجماعة . فجاهروا في الداخل بالإستغناء و الإستعلاء ، وأرسلوا الى الخارج  وفودا لطمأنة العالم حيال نظام حكمهم الذي إعتبروه أبديا ، وقدموا التنازلات على مصلحة الشعب المصري ، مثلما جرى في "هدنة غزة " .. لكن كل تصوراتهم هذه كانت خاطئة  ، فالمدنيون ظلوا فاعلين رغم تشرذمهم  ، والعسكر لم يخرجوا من الساحة بل إحتفظوا بكل شئ . و بعد سقوط أخلاقي واضح ل(( الأخوان )) لمسه وعرفه  القاصي والداني  ، لكل هذا ثار شعب مصر وأذاق الأخوة مر الهزيمة ، وجعلهم أثرا بعد عين ، وحكايات تروى وذكريات يتم إستدعاؤها للأعتبار والتندر . فطوبى لهذا الشعب الأبي ، الذي فتح الباب للشعوب العربية ، للتخلص من مخاطر التعصب و التطرف الطائفي والإثني و تأثيرات أوهام كل السلفين، الذين حولوا الدين الى دعوات إنتقامية

والدين أصلا براء منهم  .

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved