أما كان جل العلماء رومانسيين؟

2015-01-08
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/e06dedac-612d-41ba-8ba5-e4ec928cdd73.jpeg
 في صيف عام 1847 كان الشاب ويليام طومسون ( الذي أصبح فيما بعد لورد كلفين العظيم ، الشخصية البارزة في العلم البريطاني) يتجول في منطقة جبال الألب منتجع السادة البريطانيين ، بين شاموني وقمة مون بلان . وهنك إلتقى بسيد بريطاني آخر، أحس بأنه غريب الأطوار والسلوك. ذاك كان هو جيمس جول والذي كان يحمل مقياس حرارة ضخما ، وتتبعه زوجته في عربة على بعد مسافة قصيرة ، لقد أراد جول طوال حياته أن يبين أن الماء عندما يسقط من علو 778 قدما ترتفع درجة حرارته بمقدار درجة فهرنهايت واحدة . والآن إغتنم جول فرصة شهر عسله لزيارة شاموني ( تماما كما يزور الأزواج الأمريكيون شلالات نياغارا) ليجعل الطبيعة تجري له هذه التجربة . فالشلال هنا نموذجي ، ومع أن إرتفاعه لا يصل إلى 778 قدما ، إلا أن مسقطه كافي للحصول على إرتفاع في درجة الحرارة قدره نصف درجة فهرنهايت . ومع الأسف لم ينجح فعليا في تحقيق هدفه لأن الشلال يتكسر كثيرا الى رذاذ ، مما أدى الى فشل التجربة .
     إن قصة هذا العالم ، مثل غيره من العلماء في أعمالهم العلمية الغريبة ليست عديمة الصلة ، بما إستطعت أن أستخلصه من متابعة إنجازاتهم الكبيرة .. حيث أن مثل هؤلاء الأناس هم الذين جعلوا الطبيعة رومانسية ، كما أن الحركة الرومانسية في الشعر سارت مع هؤلاء العلماء خطوة خطوه ، ولمست ذلك جليا في شعر شعراء مثل "غوته" ( الذي كان عالما أيضا ) .. وفي موسيقى موسيقيين مثل   "بيتهوفن" . ورأيت ذلك أول كل شئ في شعر " ورد زورث" .. حيث وجدته بأنه يرى الطبيعة كخفقات متسارعة للروح ، لأن الوحدة فيها كانت مباشرة وآنية في القلب والعقل ، وكان " ورد زورث " قد مرّ عبر جبال الألب عام 1790 عندما جذبته الثورة الفرنسية الى القارة الأوربية . وقال عام 1798 في قصيدته (( دير تنترن)) ما لا يمكن أن يقال بشكل أفضل :
" لأن الطبيعة بالنسبة لي كانت كل شئ .. لا يسعني إلا أن أرسم ما كنته آنذاك .. فقد ظل هدير الشلال يطاردني مثل العاطفة "   .
     " إذا فالطبيعة بالنسبة له هي كل شئ " .. وهذا ما لم يستطع جول أن يعبر عنه بمثل هذه البلاغة ، ولكنه قال بالفعل (( إن العوامل الكبيرة في الطبيعة سرمدية وغير قابلة للفناء))  وكان بذلك يعني نفس ما عناه " ورد زورث" .
    فلا غرو إذا ما إستطعت أن أجزم ، بأن كل عمل إبداعي كبير  ، تمتعت به البشرية  ، كان يسبقه حلم  رومانسي ومن ثم يتم تحقيقه بجهد العلماء والشعراء الرومانسيين ، الذين أدركوا أن الريح والبحر والنهر والبخار والفحم قد نجمت كلها في الأصل من حرارة الشمس . وإن الحرارة إنما هي شكل من أشكال الطاقة ، لقد فكر رجال عديدون في ذلك ولكن الرجل صاحب الفضل في تقرير هذه الحقيقة هو" جيمس برسكوت جول "ِ من مانشستر والذي ذكرت إسمه في مطلع هذه الحكاية الظريفة عنه 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved