(بيضاء رعبوبة، بالطيب مشبوبة، بالشحم مكروبة)
سُئل طرفة بن العبد ما أطيب عيش الدنيا؟ فقال امرؤ القيس (بيضاء رعبوبة، بالطيب مشبوبة، بالشحم مكروبة). وقال ايضا (فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع) وردت عليه عشيقته يوما (عقرت بَعيري يامرؤ القيس فانزلي) وفي (نشيد الانشاد) من العهد القديم، تقول هذه العبارة، قال من قال (حبيبتي كلها، من الذي قال ومن هي هذه الحبيبة؟ اما الحبيبة فاسمها شولاميت، اما العاشق فلا نعرف اسمه. فالاسم لا يهم ولكن العبارة الجميلة هي التي تهم). وقيل في الفولكلور (حبيبتي أنت لست واحدة انت الوف الجميلات فقد حارت فيك عيناي واذناي.. فلا أجد ما أقول.. فأنت كثيرات يا حبيبتي.. وواحدة تكفي.. اعذريني انت اغلبية مطلقة، وانا واحد مسكين حائر في جمالك ودلالك. ما الذي أقول.. ولن اقول.. يا حبيباتي يا جميلاتي يا سيداتي.. ) وقال أخر (كلما تعرفت على امرأة..تمنيت غيرها). وقال آخر (قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسـكٍ متعـبـّد). وقال جميل بثينة (يقولون جاهد ياجميل بغزوة واي جهاد غيرهن اريد) وقال بشار بن برد (تعشقتها شمطاء شاب وليدها وللناس فيما يعشقون مذاهب) وقال بشار ايضا (ودعجاء المحاجر من مَعْدٍ كأن حديثها ثَمْرُ الجنانِ) ثم (قامت لمشيتها تثنت كأن عظامها من خيزران). وقال المنخل اليشكري(احبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري). وقال الفارس عنتر العبسي او عنتر بن شداد وجسمه يقطر دما في المعركة (فوددت تقبيل السيوف لانها لمعت كبارق ثغرك المتبسم) وقال عنترة ايضا، مخاطباً حبيبته عبلة (أحبكِ يا ظلومُ فأنت عنـدي مكان الروح من جسد الجبان) ويقول ايضا (أتاني طيف عبلة في المنـام ِفقبّلنـي ثلاثـاً فـي اللثـامِ) ثم (لمتُّ أسىً وكم أشكو لأنـي أغار عليكِ يا بـدرَ التمـامِ).
اما العيون فذوات شجون اذ نجد في العيون نسائم الحنان والرقة في لغة تصل القلوب قبل الآذان، يغرفها المحبون ويغرقون فيها، اما دموع عين المرأة فهي داء ودواء وشفاء لما يعنيه الشعراء بالمحبَّة او الهَوَى او الصَّبَابَة او الوَلَه او الهيام وآخره العِشْق والجنون. قال جميل بثينة (لها مقلةٌ كحلاء, نجلاء, خلقةً كأن أباها الظبي, أو أُمَّها مَها). وقال ابن الرومي (نظرت فأقصدتْ الفؤاد بطرفها ثم انثنت عني فكدتُ أهيمُ). المتنبي لم يقع في الحب يوما اذ امضى حياته يمدح كافور الاخشيدي في مصر ثم يهجوه متشردا في مغاليق السياسة لكنه في يوم رأى حورية لها عينان قاتلتان، قال (ولعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي وللعشق ما لم يبق مني وما بقي) ثم (وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ولكن من يبصر جفونك يعشق).
اما عمر بن ابي ربيعة فقال (ليت هندا انجزتنا ما تعد وشفت انفسنا مما تجد) ثم قال (زعموها سألت جاراتها وتعرت ذات يوم تبترد) ثم يقول (كلما قلت متى ميعادنا ضحكت هند وقالت بعد غد). يقول ابن حزم (خريدةٌ صاغها الرحمن من نورِ) ثم (يوم الحسابِ ويوم النفخ في الصورِ) ثم (بالجنتين، وقربِ الخرّدِ الحور)ِ. اما مجنون ليلى فأنشد يقول في وداع حبيبته (ومما شجاني أنها يوم ودعت تولت وماء العيون في الجفن حائر). قال جرير (إن العيون التي في طرفها حور قتلتنا ثم لم يحينا قتلانا) ثم (يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا) .
الواقع انهن اقوى خلق الله انسانا. قال الوأواء الدمشقي (وأمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ وسقت ورداً وعضت على العناب بالبرد). في الوداع قال البحتري (ويوم تثنت للوداع وسلَّمتْ بعينين موصول بلحظهما السحر).ويقول البهاء زهير (قالوا تعشقها عميا فقلت لهم ما عابها ذاك في عيني ولا قدحا) ثم (بل زاد وجدي فيها أنها أبداً لا تبصر الشيب في رأسي إذا وضحا).
أما الخليفة هارون الرشيد فله بعض الشعر اذ يقول (وإذا نظرت إلى محاسنها فبكل موضع نظرة قتل) ثم (ولوجهها من وجهها قمر ولعينها من عينها كحل). قال ابن كلدة (أشارت بطرف العين خيفة أهلها إشارة محزونِ ولم تتكلم) ثم (فأيقنت أن الطرف قد قال مرحباً وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيم).
اما العيون الدعج الشديدة السواد، مع شدة البياض وسعة العين فلها سحر مابعده من سحر حتى قالوا (عين دعجاء بينة الدعج). وقال كثير عزة (سوى دعج العينين والدعج الذي به قتلتني حين أمكنها قتلي). قال المسلم بن الوليد (سقتني بعينيها الهوى وسقيتها فدَّب دبيب الرَّاح في كل مفصلِ). وقال صفي الدين الحلي (كفي القتال.. وفكي قيد أسراكِ يكفيك ما فعلتْ بالناس عيناكِ) ثم (كلت لحاظك مما قد فتكت بنا). ومن العصر الحديث قال إيليا أبو ماضي (رأيت في عينيك سحر الهوى مندفعاً كالنور من نجمتين) وقال نزار قباني (بلقيس ياوجعي ويا وجع القصيدة) عندما قتلت في بيروت بتفجير السفارة العراقية . نزار قباني يقول ايضا (ذات العينين السوداوين المقمرتين ذات العينين الصاحيتين الممطرتين) ثم (لا أطلب أبداً من ربي إلا شيئين أن يحفظ هاتين العينين) ثم (كي اكتب شعراً في هاتين اللؤلؤلتين). اما بدر شاكر السياب فيقول (عيناك غابتا نخيل ساعة السحر وترقص الأضواء كالاقمار في نهر). ولبدوي الجبل في العيون فيقول (عيناك بحرٌ حين أغفو.. اغنت فلملمت أحلامه الضفتان) ثم (تغفو بعينيك طيوف المنى عيناك للاشواق ارجوحتان). أدونيس يقول (حينما أغرق في عينيك عيني ألمح الفجر العميقا) ثم (وأحس الكون يجري بين عينيك وبيني). وقال (أنظر إليك الآن وأسألك: هل أنت غابة؟) وقال واحد عن الشفة (شفةٍ تحرّقها القُبل). ويقول عماد غزالى شاعر من الحداثة (فالوردة هي أنثى ..و السنبلة هي أنثى.. والفراشة و الأغنية و النحلة والقصيدة هي أنثى) (أما الرجل فهو الذي اخترع الحروب و الأسلحة و حزام العفة) واقول اغرق التاريخ بالبطولات الكاذبة. وتقول سعاد الصباح في (فتافيت امرأة) (دعوتٌ الله ذات ليلة أن يحررَّني من حبَّك فاستجاب الله لدعائي وحولني إلى حجر) وتقول (اتركني نائمة خمس دقائق على كتفك حتى تتوازن الكرة الأرضية).
في اللغة العربية كلمة هوى، تعني السقوط واعيرت الكلمة في الشعر لتكون سقوط في الحب فما اجمله من سقوط يعانيه العرب اليوم. اما الصبابة فهي الحب في اشده قال الشاعر (كِلاَنَا بَكَى أَوْ كَادَ يَبْكِي صَبَابَةً إِلى إِلْفِهِ وَاسْتَعْجَلَتْ عَبْرَةً قَبْلِي). والصبابة هي حرارة الشوق قالوا (لاَ يَعْرِفُ الصَّبَابَةَ إِلاَّ مَنْ يُكَابِدُهَا). اما العشق فقد جاء من شجرة العشقة، تخضر ثم تدق وتصفر لهذا كان العرب في الجزيرة يرون ان العاشق يموت عشقا.
اما الهيام فهو جنون آخر في الحب ماخوذ من الجزيرة العربية عندما كانت الابل تصاب بالهيام وهو العطش فتهيم في الصحراء بحثا عن الماء لذا قالوا عن العاشق يهيم مجنونا بحثا عن ليلاه. ولبكاء حواء شرارات من كهارب على قلب الشاعر اذ يقول الشاعر نزار قباني (إني أحبك عندما تبكينا، وأحب وجهك غائماً وحزينا، الحزن يصهرنا معاً ويذيبنا، من حيث لا أدري ولا تدرينا، تلك الدموع الهاميات أحبها، بعض النساء وجوههن جميلة، وتصبر أجمل عندما يبكينا) أما العيون والاهداب التي هام بها الشعراء الى ابعد حدود الهيام والجنون في الصحاري القاتلات والوله وهو جنون آخر فهي اعزكم الله كثيرة منها النجلاء (سعة العينين) والدعجاء (أن تكون العينان شديدتي السواد وسعة المقلة) والكحلاء (سواد الجفون من غير كحل) والحور (اتساع السواد في العينين) والشهلاء (حمرة في سواد العينين) والبرجاء (شدة السواد والبياض في العينين) والوطفاء (طول الاهداب) والزججاء (امتداد الحاجبين ودقتهما) والبلجاء اي البلقاء (السعة بين الحاجبين) اما النعساء فهي التي تفيض صبا وعذوبة ورقة لا يستطيع اصحاب السيوف والشوارب الغليظة بل حتى النساك والمتعبدين نكرانها، ان البروجستيرون هرمون المرأة هبة الله لآدم بعد موت حواء وهذا يذكرني بقول نزار قباني (بلقيس ياوجعي ويا وجع القصيدة) ولابد انه في قبره يردد وينشد (بلقيس ياوجعي ويا وجع القصيدة) وارى ان كل النساء على وجه الارض (بلقيس) انها إلهة الشعر .
توما شماني - تورونتو عضو اتحاد المؤرخين العرب