تزهو محافظة نينوى بخصوصيتها العالية عبر امتلاكها لإرث حضاري تراثي متنوع وعريق وكجزء من خصوصيتها التراثية يلمس زائرها التنوع الفولكلوري للأزياء الشعبية فيها سواء في مركز قضاء الموصل أو الأطراف القريبة والنائية.
فهناك الزي الشعبي للموصليين في مركز المدينة ويتكوَّن للرجال من (الزبون والعقال والغترة أو اليشماغ) مع انتعال حذاء خاص احمر اللون يصنع محليا عند السراجين. و(الزبون) يكون مفتوحا كليا من الأمام حيث تلف جهته اليسرى على اليمنى ويمسك بحزام جلدي عريض، ويرتدي الرجال عادة فوق الزبون ما يسميه الموصليون (الدمير) الذي يشبه الجاكيت مع احتفاظه بخصوصياته.
وترتدي النساء زيا تراثيا من الألوان الهادئة الداكنة وعند خروجهن يضعن العباءة و(البوشية) وهي حجاب شفاف للوجه. وكان يحرم على المرأة والفتاة البالغة مغادرة البيت دون العباءة و(البوشية) إلا أن هذا التشدد يقل في الريف حيث تشاطر المرأة الرجل في العمل في الحقول الزراعية والحضائر، وهناك تتغير الألوان الخاصة بثياب النساء من الألوان الباردة الى الألوان الحارة البراقة تناسبا مع انفتاح المدى وغلبة ألوان الطبيعة الحادة، ذات الامتدادات اللونية الواسعة.
وللأكراد زيهم الخاص المعروف للنساء والرجال حيث تنتقى فيه أقمشة معينة خشنة القوام للرجال وناعمة الملمس للنساء، وكلها فضفاضة لاستقبال هواء الجبال البارد المنعش ولدى الرجال الأكراد تختفي الدشداشة ليحل محلها زيٌّ أقرب إلى البدلة العصرية إلا أنه فضفاض ويمسك من الوسط بلفاف يدور حول الخصر عدة مرات كذلك يضع الأكراد على رؤوسهم لفة من القماش بدلا من العقال واليشماغ وتعتمد الكرديات على سروال سميك فضفاض يرتدين فوقه فستانا شفافا من الشيفون.
وتلجأ نساء بعض القرى إلى وضع طاسة من الفضة أو ما يشبه الذهب على رؤوسهن، فوقها غطاء من القماش ملفوف مع استخدام الحلي المتدلية من أطراف غطاء الرأس.
والآثوريون لهم زي خاص قريب من الزي الكردي إلا أنه يمتاز بخصوصياته لدى الرجال الذين يضعون غطاءاً داكنا أشبه بالعرقجين وقد ثبتت عليه ريشة واحدة أو أكثر مع وضع لفاف عند العنق.
وللعاملين زي فولكلوري خاص بأصحاب الحرف والمهن هو السروال الفضفاض الذي يسميه الموصليون (الشروال) وهو بنطلون من قماش خفيف يمسكه عند الخصر شريط مطاط من اللاستيك أو حزام من القماش يضيق على الخصر ويعقد عقدة ونصف عقدة.
الزي في نينوى هوية لصاحبه وبطاقة للتعرف على فولكلور المحافظة استكمالا لخصوصياتها العالية في الموقع والمناخ وتواتر الحضارات وطرز العمارة ونمط المعيشة واللهجة القريبة من أصل اللغة العربية.
ومع كثرة الاختلاط وتداخل المدينة مع المدن العراقية الأخرى، واستجابتها للحضارة، وخضوعها لصرعات المودة والموديلات الوافدة من هنا وهناك وخاصة لدى أجيال الشباب ، فقد انحسرت خصوصيات الأزياء الفولكلورية الى حدود ضيقة لدى كبار السن والمتمسكين بمحليتهم وتسابق الشباب لهفا وراء الصرعات في عالم الأزياء إلا أن الأصالة هي المنبع والمصب معا.
حبذا لو فكرت منشآت ومعامل الخياطة والخياطون ودور الأزياء، بإقامة معرض دائم بطريقة ما، لطرح موديلات تحافظ على الموروث وتطوعه لفعل التقدم، وتقدم فيه خصوصية المدن العراقية، والموصل واحدة منها وهي مثال ايجابي ومفيد جدا.