أمسية منتدى أديبات البصرة الأدب النسوي الى أين..؟ 11 تموز 2018
بلقيس خالد
قد يبدو..
أن هذا السؤال أصبح تقليديا
: أعني الأدب النسوي الى أين ؟
لكنني أراه
يصلح كمنصة إنطلاق
للتحاور والتناظر
حول جهود المرأة البصرية والعراقية ..
جهودها المساهمة في الحراك الثقافي : سردا وشعرا ونقدا ومسرحا
خصوصا بعد ربيع 2003
أنتعشت الحركة الثقافية العراقية أنتعاشا مدويا
وتنوعت المنابر الثقافية والإعلامية والتجمعات الثقافية،
لم يعد اتحاد أدباء العراق وحده في المشهد الثقافي،
ومن جهة أخرى ساهمت لأول مرة المرأة العراقية من خلال منظمات المجتمع المدني وأوصلت صوتها وأنشطتها الى أبعد المديات بحضورها الشخصي في الأنشطة العراقية والعربية والعالمية ..
كما أنتشرت مطبوعات المرأة العراقية
القصصية والشعرية والروائية
وتجاوزت المرأة حضورها الشخصي الصامت،
لتحاور وتختلف وتضيف في المناقشات الثقافية
كل هذه المتغيرات النسوية الجميلة تجعل السؤال ضروريا
: الأدب النسوي الى أين ..؟
هل أنفتحت جهات جديدة
في إبداعات المرأة في البصرة والعراق ؟
ماهي مصدات النسق الرجولي الجديدة
هذه الأسئلة وسواها هي أضوية أمسيتنا الثقافية
التشكيل والأشكال .. في مفهوم الأدب النسوي
مقداد مسعود
الورقة المشاركة في أمسية منتدى أديبات 11تموز 2018 ( الأدب النسوي الى أين؟)
(*)
أن نتحاور في هذا المكان أعني منتدى أديبات البصرة، فنحن حقا في المجال الحركي الصحيح
فهنا فاعليات الحراك الثقافي للمرأة المثقفة البصرية، أعني هنا حضورها فالمكان بالمكين كما قالت العرب وحضورها العياني يزيد المناقشات ضوءا ً وعطرا .
(*)
قبل التصالح بين المجتمع والثقافة: كان الضمير التعس هو الحراك الأدبي والفني . بشهادة الفيلسوف هاربرت ماركوز. بعد ذلك عرفت السلطة من خلال ثعلبها أن تستعمل الثقافة مكياجا وفخا ومسلكا ضبابيا لتغيّب الضمير الجمعي ومن جانب آخر عرف الأدب الحقيقي كيف يصون الجميل والأبدي وهذا هو توصيف الأديبة الارجنتينية ماريا إلينا للأدب الحي في كل مكان .
(*)
الأدب النسوي هو (القارة السوداء) بحسب فرويد، وهو ينتسب للحركة النسوية ومابعد النسوية، التي تشمل قراءات عابرة للقارات وأنوثة العلم والثورة النقدية النسائية والنسوية/ الزنوجة والنسوية البروليتارية : روزا لوكسبمورغ وكلارا زيتكين وحركة سبارتكوس ونسوية التاريخ والأنثروبولوجيا والاسطورة..
(*)
السؤال الأهم، بأي صيغة يتشكل الأدب النسوي وأين الاشكالية في الأدب، وهل هي أشكالية داخل النص ؟ أم من موجهات ثقافة الاعلام ؟! التي لاتنوش من الثقافة سوى طرف الخيط .
(*)
من البوح العاطفي والشكوى وإنتظار الفارس المخلّص، أنتقلت مدارك المرأة الى التفكر التوعوي الذي أوصلها للمشاركة المجتمعية .بتوقيت ما يجري الآن نحن نعيش في حقبة (الحداثة السائلة) بحسب زيغمونت باومان والتي تسمى مابعد الحداثة، وسيولتها عند باومان أنها تخلصت من مطلقاتها اليقينة الأولى حينما كانت الحداثة كمفهوم، تخلصت من حتمياتها تاريخيا وطبيعيا واجتماعيا، تخلصت من جاهزية القوانين وأفكار التطابق بين الدلالات والمدلولات، وهنا حدثت خلخة مفهوم دوركهايم في (التوريث الثقافي) كما فشلت محاولات (العقل المستزرع) مع المرأة، وهذا العقل من تعاضد المأسسة التعليمية والضمير الجمعي .
(*)
شخصيا كتبتُ عن جهود الروائيات البصريات والعراقيات والعربيات، وجهود شاعرات البصرة والعراق والشاعرات العربيات، تشهد على ذلك مواقع النت التي فيها لي موقع شخصي وما صدر لي من مطبوعات نقدية .
(*)
كيف نعرف أن هذه الرواية قد كتبتها امرأة؟ حين نحصل على كتاب بلا الصفحة الاولى والثانية ؟ هل سنعرفه من قوة المكياج في النص ؟ أم من عدد التنورات والكوستمات التي فيه، واسماء الاقمشة المتنوعة ؟ لقد خسر الرهائن أصدقائي فهذه المواصفات النسوية الجميلة كانت في رواية (رامة والتنين) للروائي المصري الكبير أدوارد الخراط ؟ والسؤال الثاني المرأة التي تدافع عن حريتها ومكملات أنوثتها في أشعار نزار قباني ..ألا تجعل من نصوص نزار ضمن الأدب النسوي؟ وتحديدا قصيدة (حبلى).. وكذلك (سرير الغريبة) مجموعة شعرية لمحمود درويش .
(*)
أستعين بالناقدة ماري تيلغتون (النظرية الأدبية النسوية)، التي تعلن (إن الأدب يعّد نسويا إذا عبّر النص الأدبي عن تجربة المرأة الخاصّة وواقع حياتها بشكل صادق ومخالف للأنماط التي صُوّرت بها المرأة طويلا).. هذا التعريف كان صحيحا ومقبولا ويمكن أن ينطبق على رواية ليلى بلعبكي (أنا أحيا) التي اثارت دويا نقديا واجتماعيا في ستينات القرن الماضي وكذلك ينطبق على رواية أمل جراح (خذني بين ذراعيك) في 1968 وكذلك رواية (الأسود يليق بك) لأحلام مستغانمي.. ورواية (الصمت) للروائية البصرة إلهام عبد الكريم وهي من الروايات المميزة وتدور حول امرأة تلتزم الصمت من أول صفحة في الرواية حتى النهاية .. وكذلك في روايات (طشاري) و(الحفيدة) ( النبيذة) للروائية العراقية إنعام كجة جي ورواية (الغلامة) للروائية العراقية عالية ممدوح وكذلك رواية (قيامة بغداد) لعالية طالب و(منازل الوحشة) و(عندما تسيتيقظ الرائحة) للروائية البصرية دنى طالب غالي.. لكن حتى في هذه الروايات الآنفة الذكر سنرى لحظتنا العراقية الملتهبة والمتشظية من خلال المرأة العراقية ومكابداتها وصلبانها، وهكذا تكون هذه الروايات مبأرة أنثويا وهذا هو الامتياز الجمالي الفذ للروايات العراقية،الذي سوف تضيف له الشاعرة بلقيس خالد نكهة بمذاق القهوة في روايتها الأولى (كائنات البن) فهي تلتقط لحظة شرسة وتطوف حولها وتخترقها وتتحرك فيها مكوكيا يختلط الغرائبي بالوقائعي والشعري بالسردي في سبيكة نصية تنبثق من إغتصاب الموصل 2014 وتنحدر كمياه دجلة والفرات نحو شط العرب ..
(*)
ضمن بنية التخلف المجتمعي المتزمت ( يغدو مفهوم الرجولة والأنوثة مفهوما موجها لا للعلاقات بين الرجل والمرأة فحسب، بل أيضا للعلاقات بين الإنسان والعالم/5 ) فنحن هنا مع حسم آيدلوجي . فإذا كان مفهوم الرجولة والأنوثة مفهوما طبيعيا أي أن طبيعة العلاقة هي التي فرزت ذلك المفهوم، فأن إسقاط هذا المفهوم على علاقات الإنسان والعالم يغدو إنزياحا شرسا والسبب هو أنه سيكون الإنسان هو المبدأ المذكر والعالم هو المبدأ المؤنث ومن خلال هذه النسخة المشوهة ستنبجس مؤنثات كثيرات لهذا المذكر الأوحد فالحرب والقوة والسجن للرجال والضعف والبيت والدمع والخجل للنساء .
(*)
تستوقفني فتوى لغوية لعبد الحميد يحيى الكاتب، تنص هذه الفتوى على فحولة اللفظ وأنوثة المعنى!! (خير الكلام ما كان لفظه فحلا ومعناه بكرا) وبالعربي المتداول في حقبة ابن يحيى : أقول يالها من قسمة ٍ ضيزى : أن تكون للرجل الكتابة كلها وتكون حكرا له ويترك للمرأة الشفاهي فقط . وهكذا ستكون صناعة الكتابة للرجل والترويج للرجل، حتى بظهور الإسلام وانتشاره فتاريخ الاسلام لرجولة السيف والرمح وخيول الفتح وسبي النساء وتوسيع بورصة سوق النخاسة ومقاتلة آل بيت النبوة وهكذا الرجل بهذا المنطق الفحل : صنع َ وكتب َ وصاغ التاريخ لغويا وهو الذي صيّر المرأة موضوعا لغويا وليست ذاتا لغوية *
(*)
روائيا تذكّرني (مناقب) الفحولة بحرمان الأنثى من الكتابة (كان التدوين ممنوعا في قاف بحجة خرقه لناموس المقدس ../120- منصورة عزالدين – جبل الزمرد) .
(*)
تتهم دائما أن الرواية التي تكتبها المرأة هي سيرتها مع نسبة عالية من التوابل!! والرجل حين يكتب؟ ألا يوجد مايكرو سيرة؟ أعني جرعات معينة من سيرة المؤلف؟ في الصفحة الاولى من (صيادون في شارع ضيق) يعلن الروائي جبرا ابراهيم جبرا لاتشبه بين جميل فران والمؤلف سوى أن جميل فران وصل بغداد في السنة ذاتها التي وصلها المؤلف .
وبعدأكثر من أربعين عاما يعترف جبرا إبراهيم جبرا في كتابه (شارع الأميرات) أن جميل فران صورة عنه وكذلك شخصية توفيق صاحب عقل البداوة صورة طبق الأصل (فهد الريماوي) وبشهادة جبرا (أستوحيته أنا بعد ذلك بمدة قصيرة، وعلى نحو مغاير، في رسم أحدى شخصياتي المهمة في (صيادون في شارع ضيق/ 202).. لكن هذه الرواية المكتوبة بقلم رجل لم يوجه لها احد تهمة السيرة الذاتية ؟
*هذه الورقة وجيز مبحث عن الأدب النسوي .