قبل أربع سنين التقيتُ محمد مهر الدين في عمّان .
إنه ابن مدينتي ، غادَرَ البصرةَ ، فبغداد ، مثلي ، بلا رجعةٍ ...
جبر علوان ، وقد كان ، آنذاك ، في العاصمة الأردنيّة أيضاً ، قال لي :
سيُتعِبُك محمد مهر الدين !
لم يُتعِبْني الرجلُ .
كنا نُمضي ساعاتٍ نتحدّث عن البلد المحتلّ ، وعن دقائقَ في العمل الفنّيّ .
أعرفُ عن الرجل أنه كان رائداً في استخدام مواد مختلفة في اللوحة ، كالمقوّى ، والقماش ، والرمل .
( أحتفظُ بإحدى لوحاته في البيت الأردنيّ الذي هجرتُه ) .
لكنه حدّثَني عن بَصَريّاته .
قال لي إنه يستعين بدقة الكاميرا بعد أن كَلَّ بصَرُه .
يشتغلُ على تدقيق الكاميرا ، فيمنح هذا التدقيقَ رؤياه .
*
محمد مهر الدين له مكانُه المرموقُ ، في الموقفِ .
كان ضد الاحتلال ، منذ الوهلة الأولى ، مُعْلِناً موقفَه في أعمالٍ فنّيّةٍ متميّزة .
هو ، تماماً ، على الضدّ ، من فنّانين عراقيّين ، يساريّين تحديداً ، مالأوا الاحتلال ، واشتغلوا مع مؤسساته ، وسفارات حكوماته العميلة ...
حتى الآن .
*
حين نكتبُ تاريخَ ثقافتِنا الوطنية ، أحراراً ، في وطنٍ حُرٍّ ، سيكون لمحمد مهر الدين ، مكانُه الأبهى .
تورنتو 27.04.2015