سلاماً ايها الحضور الوفي..
أفتتح ورقتي بهذه الومضة الناصعة .. من روائي عربي كبير
(..المجد للرائع الفقيد محمود عبد الوهاب
وقد كان مُعلّما لكل من عرفوه
كنت في زمن بصري موغل
في ستينات القرن الماضي
: أحدهم.
إسماعيل فهد إسماعيل )
(*)
قبل ان أعرف القراءة والكتابة، عرفني الاستاذ محمود عبد الوهاب، فهو قسيم شقيقي الاكبر محمد مسعود، قسيمه في زهرة الرمان .. وحين دار الزمان دوراته صرتُ لصيقا بإستاذي ومعلمي وشيخي الذي لا استحق ان أكون حامل نعليه.. في سنوات الحصار لازمته كالظل، أزوره في شقته ويزورني في بيتنا، يمنحني ما لاكنت أحلمه : مخطوطة قصصه القصيرة بقلمه الرصاص .. مخطوطة روايته رغوة السحاب وتلك المخطوطة التي لا ادري متى تطبع اعني روايته الفذة ( رواية بحجم الكف ) .. في سنوات الحصار قرأت عشرات الكتب النادرة من خلاله .. وحين صدرت مجموعته القصصية ( رائحة الشتاء) نلت شرفا عظيما، وأنا أقدمه في جلسة أقمنا في اتحاد ادباء البصرة ....وانا مدين له بكل ما أكتب ُ فهو علمني كيف أقرأ الكتب لأعيد انتاجها قراءة ً بأختصار ان فضائل الاستاذ والشيخ على تلميذه لاتعد ولاتحصى .. ومازلت أكتبه حبا ونصا ومازال الفشل نصيبي الجميل فالكتابات كلها : محض هامش نحيل في حضرة الشيخ الرئيس محمودنا عبد الوهاب .. ويهمني اطلاعكم على الفصل العاشر من مخطوطة كتابي عن الاستاذ محمود عبد الوهاب، وهو منشور صباح هذا اليوم في موقع الحوار المتمدن عن قصة ( إمرأة الجاحظ ) وهي من القصص التي جمعها توأم روح الاستاذ وصديقه الوفي / حكيم بصرياثا : القاص محمد خضير..
(*)..
صقيلة كلحظة .. هذه الحصاة ..
في ذلك المساء ونحن في حديقة منزلنا، وتحديدا قبل ان ترتشف استكانة لومي بصرة، أراك تنحني وتلتقط حصاة، ثم تتلمسها بأناملك كما تتلمس لحظة ً ناعمة ً .. شفيفة ًوقصيرة العمر، ما ان تفركها تذوب الحصاة بين أصبعيك، فينساب الزمن إنسياب َ سائل ٍ ليس كالسائل ..
(*)
أيها السراج وزيت السراج .
يامدربَنا على الامل
يامعلمَنا في الكتابة..
سيد العطايا انت
وقارب النجاة في سنوات ِ الضنك : أنت .
(*)
المرايا إتسعت، والأصح ُ إنبجست من مرآة ٍ متسعة ٍ كلحظة ٍ
وصقيلة ٍ كحصاة ٍ ومترهلة ٍ كالخدين
ومنتفخة ٍ إنتفاخ ماتحت العينين ..
متورمة ٍ كقدمين أحتبس فيهما زلال ..
(*)
في تلك اللحظة وأنت تدس الحصاة في جيبك .. ظهر رجل يحمل معولا حجريا، كانت كل عيون الحيوان في عينيه، ولا أدري كيف قادنا الى خارج الحديقة والمنزل والشارع والمدينة وادخلنا غابة
إذا ضحك ضحكت وإذا عطس ابرقت وارعدت وإذا غضب تحترق ُ الغابة
(*)
على مضض ٍ سكتنا، حبّاً لحصولنا على ذلك المفتاح، أشار رجل الغابة الى كهف ٍ.. في الكهف
وجدنا شيخوخة الريح
وجدنا تصدع الهواء
كتلة الفراغ : وجدناها ..
ولم تقتنصنا المرايا
لم تقتنصنا لنرانا فيها ..
لأننا..
لسنا من طيور فريد الدين العطار ..
(*)
ثم ...
بيننا الوصيد
أنت في الكهف
وانا على مشارف الشفق .. أنت ودعتني بسؤالك هذا
(*)
يا إبن مسعود ..هل بكى يوماً أحدهم على كتفك ؟
إن لم يحدث هذا، فأنت لاتستطيع تقدير مثل هذا..
*الورقة المشاركة، في جلسة ملتقى جيكور الثقافي التي اقيمت في قصر الثقافة في البصرة بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيل الاستاذ محمود عبد الوهاب..