ورقة مقدم جلسة الشاعر مجيد الموسوي ..في مبنى اتحاد أدباء البصرة / 22- نيسان – 2017
هو أستاذي الذي صيّرني صاحبه ُ فتوسلته دليلاً إلى قمري في حالكات الذئاب . هو الوديع المسالم، هو النهر ُ ورائحة الماء، وظل ُ الأوراق ِ المنقوعة ِ بين الطين ورائحة ِ الماء..
روحه ُ : حرير ٌ لم تنسجه ُ سوى كفين من غسق ٍ وشفق، هو الموسوي الوديع المسالم : هو لمع ٌ في ذاكرة البرق
. وشمٌ في خاصرة ِ اليوكالبتوس.. مازال ينتظر ُسيدة ً : من نفنوف ٍ مبتل ٍ
وأساور َ من طين ٍ حري ٍ وأشرعة ً من هديل .
هو الموسوي ..هو الموسوي الجميل .
ياصاحبي ونديمي : لماذا توجست َ – حين دخلت َ المدينة َ – ؟ ! لماذا توجست َ من شجر ٍ غائم ٍ وعيون ٍ ونهر ٍ بلون الرماد ؟ ! لماذا رأيت َ الحدائق َ والشرفات ِ الخفيضة ِ والطرقات ِ التي كنت َ تعرفُها والمنائر َ والعشب َ : قد وشِحت بالسواد ؟!
أنتبه ...
أنتبه ...
صاحبي الموسوي
أن المدينة َ غير المدينة ِ والبلاد َ التي كنت َ تسكنها : غير هذي البلاد !!
أيها الموسوي : لكأنني شبح ٌ يهيم . هنا المدينة ُ محض وهم ٍ
: لا ظلال َ
ولاحدائق
هنا يترصد الخنزير ُ في الأسواق خطواتنا، ويموت غيضا: من رؤية العشاق، مكتملين في إناقتهم ومنشغلين بالسبت السعيد .
أيها الموسوي .. كيف ورطتني في لحظة النارنج ؟ في آخر ِما ترك الدهر لي ... ماترك الدهر مني : كتبي وقميص َ الصِبا والطفولة َ دشداشتي وسراب َ العنب .
تلك زاويتي
أعيش أو أموت
في الظلال ِ الندية فيها
الظلال ِ التي أشتهيها
وللتمر ِ المنضّد شهوة الأيدي النحيلة ِ وهي تلقط ُ ما تساقط أو تناثر في التراب ِ وللتراب ِ شذا يبلله : مَن كان يغسل َ في الضحى : جسد النبات
(*)
الكتابة ُ عن الشاعر مجيد الموسوي، جهويا هي الكتابة عن تاريخ القصيدة العراقية البصرية ( نسبة للبصرة ) منذ الثلث الثالث من القرن العشرين، حتى اللحظة الشعرية الآن .. في منتصف السبعينات قرأتُ قصائده في ( طريق الشعب ) .. مع الموسوي عليك الإنتباه إلى إنبناء البنيات النصية وتحققها في صروح كرستال الموسوي ... كقارىء أجدني في حضرة معمار نصي بغواية ٍ جمة ٍ، تجعلني كثير الطواف حول قصائده، أثناءها تتفتح لي بوابات وممرات وسلالم وفنارات وأسيجة من طين خلفها أفياء البساتين الأولى وظهيرة الفواخت .. قصائده تنماز بالندى الدائم وهدأة العزلة ِ المبصرة، فهو يخاطب النحيل المتطامن في إخضراره الخفيض ولا أقصد َ العشب وحده ُ. ثم يكتشف في كينونة الأشجار يقظتها المتأخرة َ.. يرى الأصوات نجوما هناك ودموع الأرضين .. ولايقتفي الشاعر مجيد الموسوي سوى ذلك الخيط َ النحيل
: ربما هو الشعر ..
ربما هو كينونة الموسوي التي لايراها سواه
ربما ..عروجاته ُ من مقام الدهشة إلى مقام الوحشة ..