من اجل تغيير ... العالم !

2012-07-06
من اجل تغيير ... العالم !
الغارديان : سيمون هيني وسـعدي يوسـف ومايكل كايسي
" اكثر نقاد الحرب فصاحة "
محمود البياتي
( عن " اوراق ثقافية " - السويد )
بادر الشاعر الأميركي مايكل روثنبرغ لأطلاق هذه التظاهرة العالمية المفتوحة لكل المبدعين ، رغم ان عنوانها هو " 100 الف شاعر من اجل التغيير " على امل تكرارها في سبتمبر - ايلول من كل عام إذا قُيّض لها النجاح . وستجري الى 1 نوفمبر 2011 ارشفة فعاليات هذه التظاهرة وحفظ وقائع بعضها عند جامعة ستانفورد الأميركية .
انتخب مايكل لهذا الغرض منسقاً في كل مدينة ، يفعل ما يشاء ويدعو من يشاء : كبارا ومراهقين ، معروفين ومجهولين يجمعهم الحب والمرح والحزن وحافز التغيير . يمكن للمنسق ان ينظم ملتقى ضخماً ، او يجتمع بصديقين فقط لقراءة نصوص ما تضاء بالنقاش .
في غوثنبرغ ، ثاني اكبر مدن السويد ، كما في مالمو وكارلس كرونه ، شارك مثقفون توزعت مساهماتهم بين الشعر والتشكيل والرقص والموسيقى والغناء ... وقد استمع ضيوف معرض الكتاب الدولي المنعقد في الفترة نفسها ( 23 - 25 سبتمبر \ ايلول ) الى مقاطع من قصائد الشاعر سعدي يوسف باللغتين العربية والأنكليزية ، فضلا عن نصوص قصيرة لكاتب هذه السطور ، وعرض موجز لفصل من كتاب الباحثة السويدية يوهانا سيلمان عن رواية " رقص على الماء - احلام وعرة " ، كما استمعوا لتسجيلات فرقة سومر السويدية بإدارة الفنان العراقي طلال اسماعيل الذي اقعده المرض مؤقتاً للأسف .
-1-
بسبب ضيق الوقت وعدم اخذ الموضوع على محمل الجد بادئ الأمر قبلتُ بتردد اقتراح الشاعر مايكل في ان اكون منسق هذا الحدث في غوثنبرغ . دعوت الآخرين للأنضمام مستعينا بسؤال المشعوذ المتربص بالفتى علاء الدين في حكايات "الف ليلة وليلة" : من الذي سيغير المصابيح الجديدة بالقديمة ؟ المصابيح القديمة بالجديدة ؟ ، وقلت : الخيال مكّن علاء الدين من فتح ابواب الكهف بكلمات فقط : افتح يا سمسم !
نحن كذلك قادرون على فتح الأبواب المسدودة بالطرق ذاتها . الخيال واقع آخر .
-2-
بمقهى داخل معرض الكتاب الدولي في غوثنبرغ حكيت عن الشاعر سعدي يوسف لبعض الأصدقاء والضيوف الذين كانوا يحتسون معي النبيذ ويأكلون الفستق . قلت بالانكليزية :
سعدي يوسف يعتبر واحدا من اهم الشعراء المعاصرين في العالم العربي . ولد (1934) في جنوب العراق . امضى معظم حياته في المنفى ، ويعيش الآن في لندن. وكانت صحيفة الغارديان كتبت تحت عنوان " ثلاث قصائد عن الحرب " عن ثلاثة شعراء كانوا بين " اكثر نقاد الحرب فصاحة " ، ونَشَرتْ قصيدة لكل من الايرلندي سيموس هيني ، العراقي سعدي يوسف والفيتنامي مايكل كايسي. وما زلت اتذكر جيدا ان وزير خارجية اميركا الأسبق جيمس بيكر ، قال عشية حرب 2001 " سنعيد العراق الى العصر الحجري " . وفي هذه القصيدة التي سأقرأ عليكم مقطعاً منها يشير سعدي ، بين اشياء اخرى ، الى هذه العبارة . وكانت مؤسسات ثقافية دعت سعدي للسويد ثلاث مرات كما اظن . الى غوثنبرغ قبل نحو عشرة اعوام ربما . الى مالمو قبل عامين ، والى ستوكهولم في مطلع العام الجاري . اسم سعدي يوسف يتردد غالبا كأحد مرشحي جائزة نوبل للآداب . ساقرأ عليكم مقاطع من قصائده باللغة العربية وتقرؤها كرستين ليندل بالأنكليزية بدلا من الصديق المترجم خالد السامرائي الذي تعذر عليه المجئ جراء حادث طارئ:
اميركا اميركا
يا ربِّ ، احفظْ أميركا
موطني ، موطني اللذيذ ...
God, save America
My home, sweet home!
أنا أيضاً أحبُّ الجينز والجاز وجزيرة الكنز
وببغاءَ جون سيلفر ونوافذ نيو أورليانز.
أحبّ مارك توَينْ ومراكب المسسبي وكلابَ ابراهام لنكولن.
احب حقول القمح والذرة ورائحة التبغ الفرجيني.
لكني لستُ بأميركيّ.
أيكفي أنني لستُ بأميركيّ حتى يعيدني طيارُ الفانتوم إلى العصر الحجريّ ؟
Back to stone age!
لا البترولَ أريدُ ولا " أميركا " لا الفيل أريدُ ولا الحمار.
اتركْ لي أيها الطيار بيتي المسقوفَ بالسعف وقنطرةَ الجذوع.
لا احتاج بواباتك الذهبية ولا ناطحات سحابك.
أريد القرية لا نيويورك .
لماذا جئتَـني من صحراء نيفادا ، أيها الجنديّ المسلّـح حتى الأسنان؟
لماذا قطعت هذه المسافات كلها وجئتَ إلى البصرة حيث السمك يبلغ عتَـباتِ البيوت؟
الخنازيرُ لا ترعى هنا
لديّ فقط تلك الجواميس التي تمضغ كسلى نيلوفـرَ الماءِ.
اتركني أيها الجنديّ .
اتركْ لي كوخَ القصب الطافي وحربةَ الصياد.
اتركْ لي طيوري المهاجرةَ وخضرةَ الريش.
خذْ طيور الحديد المزمجرة وصواريخَ توماهوك.
لستُ الخصيمَ.
أنا المخوِّض حتى ركبتيَّ في مَـناقعِ الرزِّ.
اتركني ولعنتي.
لا أريدُ قيامتك .
واوضحت للحاضرين ان سعدي يوسف يسعى هنا للتواصل ، مع القارئ الغربي على الخصوص ، عبر رموز مألوفة ، معرباً عن حبه هو كذلك للجينز ، الجاز ، جزيرة الكنز ، ببغاء جون سيلفر ، مارك توَينْ ، مراكب المسسبي ، ابراهام لنكولن والتبغ الفرجيني . اذن فهو لا يختلف عن الأميركي الا بكونه ليس بأميركي . ثم يطرح محتجاً السؤال البسيط \ العميق الذي ينوء بوجع العراقيين : أيكفي أنني لستُ بأميركيّ حتى يعيدني طيارُ الفانتوم إلى العصر الحجريّ ؟
واوضحت ايضا ان جزيرة الكنز رواية مغامرات شهيرة من تأليف الكاتب والشاعر الأسكتلندي روبرت لويس ستيفنسون، تروي حكاية القراصنة وكنوز الذهب . ولونغ جون سيلفر شرير دوره رئيسي في الرواية المذكورة .
-3-
قرأت عليهم " شذرات " من كتابي " كلام الحب والوجود والثورة " ، الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2009 *
ولأن التظاهرة ، رغم ظرفها ، تسعى لإحداث تغيير جاد : ثقافياً اجتماعياً سياسياً ، كان من الطبيعي اذن طرح تساؤلات تتعلق بصلب هذا الموضوع ، اجبت عنها بايجاز:
- ماذا يعني لك مفهوم " التغيير " ؟
- التغيير يتم في كل وقت ، عمدا او عفوا . كل شئ يتغير : البغض الى حب ، القمح الى خبز ، الكروم الى نبيذ ، والشجرة الى موسيقى تنبعث من كمان باغانيني .
- ما افضل ( واسوأ ) تغيير وقع في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، على الصعيدين المحلي والعالمي ؟
- اسوأ تغيير هو تحول العراق ، بقوة السلاح ، من دولة حديثة مستقلة ، تخلو من الأمية والكثير من الأمراض ، الى دولة محتلة وفاسدة ، الى مستعمرة نفط للغرب يديرها لصوص جشعون . افضل تغيير هو تنامي تعاطف السويديين والاوربيين مع معاناة شعب فلسطين المظلوم تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ اكثر من ستة عقود .
- ما الذي يحتاج للتغيير في العالم ؟
- الأنسان . نمط تفكيره . ليكن هامشياً لكن متمردا كذلك . تحدّث ذات مرة عن المبدعين المدير السابق لشركة آبل ستيف جوبز ، قال : " ينظر البعض للمبدعين على انهم مجانين ، لأنهم يظنون انهم قادرون على تغيير العالم ، لكنهم يغيرونه بالفعل ! " . وجوبز نفسه كان احد هؤلاء " المجانين " ، فهو غيّر جذرياً حياتنا عن طريق اللاب توب ، الواح اللمس ، آي فون ، آي باد ومخترعات كثيرة اخرى خففت من وحدة البشر وانعزال بعضهم عن بعض . بالمناسبة ، تقول موسوعة ويكيبيديا ان جوبز مولود في سان فرانسيسكو من ام اميركية وأب سوري مسلم يدعى عبد الفتاح جندالي ؛ اصبح بروفسورا في العلوم السياسية ، ثم طلق زوجته وترك جوبز لأسباب لم تذكرها ، فتبنته اسرة اميركية اعطته اسم : ستيف باول جوبز .
-4-
ضم الملف كذلك ردود الكاتب السويدي ستيغ غوستافسون على الأسئلة الثلاثة المذكورة ، ومختارات من شعر السويدية كرستين اولوود ، وتعريف موجز بالتشكيلية العراقية - السويدية ياسمين عمر .
في الختام قدمتُ فرقة سومر كالتالي :
من الواح الطين الى الواح الكومبيوتر !
البدء كان في سومر ( ما بين النهرين - العراق ) حيث ولدت المدن الأولى ، القوانين ، علم الفلك ، العجلة ، الكتابة ، ادوات الموسيقى ، الغناء والكثير من المكتشفات والمخترعات. وكان الشعر أقدم نتاج أدبي الى جانب فنون النحت والنقش والرسم . اول شاعرة في التأريخ كانت عراقية تدعى انهاديونا ( من ام سومرية وأب اكدي ) عمرها 44 قرنا ، وهي بنت الملك سرجون الأكدي مؤسس اول امبراطورية في التاريخ . على الواح من طين كتبت اقدم واقوى وصف لشرارة الأبداع : " عند منتصف الليل ، اضع الجمرات في وعاء المبخرة ، فتلد القصيدة " .
" سومر " هي ايضا اسم فرقة موسيقية سويدية اسسها في غوثنبرغ \ سبتمبر 1996 العراقي طلال اسماعيل ، المولود في نينوى عاصمة الامبراطورية الآشورية التي انشأت اول مكتبة في العالم . لعل امتع ما يميز فرقة سومر ان اغلب اعضائها ، من السويد والنروج والمانيا ، يعزفون على آلات شرقية ويغنون باللغة ( واللهجات ) العربية !
لنستمع الآن الى فديوات سومر على اليوتيوب :
http://youtube.com/watch?v=Z2UtjS297v0&feature=related
http://youtube.com/watch?v=fUHv1bLEBJk
http://youtube.com/watch?v=WzyAgAOEPXI&feature=related
*
فيما يلي الرابط الى صفحتنا في موقع هذا الحدث على الانترنيت :
http://www.bigbridge.org/100thousandpoetsforchange/?s=mahmoud
وفي حال تعذر فتح ملف الـ pdf ، او عدم وضوح النص العربي ، تجدون كل محتواه هنا
http://web.comhem.se/~u31316562/100poets.gothenburg.sweden2.htm

100 THOUSAND POETS FOR CHANGE
www.kalam.biz


سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved