آنَ التقيتُ عالية ممدوح في باريس ، مصادفةً ، وعلى غيرِ موعدٍ ، قالت لي بدون مقدّماتٍ . ارفعْ رأسك !
إن لم ترفعْ رأسك الآن ، فلسوف تنحني غداً !
قلتُ : رأيُكِ سليمٌ تماماً ، لكنّ عليّ أن أجد وسيلةً !
فكّرتُ ، وتفكّرتُ ، وأرهقتُ نفسي بحثاً عن وسيلةٍ تحفظني رافعَ الرأسِ ، منتصبَ القامةِ .
أخيراً ، قلتُ لعالية : وجدتُها!
تساءلتْ : أوجدتَها حقّاً ؟
قلتُ : وجدتُها وربِّ الكعبةِ !
*
الأمرُ بسيطٌ :
عليّ أن أقلِّدَ العقيد معمر القذافي .
أن أرخي قلنسوتي إرخاءً على عينيّ ، لتمتنع عليّ الرؤيةُ إنْ لم أرفعْ رأســي .
عليَ أن أرفعَ رأسي لأرى !
هكذا ، سأسيرُ منتصبَ القامةِ
واثقَ الخطوةِ ، أمشي ملكاً !
*
أوّل تطبيقي كان في جادة الشانزليزيه . كان نثيثٌ من مطرٍ خفيفٍ . والباريسيّاتُ لم يفتحنَ مظلاّتهنّ بَعدُ . قلنسوتي
مرخاةٌ على جبهتي ، وعليّ أن أرفعَ رأسي لأرى ما حولي ، ومَن حولي : الباريسيّات بخاصّــة!
كنتُ أمشي منتصبَ القامةِ ، رافعَ الرأس ، وإنْ وجدتُ صعوبةً أوّليّةً في التلاؤمِ مع المُعطى الجديد.
*
أنا مَدِينٌ للعقيد !
حاولَ الرجلُ أن يظلّ منتصبَ القامةِ ، فوجدَ الوسيلةَ الـمُـــثلى في إرخاء قلنسوته العسكرية .
ليته بحثَ عن وسائلَ أجدى لنفسه ولشعبه كي يظل منتصبَ القامةِ مع شعبٍ حُرٍّ !
لكن الغرب الاستعماريّ لن يغفرَ للعقيد حتى رفعةَ الرأسِ المصطنَعة تلك !
الغربُ الاستعماريّ يسحقُ هذه الأمّةَ المنكودة بالقنابل والقنادر ...
حتى الدانيمارك أرسلتْ طائراتِها لتهدمَ طرابلس على رؤوسِ أهلِها
والعقيدُ القذّافي واحدٌ من أبناء هذه الأمّة .
*
سأظلُّ مَديناً للرجلِ برفعة الرأس وانتصابِ القامةِ !
باريس 08.09.2011