مقالة ثقافية

2014-07-05
 الموت لا يحتوي لحظات مثيرة انه فقط يشبه ما نحن عليه والمبدع العربي لا يسبق الأمة، بل يهرب بعيدا عنها

لا يمتاز النص بكونه مطوية يمكن التخلص منها بعد قراءتها، كما ليس هو بالعقيم الذي يبتسم وقت العواصف.
وفي تلك ميزة مهولة، لكنها ساحة لم تتخلص من قيود المبدع الذي يتلذذ بفرضها على نفسه.
محصلة النص علاقة، وانطلاقه كذلك.
 لكن في المتاهات يكون من المجدي تغيير المعادلة هذه حين النظر إلى النص. 
لان الطرف الثالث الذي هو القمع لا يأتي عربيا فقط من قبل السلطة، أو المجتمع، بل يأتي أيضا من عدم تحرر المبدع من كونه تابعا، أوعضوا في مصلحة الولاء للسلطة أو للجماعة.
في الحب نجازف بالحرية والتحرر، ولكننا في ذلك ننتظر نبضات القلوب لتحويلها إلى ابتسامة لمغرور .
وما يجدي في الحب لا يجدي في السياسة.
ذلك إن عظمة الكلمة ليست في الإدهاش بل في صناعة الخطوات.
وبقدر ما تنتهي الصورة برحيل الكاتب، ليس موتا بالضرورة، بقدر ما يكون هناك أسئلة تتعلق بجرأة تناول الحب، والجبن في تناول السياسة.
جراءة في الإشارة إلى النهود والجسد ورعب من ذكر أسماء المعتقلين في السجون.
ويتوافق ذلك مع كون الربيع العربي لا يمت بصلة إلى النص. ليس لان الأخير يتأخر عنه، بل لان الأول كان فاجرا لدرجة إن المبدع لا يملك أجنحته المرهونة لعلاقته المصلحية.
لا ينحاز المبدع للحرية إلا إن كانت محط اهتمام دائرته المتخاذلة ولا ينحاز للعدالة لان محاكمة نفسه تتطلب إدانة دائرته.
الصوت الذي يجمع كل المتعانقين بعد نص جميل إن الأمة بعيدة عن تفهم هذا الإبداع، وقد يكون المتذوق مصاب بموت سريري لان المبدع العربي لا يسبق الأمة، بل يهرب بعيدا عنها، لان لحظات اقترابه منها يجعل منه الشهيد غير المعترف به، أو بلا ميزات إضافية .
لقد صنع المبدع العربي ثقافة تنسجم مع خضوعه للإعلام والحياة في ظل المؤسسة أو المصلحة بل وحتى في ظل سفارة امبريالية.
ومثلما انهزمت البراءة أمام عبث نمط الحياة النفطية أوالطائفية في هذه الأمة الواسعة في تحملها للمصائب والألم، انهزم كل مثقف ومبدع ارتضى أن تكون خاتمته أو بدايته ثقافة الانخراط ضمن دوائر النفط والطائفية. 
وما يبقي هؤلاء ليس أكثر من آلة إعلامية أو جمهور مصاب بالعزلة عن الأمل والحلم.
دوائر النفط والطائفية وسفارات الامبريالية وحتى الأصغر من ذلك، لا تنتمي لجغرافية محددة إنها فضاء واسع لا يلاحق أحدا بالضرورة،  لكنه يقبل من يريد الانخراط فيه متعريا من انتماءه للأمة.
 لهذا التفكير النفطي للمبدع والمثقف لا يعني بالضرورة أن تكون عينه تعانق حرارة الخليج العربي.
والتفكير الطائفي ليس بالضرورة يعني إن الكاتب يضرب على صدره في كربلاء.
هذه الثقافة بقدر ما أبقته أعرجا في مجتمعات ترى ذلك هو التحليق، فتحت المجال للتذكير إن كل أجهزة الثقافة والإعلام النفطية والطائفية لم تستطع إفراز تيارا أو فردا مبدعا. إلا إن كان مغردا بعيدا عنها وضدها.
إن الموت لا يحتوي لحظات مثيرة انه فقط يشبه ما نحن عليه.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved