مسح ضوئي/ 5 أبو طبيلة

2014-05-02
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/a9b096da-f949-4667-a6f3-c74f46d043a8.jpeg
 الآن يستيقظ النائم على منبه الموبايل، الذي ألغى الكثير من آلة الزمن: الساعة اليدوية/ الساعة المنضدية، التي توقظنا بتوقيت نريده..
الموبايل الذي لاتنافسه حتى كاميرات مخصصة للحاسوب ومن المؤكد ان الحاسوب سينتصر الى الموبايل، وهو يضيفه الى اللوائح الالكترونية..
يبدو ان مايريده  أستاذ علم الكومبيوتر والنظم المركبة في جامعة برانديس( جوردان .ب. بولاك) في أبحاثه حول تخليق التركيب البيولوجي ضمن هندسة البرمجيات ، هذا التخليق الذي صار الآن في متناول الأيدي تقريبا....
هذه الذاكرة التقنية،لستُ ضدها وفي الوقت نفسه لاتجعلني أفرمت ذاكرتي الطبيعية،ليس لأني مثل المليارات من البشر الذي يقطنون في 
(تثبيات السعادة) حيث الحنين الى مامضى.. بل لأن الأمر يحتاج الى فاصلة وقت، حتى تتخلص ذاكرتي من القوة الطاردة..
أقول كل ذلك كلما اخذت اترصد ساعة الموبايل وأنا أقرأ في (الأشارات الإلهية) للتوحيدي..فجأة تتعالى دقات طبل وأصوات صبية أعرفهم يدعون النيام الى يقظة لتناول وجبة السحور..فأوقظ عائلتي..ثم اشاركهم في تحضير المائدة..يداي تشتغلان  وذاكرتي تغطس في حوض ماء طهور من اسمائه الطفولة، يومها لاأعرف قارع طبل السحور.. ولم أر طبله..لكن صوت الطبلة يعلن  انها تنكة دهن فارغة.. وان العصا قطعة (بوري)... وان صوت القارع صوت ممراح يجعلني أصغي مبتسما..
وحين أسأل  أمي أو أبي : من قارع طبل السحور؟
يكتفيان بالأبتسامة...تشجيعا لي لمعرفته معتمدا على شطارتي..
وحين أستعين بأخوتي، كان كل واحد منهم يرجمني بعشرة اسماء!!
لكن كل شيء سيتضح مع أول أيام العيد.. حين يتجول قارع الطبل عازفا بذات تنكة الدهن الفارغة، وبقطعة البوري.. ويجعل العزف عاليا، كلما وقف على عتبة بيت من بيوتنا.. حينها أهرع لأمي مبتسما، هاتفا باسم قارع الطبل : قدوري...قدوري العربنجي..
..............................................
الآن وبعد كل هذه السنوات المتعرجة...كلما عزف قارع طبل السحور أستعيد (قدوري العربنجي)..ب أبتسامته الكادحة، وقميصه الابيض المستهلك لكن النظيف دائما وبنطاله الخاكي وحذاءه الكتان الابيض...قدوري قدوري الساكن وحده في غرفة أستأجرها عند أمرأة مسنة، يدخل البيت ويغادره دون ان ينظر الى الاعلى.. قدوري الذي في 14 رمضان ولأول مرة في حياته تظاهر مع البصريين والبصريات أمام مبنى محافظة البصرة،هاتفا باسم الزعيم الركن عبد الكريم قاسم..
الآن مع وقت السحور وانا اسمع دقات الطبل..أرى قدوري  يدق على الطبل بيد وباليد الثانية  يرفع عاليا صورة ملونة للزعيم الركن عبد الكريم قاسم
*طريق الشعب/ 17/ تموز/ 2013


مقداد مسعود

مقداد مسعود (من مواليد 15 أكتوبر 1954م البصرة، العراق)، هو شاعر وناقد عراقي بدأ النشر منتصف السبعينات من القرن العشرين ولدَ في بيتٍ فيه الكتب  أكثر من الأثاث . في طفولته كان يتأمل عميقًا أغلفة الكتب، صارت الأغلفة مراياه، فعبر إليها وتنقل بين مرايا الأغلفة، وحلمها مرارًا . في مراهقته فتنته الكتبُ فتقوس وقته على الروايات، وقادته إلى سواها من الكتب، وها هو على مشارف السبعين في ورطته مع زيت الكتب وسراجها بقناعة معرفية مطلقة

مؤلفاته
الزجاج وما يدور في فلكه
المغيب المضيء
الإذن العصية واللسان المقطوع
زهرة الرمان
من الاشرعة يتدفق النهر
القصيدة بصرة
زيادة معني العالم
شمس النارنج
حافة كوب ازرق
ما يختصره الكحل يتوسع فيه الزبيب
بصفيري اضيء الظلمة
يدي تنسى كثيرا
هدوء الفضة
ارباض
جياد من ريش نسور
الاحد الاول
قسيب
قلالي

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved