قبل ان أقرأهُ.. سمعتُ في بيتنا من شقيقي الرياضي الجميل هذا البيت الشعري لطاغور (لاتضرب المرأة ولو بزهرة)، صار هذا البيت مدخلا الى عوالم لحية طاغور النورانية، فقرأت ُمن مكتبة بيتنا لطاغور تلك الكتب الشعرية الانيقة الصغيرة التي ترجمها الدكتور بديع حقي من الانكليزية الى العربية..
في 8/8/ 1980كنت سعيدا وانا اشتري في كركوك مجلد الاعمال الشعرية للشاعر رابندرانات طاغور..بعد سنوات انتبهتُ ليوم شراء الكتاب كان علينا كعراقيين ان نقتل كثيرا ونضيع كثيرا، حتى تحل الذكرى الثامنة على شرائي لمجلد اشعار طاغور 8/8/ 1988!! ..
في سجن بلدروز 1989، طرّز( لاتضرب المرأة ولو بزهرة ) احد السجناء تطريزا انيقا مايزال التطريز في مكتبتي، لكنه صار، لايذكرني بطاغور بل بذلك السجين المثقف الذي صار اعز اصدقائي، ثم افترقنا ليلة الانسحاب انا قصدت ُ البصرة وهو توجه نحو الزبير ومنها الى بغداد. ولم نلتقِ.. والمضحك ان العسكر حين اقتحموا بيتنا بعيد قمع انتفاضة1991 ضمن حملة تفتيش عامة، كادوا يسحبونني وهم يلتقطون مجلد طاغور !! فالعسكر كل العسكر لايقرأون بل يكتفون بالرؤية ولم يروا من طاغور سوى لحيته،على الجلد السميك للأعماله الشعرية..
في هذا الأسبوع الشرجي اللزج الجاثم على البصرة. تذكرتُ طاغور هذا الانساني الفذ وأنا اعيد قراءة كتاب لفيلسوف أوربي..استوقفتني جملته التالية: ( أيها الذاهب الى المرأة لاتنس َعصاك )!! فإذا بي اسمعُ أم حكيم بنت عبد المطلب تزجر الفيلسوف : ( إني حَصان ٌ فما أكلّم . وثَقاف ٌ فما أعلّم )
*المقالة منشورة في صحيفة طريق الشعب / 9/ 9/ 2014
مسح ضوئي
موضة أدبية
مقداد مسعود
في ثمانينات القرن الماضي، نشرت مجلة آفاق عربية قصيدة (أولئك هم أمراء المنفى) لسان جان بيرس، ترجمة علي اللواتي، فأذا بالشعراء القراصنة، يحولوها ( معلاك ) في قصائدهم وكذلك فعل قراصنة القص .. وما ان ترجم ياسين طه حافظ لكالفينو حتى ىسارع الكبار قبل الصغار وحوسموا كالفينو وتوزعت مدنه المرئية واللامرئية بينهم، وهكذا كان مصير المخطوطة في رواية اسم الوردة لأمبرتو ايكو.. وما ان نشر باولو روايته ( الخيميائي ) حتى تذكر الروائيون العرب كافة : ألف ليلة وليلة فكتب نجيب محفوظ ( ليالي الف ليلة ) وهاني الراهب ( ألف ليلة وليلتان ) واسيني الاعرج ( الليلة السابعة بعد الالف ) عبد الكبير الخطيبي مقالته ( الليلة الثالثة بعد الالف ) بوجدرة( ألف عام من الحنين ).. والآن اصبحت الموضة:( الرواية المفكرة بذاتها ) كما يسميها استاذنا الطيب الذكر محمود عبد الوهاب، والتي يسميها غيره الميتا رواية...إذا ألح الروائيون بين فصل وآخر ان يتدخلوا بصفتهم مؤلفين وبهذا الالحاح أفسدوا علينا لذة التلقي..
لست ُ ضد الاستفادة من المنجز الانساني في الابداع، لكن مايجري ليست استفادة بل عملية لطش، واللطاش دائما يشكل القشرة الخارجية من العمل، ولايوجد في هذه المحاولات سوى اللطاش فقط ... والسبب الاساس، انهم يكتبون من خلال تجاربهم في القراءة وليس .. بمعايشاته اليومية لما يكابده الناس..
*المقالة منشورة في / طريق الشعب / 16/ أيلول / 2014