ماقبل النص له تنويعاته ايضا..وكذلك ماسوف أجترح له مفهوم..
( اثناء النص..) وهذا الاثناء..خير مايجسده الآن الفلم بعد انتهاء عرضه..حين يشاهد المتفرج اللقطات الضاحكة..مهما كان المشهد تراجيديا او أكشن..أعني مايثير ضحك الممثل نفسه وهو يمثل الدور..وسبب الضحك اعادة تمثيل اللقطة ذاتها..
هذا العرض المنتخب من لقطات الشريط السينمي، يكشف لنا عن ديمقراطية في التلقي مقارنة بمفهوم ( سر المهنة) الذي حول السينما الى منظومة الغاز .. الآن من خلال هذا التشارك بين مايحذف من الشريط وعينيّ المتلقي..يتوصل الاخير الى فهم بعض المحذوف من النص السينمي المنكتب على شاشة السينما/ التلفزيون وكيفية تكرار لقطة في المشهد، حتى يكتمل المعنى سينمائيا..وهذا التكرار ليس عيبا، بل له مشروعيته في كل مجالات الابداع، وصولا الى إنتاجية صالحة للتداول ..فماركيز يحدثنا انه كان يكتب في كل يوم صفحة من روايته( خريف البطريرك) وفي اليوم الثاني يعيد صياغتها في محاولات شتى.. وبالنسبة للسينما..لا يكتفي الامر عند تكرار اعادة اللقطة.. هناك ملحق من وجيز سردي يحول قصة الفلم الى نص مفتوح : ينتهي.الفلم./ ولاتنتهي قصته .. لاتتوقف حياة الشخوص.. نلتقط كمشاهدين برقيات اخبارية عن سيّر الشخصيات، مع انتهاء الفلم :
*أما ماتيلدا فقد غادرت بريطانيا الى ايطاليا وتزوجت الطيار انطونيو
*جون اصبح أستاذا في كلية الهندسة العسكرية
*كلينث.. قرر ان يكتب كل ماجرى في رواية..
*مكينزي أصبح يمتلك متجرا للأدوات الزراعية ..
وهذا الامر، أعني اخبارنا عما جرى، هو اخبار خارج النص /داخل الحياة... والامر ليس بدعة سينمية، بل أجراء روائي استعمله وليم فوكنر في نهاية (الصوت والغضب) والتي ترجمها جبرا ابراهيم جبرا تحت عنوان (الصخب والعنف).. على مستوى الايطالي.. بيراندللو..اشتغل ميتا نص كنص مسرحي..(ست شخصيات تبحث عن المؤلف) والمهيمنة في هذا النص المسرحي.. هي كيف يتخلص المؤلف من تنميط الشخصوص في ذات الادوار.. وفي زمن الابيض والاسود..ابدع ممثلون كويتون في تحويل هذا النص المسرحي الى تمثيلية تلفزيونية ماتعة.. حيث يعترض الممثل الكويتي المشهور ب( أمبيريج) في التمثيليات والمسلسلات الكويتية،على تمثيله الدائم لدور الخادم.. كما تعترض الشخوص الاخرى على تنميطها في ادوار دائمة ..
هذا الاجراء انتشر الآن في النص الروائي.. في السطر الاول/ الصفحة الاولى من رواية مهدي عيسى الصقر (أمرأة الغائب) يخبرنا السارد المشارك ان اسمه في الرواية من اختيار المؤلف
( وجدي..هو الأسم الذي ستعرفونني به في هذه الرواية. هذا ليس أسمي المدون في شهادة الميلاد. هو اسم أختاره لي المؤلف) ..ان هذه الاجراءات المهنية مع النص ..تريد ان توصل رسالة معينة للمتلقي يمكن اقول يمكن ان يكون فحواها : ضرورة التمييز بين الواقعي والمسرحي.. رغم وجودهما معا في حياتنا.. بين مايجري وبين مايدفع للجريان.. الواقعي هو الاسم المثبت في شهادة الميلاد..أما المسرحي فهو (وجدي) الاسم المثبت في الرواية..
ما أنتشر الآن وأصبح يعرف ضمن علم الأدب ب ( ماوراء النص)..أو( الميتارواية ) ..كانت له ممهدات في مسرح بريخت تحديدا..فهناك فاعلية تحاول ان تكون جملة اعتراضية بين النص والتماهي فيه..فاعلية تحسسنا ان مايجري مصنّع/ ممسرح وليس واقعيا..لكن هل تستطيع هذه الفاصلة ان تذيب مفصلها في أفق التلقي وتجعلنا لانكره المجرم أو لانحتقر ذلك المشاء بنميم؟ أو لانحب جهود تلك الفتاة الصحفية في مسلسل( م.م.) الذي عرضته الشرقية في رمضان هذا العام..وهل يمكن ان لانحقد على مديرة تلك الدار وهي تسقط الفتيات اخلاقيا..(بعذر شرعي!!) ربما يكون السبب انفعالنا وتفاعلنا ان مانراه ليس محض تمثيل ..مانراه هو واقعنا العراقي في نسختها الممسرحة..وليس تلفيقا مسرحيا.. والجمالية الباذخة هنا هي كيفية تحويل الارشيف الى فن جاد..ولايمكن ان يكون دون تمثيل حقيقي ..مع عدم قناعتي الشخصية على ما أصاب المديرة من شلل؟ او ما أصاب ابو شيماء. تاجر الرقيق من جنون بعد خنقه لأبنته؟.اقصد ان هاتين النهايتين مكرورتين في الشريط المصري منذ نجيب الريحاني..كنت كمشاهد انتظر نهاية أخرى...لكن هذا الامر لايقلل من انشدادي الى المسلسل..
الذي أنتهى كنص مفتوح من خلال سرقة الملفات وهكذا ستواصل
سيرورة الشر حركيتها مع تغير فقط في الشخوص...
وهنا أتساءل
الحلقة الاخيرة في كافة المسلسلات العربية والمدبلجة
تحسم الاشكاليات
بطريقة غير مقنعة
لماذا ؟!
*طريق الشعب/ صفحة ثقافة/ في السابع عشر من أيلول/2013