مثقف اليوم يختلف كثيراً عن مثقف الأمس، والواقع يبرز بشكل واضح غياب "النخب"، وبالأخص منهم (المثقفون) وتراجع دورهم حد الإنحسار إلى أقل هامش ممكن .
النخب المثقفة في الماضي كانت في مركز الصدارة، تبادر وتنشط وتشارك في عملية التغيير النوعي المجتمعي، وكان لها دور كبير وفاعل في صياغة ورسم آفاق المستقبل .
أما في أيامنا هذه، بالرغم من أن النخب المتعلمة والمثقفة تشكل كتلة كبيرة الحجم والوزن، لكن للأسف الشديد غاب دورها الطليعي والريادي الذي من واجبها أن تؤديه وتقوم به . فهي تقف على الهامش، وتختبئ وراء الشاشات، تسجل يومياتها على السوشيال ميديا، ومنهم من تملكته النرجسية وعشق الذات يحكي عن بطولاته وبعض مغامراته، ومنهم يفتقدون للتضحيات التي عرفناها ذات مرة .
من المفترض أن يتحلى المثقفون بالمسؤولية والالتزام بموقف أخلاقي تجاه مجتمعهم، موقف تنويري ملتزم بقضايا العدالة وتطور ونهضة المجتمع .
ومن اللافت أننا لا لم نعد نشهد دوراً طليعياً لرجال الثقافة في النقاشات والسجالات الفكرية والسياسية، وقليلون هم الذين تهمهم قضايا المجتمع وتطوير أدوات الحوار والنقد والتفكير المنطقي العقلاني، ويحاربون المظاهر السلبية التي تجتاح حياتنا المعاصرة، ويحاربون العنف والجريمة .
ومن المقلق أكثر أن هناك بعض "المثقفين" يشعلون نيران التعصب القبلي والعائلي وتدمير السلم الاهلي .
آن الأوان أن يستعيد المثقفون في مجتمعنا عافيتهم ودورهم ويأخذوا زمام الأمور ويكونوا في الطليعة ومركز الصدارة والأحداث، ويساهموا في وأد الفتنة واجتثاث جذور العنف والإجرام، وخلق جيل عصري وحضاري، وبناء مجتمع سليم ومعافى .