ميخائيل نعَيمة ناثرٌ عظيمٌ .
ولَطالما بهرَني جمالُ نثرِه، حتى كدتُ أعتبرُه ناثراً، وهو الشاعر .
وما زلتُ أتذكّرُ أحد نصوصِه، عن طائر الفينيق، كيف يحترق بنارِه، بجمالِه، وكيف ينهضُ من رمادِهِ، أجملَ، وأبهى .
أذكرُ هذا، لأقول شيئاً عن المركز الثقافي " إيل بورْن " أي الغِمْد ، في برشلونة .
علينا أن نعود إلى العام 1700، وأن نسير في تلك الشوارعِ التي قاومت الحصار البحري والبرّيّ الذي فرضتْه جيوشُ الملك الإسباني فيليب الخامس، حتى الحادي عشر من أيلول 1714، حين استسلمت المدينة، بعد آخر هجومٍ معاكسٍ للخيّالة الكاتالانيّة، وكان كازانوفا، قائد الدفاع عن المدينة، جريحاً مدمّى .
*
المركز الثقافيّ El Born، أقيمَ على ثمانية آلاف مترٍ مربّعٍ من أطلالِ برشلونة، المدينة التي سوّاها فيليب الخامس بالأرض.
أنت تدخل المركزَ الآن ...
تنظرُ إلى أسفلَ لترى البيوتَ والدروبَ التي كانت تضجُّ بالحياة أوائل القرن الثامن عشر . البيوت التي كانت جزءاً من القلعة المستعصية .
*
الآن يشكلُ هذا المركزُ عصَبَ الحياة الثقافية، ليس في برشلونة وحدها .
إنه علامة ضوءٍ في أوربا المتحضِّرة .
آخرُ ما رأيتُ في " الغِمْد " كان معرضاً شاملاً للحِرَف اليدويّة الكاتالانيّة .
*
هكذا تنهضُ المدنُ الأصيلةُ من رمادِها، لتتألّقَ أبهى حتى ممّا كانت عليه .
أنا أسكنُ في نُزْلٍ يحملُ اسمَ القلعةِ، تيمُّناً، ولا يبعُدُ عن المركز الثقافيّ سوى أمتارٍ !
برشلونة 13.07.2016