وكان برنامج الحفل زاخراً بإحياء التراث العراقي وبرؤية جديدة معاصرة ألهبت مشاعر الجمهور البلجيكي والغربي قبل أن تداعب خلجات وذائقة الجمهور العراقي والعربي الذي ضاقت مدرجات المسارح عن استيعابه، حيث شدا فيها أنور أبو دراغ وأبدع في غنائه لكلمات شعراء عراقيين تمت كتابة بعضها في عشرينيات القرن الماضي، في حين كان اللحن منساباً بصورة حصرية من بنات أفكار الموسيقار نصير شمة.
واستهل الموسيقار نصير شمة الحفل بعزف منفرد على آلة العود في مقطوعته الجديدة "الربيع العربي"، و كان لإحياء كلمات الشاعر العراقي "الملا منفي" الذي عاش في مطلع القرن الماضي وازدهر شعره في عشرينيات القرن المنصرم، الأثر الأبرز في نفوس العراقيين الذين خلب خيالهم صوت "أبو دراغ" ولحن "شمة" وعزف نخبة من نجوم الموسيقى العراقية الذين جاءوا من بلدان مختلفة ليجتمعوا في بلجيكا ويحيوا ليلة عدها البعض امتداداً لليالي الطرب الأصيلة واستمرارا مبدعاً لما أنتجته بغداد في عصرها الذهبي.
وغنى أنور أبو دراغ للملا منفي "يا غصن بان و يا بدر" و "يالبلخلك شيب وشاب" و "أحبابنا" من مقام المخالف، كما غنى "نص مقام الحجاز كار" للشاعر فاروق سلوم، و "فوك النخل" و "سلمت الكَلب بيدك" احتفاءا بالفنان الخالد ناظم الغزالي، كما غنى "الليل أسرار وغزل" من كلمات وألحان نصير شمة،.
وختم نصير شمة "الكونسيرت" بمعزوفته الشهيرة "من بغداد إلى أشبيلية"، تاركاً للجمهور صدى موسيقى خالدة ستبقى في ذاكرة الوقت كلما ذكر الفن والموسيقى والغناء في بغداد والعراق وكلما تذكر العالم مسيرة الإبداع وتطورها.
وشارك في إحياء كونسيرت نصير شمة وأنور أبو دراغ، أشهر العازفين العراقيين وهم كل من الفنانين: علاء مجيد (ناي)، وسام أيوب (سنطور)، محمد نعمة (جوزة)، صفاء غريب (الرق)، فرات فاضل (إيقاع)، ناجي ناجي (عود الباص)
وأكد المغني والموسيقي أنور أبو دراغ لـ "العالمية نيوز" أنه والموسيقار نصير شمة ونخبة مكونة من عشرين عازف مصري ستكون نواتهم من الفنانين العراقيين، سيحيون حفلاً في مارس/ آذار المقبل 2012 ، في دار الأوبرا المصرية "المسرح الكبير"، موضحاً "بأن هناك الكثير من الجولات في العالم لإحياء هذا المشروع "رؤية معاصرة" الذي سيستمر بإنتاجه اللحني والغنائي لإحياء التراث العراقي وإيصال صوت الموسيقى العراقية للعالمية، لكي تتعرف الشعوب على ثقافتنا الموسيقية وتراثنا بروح معاصرة نستطيع من خلالها أن نبث الحياة من جديد لذلك الإرث الضخم ونحفز الطاقات من أجل خلق مناخ من الموسيقى والإبداع الذي يعكس جانباً مهماً من جوانب الحياة والحضارة، على حد قوله.
علماً أن الفنان أنور أبو دراغ كان قد أسس أول مدرسة للموسيقى العربية والمقام العراقي في بروكسل عاصمة أوربا