ن= ~ ف

2010-03-22

عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدرت رواية " //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/e1d7ce49-e4b6-41a1-afee-704472e54170.jpeg" للشاعر والروائي المصري " كريم الصياد ". الرواية تعد مزجًا بين أدب الرعب وأدب الخيال العلمي، وتقع في 96 صفحة من القطع المتوسط. تصميم الغلاف: محمود ناجيه.

يتناول " كريم الصياد " في روايته الأولى أدب الرعب وأدب الخيال العلمي بنظرة وأسلوب جديدين، تبتعد عن سطحية أدب الرعب التقليدي الذي يميل إلى المغامرة، فيطور رؤية أدبية تهبط إلى قاع النفس البشرية نفاذًا إلى أعماقها، وترتفع إلى سمائها فرارًا من أقطارها، في دراما تمزج الرعب بالخيال العلمي بالفلسفة.

الرواية تعد تفعيلاً قويًا لتيار الوعي في الرواية، ذلك التيار الذي عرفناه مع دوستويفسكي، وفرجينيا وولف، مرورًا بهرمان هيسه وجورج أورويل، حتى يوسف زيدان. ويتدرج العمل من الدراما الصرفة في الباب الأول، إلى السيكولوجيا الخالصة في الباب الثاني، إلى الأفكار المجردة في معادلات رمزية جاء منها اسم الرواية في الباب الثالث، مما يجعل الرواية تمثيلاً لأقصى ما قد يصل إليه الوعي في الأدب.

تكشف الرواية كذلك عن بنية مختلفة، فهي مقسمة إلى ثلاثة فصول يمثل كل منها شكلاً من أشكال السرد، السرد الدرامي المعتاد في الباب الأول، اليوميات في الباب الثاني، شكل الكتاب النظري في الباب الثالث، في تعاون وتركيب بين الأجزاء الثلاثة يصنع بنية واحدة مكثفة في النهاية.

• • • • •

كريم //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/af92b4fc-80ec-42e7-bf9f-29f9781d990d.jpeg الصياد

radical_kareem@yahoo.com

 

• كريم أحمد عبد الباقي الصياد.
• شاعر وكاتب مصري من مواليد القاهرة، في 30 نوفمبر 1981.
• تخرّج في كلية الآداب- جامعة القاهرة، قسم الفلسفة، ويعمل حاليًا معيدًا بالقسم في تخصص الفلسفة الإسلامية.
• عضو مؤسس في جماعة "جُذور" الفلسفية ، وأول رئيس لها.
• عضو الجمعية الفلسفية المصرية.
• شارك في عدد من مؤتمرات الجمعية الفلسفية المصرية التي عقدت بالتعاون مع المعهد السويدي.
• دُعي إلى العديد من مؤتمرات البحث العلمي وورش العمل العلمية في جامعة القاهرة والمجلس الأعلى للثقافة.

• صدر له:
- الأَمْـر : ديوان شعر. دار اكتب والنشر والتوزيع، القاهرة، 2007.
- منهجٌ تربويٌّ مقترَحٌ لـ(فاوِسْت)ديوان شعر. مؤسسة شمس للنشر والإعلام، القاهرة، 2009.
- ن = : من أدب الخيال العلمي . مؤسسة شمس للنشر والإعلام، القاهرة، 2010.
- الرجال Y ( قيد النشر): مجموعة قصصية. مؤسسة شمس للنشر والإعلام، القاهرة، 2010.
- اثنتا عشرة عينًا على مَشهد التسلُّط : كتاب في الفلسفة(تحرير ومشاركة). منشورات الجمعية الفلسفية المصرية
دار الهاني للطباعة والنشر، القاهرة، 2008.
- له عدد من الأبحاث الفلسفية المنشورة بمجلة الجمعية الفلسفية المصرية ومجلة "أوراق فلسفية".

- البريد الإلكتروني: radical_kareem@yahoo.com

 

• • • • •

 

مقاطع من رواية

 

كان الدكتور يرقد في حجرة داخل حجرة، فحَوْل سريره قامت جدران من البلاستيك الشفاف محكمة الغلق، كان يرقد في غيبوبة تامة متصلاً بجهاز للتنفس الصناعي، لكن أغرب ما في المشهد وأكثره إثارة للفزع كان زيّ الأطباء والممرضين من حوله داخل البلاستيك وخارجه.
لقد كانوا يرتدون بدلات شبيهة ببدلات الفضاء؛ كأنما يتعاملون مع فيروس خطير أو جسم مشعّ.

لم نكد نتجاوز الباب داخلين حتى اعترضنا طبيبٌ نرى وجهه من خلف خوذة بلاستيكية ومعه أحد ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقال:
- أرجو المعذرة، هذا أقصى مدى نسمح لكما به.
هتفتْ زوجته دامعة:
- ماذا به؟ لماذا ترتدون هكذا؟ ما الذي يحدث؟
- صدقيني يا سيدتي إننا لا نعرف بالضبط، ولكن الأمر يبدو أثرًا غير متوقع للتجربة التي أجراها على نفسه.
عارضه الضابط في عناد:
- بل يبدو اغتيالاً من نوعٍ ما يا سيدتي.

واستطعنا فيما بعد أن نجتمع بأحد الأطباء وضابطين فيدراليين ليطلعونا على حالته، ولم يفتنا أنهم أكثر حيرة ودهشة.. وخوفًا، لا أعرف المدى الذي تم تصعيد القضية إليه، لكنه ولا بد كان خطيرًا، بدا لي أنهم يتعاملون مع قضية ذات أولوية أمنية متقدمة، وكان الهاجس الأمني ونظرية الإرهاب حاضرين في العقل الأمريكي؛ كما هما منذ عقود، لكنني أدركت من طرف خفي مدى فزعهم، ربما لو كانوا يتعرضون لغزو من الفضاء الخارجي لبدا أمرهم معقولاً.
ولكن ما المعقول في كل هذا؟

تم استجوابنا بشكل دقيق، ومررت بوقت عصيب وأنا أفشي بعض أسرار المشروع العلمية والتمويلية، لكن الأمر كان أكبر مني، لا أعرف إن كان الدكتور سيفيق ليجد وقتًا للغضب أصلاً أم لا.

ولكن بعيدًا عن كل ذلك، أستطيع الآن أن أصف حالة الدكتور حين وجدوه شبه ميت في معمله، وبشكل أكثر هدوءًا واتساقًا مما أخبرني به الطبيب والضابطان.
السبب ما يزال مجهولاً، لكن الواضح حتى الآن أن خلايا الدكتور تنتج دخانًا أشبه بعادم السيارات، قد يبدو هذا مضحكًا لكنه بدا لي ساعتها بشعًا ومرعبًا، ولكن الأبشع أن الدكتور ظل يفرغ هذا الدخان من فمه وأنفه بلا انقطاع بدلاً من أن يتنفس، وجدوه هكذا في معمله بعد أن استطاع ضغط زر الإنذار في آخر لحظة، وكان الدخان يملأ المكان، ولا داعي لذكر أنهم تعاملوا مع كل من استنشق هذا الدخان كمريض الإيبولا أو الملوث بجرعة عالية من الإشعاع.

لم يعرف أحد في النهاية لماذا تنتج خلاياه هذا العادم الذي ترشحه رئتاه، وإن كان أحد العلماء المقربين للدكتور أفتى بأن هذه عملية احتراق على البارد، بمعنى أن هذا الدخان هو ناتج الاحتراق، وهذا معناه أن كل خلية في جسده تُستنفد، ولن تعود لدينا حتى بقايا اسمها الدكتور محمد عبد الله، إنه يُشوى عمليًا دون نار كالدجاجة، لكنه حاليًا ما يزال حيًا، وفي غيبوبة.
وكان الاعتقاد العام لدى الهيئات الأمنية أنه اغتيال بيولوجي من نوع متطور، إن عدد رسائل التهديد الخرافي الذي وصلنا يدفع حتى بأكثر التحقيقات ابتكارًا في هذا الاتجاه.. بينما كانت الجهات الطبية تؤكد أنها أعراض غير متوقعة للتجربة الفريدة، وهو دليل على فشلها.

وبدا لي كل هذا؛ لأسباب كثيرة؛ غباءً شديدًا، لا يمكن أن تؤدي التجربة إلى ذلك طبقًا لأي مسار، ثم من ذا الإرهابي أو المتعصب الذي يقتل بهذا الشكل المعقَّد؟ لا أنكر أن ذلك الشكل قد أثار فزع كل من يعمل أو يموِّل المشروع إلى أقصى حد، على أنني فهمت أنهم يحتفظون بالقدر الأكبر من الأسرار لأنفسهم بسبب الطابع الأمني للقضية، كما أن الطريقة التي تعاملوا بها مع الوضع تشي بأنهم على الأقل قد استبعدوا فعلاً أي سبب تقليدي لهذه الحالة كالاغتيال أو فشل التجربة.
واعتقادي الخاص أنهم كانوا يتعاملون من منطق الخوف، الخوف وحده، الخوف مما يفزعهم ولا يعرفون.

ثم بدأ الدكتور يفيق...
لم يتكلم، لا يستطيع أن يتكلم على أية حال مع تدهور حالته الشنيع، أكثر الأطباء قالوا إنه سيموت في ظرف يومين على الأكثر، طلب فقط دفتره وراح يدون ملحوظاته، ثم غاب في إغماءة أخرى، ثم أفاق ليدون، وظل هكذا ساعات، ولم تسفر التحقيقات معه عن جديد، لكنهم لم يصدقوا ما أكده من أنه وجد نفسه فجأة هكذا.. ولا أنا بصراحة.

قال له أحد العلماء العاملين في المشروع:
- أيًا كان من قتلك، فهو عبقري.
كدت أرد عليه ردًا قاسيًا، لكن الدكتور غمغم في وهن:
- ليس عبقريًا.
ثم هز رأسه نافيًا مرارًا، وقد أثار هذا الموقف في أعماقي تساؤلاً بلا حدود.

وفي مساء يوم 12 إبريل أعلنت الأجهزة ثم الأطباء نهايته، وكان هناك الكثير من التفاصيل السرية، لكنني لم أتوقع أبدًا أن يضطروا إلى إعدام جثته بالإشعاع وتطهير الغرفة والأجهزة وفحص كل من تعامل معه، وبدا لي كل ذلك ستارًا ختاميًا شديد الغموض، ومخيفًا لعرض قصير مفزع لم يتحرك فيه البطل نفسه سوى دقائق قبل أن يموت.

ولم أكن أتوقع أيضًا أن هذا ليس الستار الختامي، فبعد الحادث الأليم الذي لم أجرؤ على محاولة نسيانه، والذي زلزل كياني تمامًا، رحلت أنجربودا إلى بلدها، وظلت على اتصال بي حتى وضعت حملها، وكانت أنثى كما أخبرتني، ثم قطعتْ كل اتصال، حاولت معرفة أي خبر عنها لعدة أشهر، حتى استطعت معرفة أنها نزيلة في إحدى المصحات النفسية، عددت هذا طبيعيًا بعد كل ما مرت به، لكنني فهمت أنها لم تكن مرت بعد بما يعتد به بالمقارنة مع ما حطم أعصابها تمامًا في ألمانيا، لقد وُلدت طفلتها ناقصة، ولدت بدون فكها السفليّ..

شعرتُ أن كل شيء ينهار، أو أنها نهاية العالم، وأصابتني بعد ذلك حالة من الخوف المستمر والاكتئاب، لم أتخلص منها بعد حتى لحظة رواية هذه الأحداث.
لقد تغيرت حياتي، لن أعود كما كنت أبدًا.. عدتُ إلى مصر دون أي خطط بصدد مستقبلي، لم أعرف إن كنت سأكمل رسالتي أم لا، وتركت كل ما له علاقة بمشروع الدكتور، لقد انتهى من كان روحًا لي في حياتي العلمية والشخصية، انتهى قتيلاً، لم أتوقع له نهاية أقل مجدًا على أية حال، لو عاش خالدًا لما مر بموتٍ مجيد، لا معنى للمجد في الخلود.

انتهى هذا الجزء من الحكاية، ووضعت الدراما قلمها فيما بدا، انتهى مشروع الخلود بوفاة صاحبه وانتهى حلم "نيو هارموني"، وتم إغلاق هذا الملف.. لكن كان عليّ أن أتخطى كل هذا لفتح ملف جديد رهيب، هو دفتر الدكتور الخاص الذي حمل كثيرًا من مذكراته وملاحظاته قبل أن يموت، وقد كان أملي الوحيد في أن أفهم، لقد خضع هذا الدفتر للتحقيقات، لكنهم لم يفهموا شيئًا، أنا سأفهم لأنني أعلم بالدكتور وبالمشروع وبالفيزياء وباللغة العربية التي كتب بها..
لقد فررت بجلدي من أمريكا قبل المزيد من التحقيق أو التورط في أي شيء مع الجهات الأمنية أو غيرها، فررت ومعي فقط حرفيًا هذا الدفتر وملابسي التي أرتديها.

وعلى الطائرة التي تقلني إلى مصر أخرجت الدفتر لأتصفحه للمرة الأولى، قلّبت في الأوراق بشكل خاطف فبدا لي ما التقطته عيناي من كلمات وجمل متناثرة مزعجًا، مزعجًا ويبعث على التشاؤم من البداية، والمصادفة الغريبة أن أول ما وقعتْ عليه عيناي وأنا أتصفحه كانت تلك العبارة الوحيدة التي اختلستها منه في المستشفى يوم التجربة إياها:
" إنني أرى أشياء".

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved