عن الكتابة

2012-08-09

ليست المفردات سوى مادة أولية في يد الكاتب، سيتركها تنفرط ليختار منها المفردات التي ستصبح مفرداته هو، ويعيد ترتيبها. تلك هي كيمياء اللغة. في كل مرة يعاد فيها ترتيب المفردات تكتسب الكلمات معنى جديدا وشكلا جديدا، ويتشكل مع كل جملة في النص أسلوب الكاتب الذي سيميزه عن غيره من الكتاب. اللغة كنز مشاع للجميع، ينمو، يتكاثر، يجدد نفسه، وليس على الكاتب إلا أن يفتح الصندوق ويختار منه ما يشاء. سيختار أحدهم اللؤلؤة الأكثر بريقا، ويختار آخر الحجر الأكثر ثقلا ويملأ ثالث كفيه من مفردات هذا الكنز دون انتقاء. يبقى بعد ذلك ما سيفعله كل منهم بما اختاره. قد تنطفئ اللؤلؤة بين يديه أو يتبين له بعد ذلك أنها لم تكن سوى لؤلؤة كاذبة، وقد يتوهج الحجر الثقيل وتنتظم المفردات في نص فائق الروعة أو في خليط لا لون له. إن هذه العملية لتبدو غاية في البساطة، إلا أن كلا من الكاتب والناقد والقارئ يعرف أن الأمر أكثر صعوبة مما يبدو، وإلا كيف نفسر نشر مئات من النصوص الرديئة التي لا يقرأها أحد إلى أيدينا، أو النصوص التي يبدأ المرء بقراءتها لكنه لا يستطيع تجاوز الصفحات الأولى فينصرف عنها بعد المحاولة الثانية أو الثالثة؟ أو كيف نفسر الهنات التي يكتشفها القارئ في نص فائق الروعة يقرأه باستمتاع ولا يود أن ينتهي منه؟ وإذن فلا غنى لمن أراد أن يكتب نصا جيدا عن العلم المدرسي الذي يختصر البلاغة في ثلاثة عناصر: اللفظ والمعنى وتأليف الألفاظ

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved