عن الكُنى والألقابِ والكُبّةِ وأهلِها ...

2015-03-31
تقول الشاعرة العربية القديمةُ :
أكْنِيهِ حين أناديهِ لأُكرمَهُ    ولا أُلَقِّبُهُ ، والسوأةُ اللقَبُ
وفي روايةٍ أخرى :
أكْنيهِ حين أناديهِ لأكرمَهُ     ولا ألقِّبُهُ ، والسوأةَ اللقَبا 
*
والحقُّ أن العرب تُعنى بالكُنى والألقابِ ، لكنها ( أي الأمّة العربية ) تتواضعُ في الانتساب، بل تفتخرُ في الإنتساب إلى المهَنِ والحِرَف، وربّما كان مرَدُّ ذلك أننا بُداةٌ ، والحِرفةُ لها شرفُ كلِّ جديدٍ ، لذا كان الناسُ يتشرّفون بالإنتساب إلى حرفةٍ .
وهكذا كان الفرّاء ، والكسائي ، والخبز أرزي ، والبطّيخي ، والساعاتي ( مؤخراً ) ، والباججي ، والجادرجي،
والدملوجي ... إلخ .
لكنّ حيدر العبادي له شأنٌ مختلفٌ :
كان يصنع الكبّةَ ، منزليّةً ، بمساعدةٍ من حرَمِهِ ،  ويوزعُها على منافذَ لندنيّةٍ ، بعضُها تابعٌ لحزب الدعوةِ ،
مثل تعاونيّة بريفيل 
Perivale
إسهاماً منه في نضال حزبه ، وهو يتأهّلُ ، بريطانيّاً ، ليحكم جمهورية الموز العراقية .
إذاً :
كيف ننسبه إلى مهنته : صانع كبّة ماهراً بمساعدة زوجته ؟
أم عبقريّ إلكترونيّات مثل ستيف جوبز ؟
*
أهل الكبّة في العراق مشاهير ؛ هناك كبّة السراي . 
وحيدر العبادي في سراي الحُكم .
لكن صاحب كبّة السراي ذات الشحم الوفير والمصارين سوف يحتجّ حتماً !
يتسمّى ، حيدر كبّة ؟
لكن آل كبّة سوف يحتجّون ...
لقد كان منهم وزيرٌ يوماًما ، في أواخر الأربعينيات ، هو محمد مهدي كبّة ، رئيس حزب الاستقلال ، ووزير التموين ، الذي قال عنه الشاعر الشعبي ، الخصيبي ، صديق بدر شاكر السياب ، عبد
 الدايم :
مبارك مهدي بو كبّة   تاخذ كلْ شهَر ضَبّةْ
مبارك صرت بالتموين  حتى تجهِّز إلنا  طحين
أبيض خالي من الطين   تعوفه النعجة الجربةْ
مبارك مهدي بو كبّة !
*
إذاً ...
ما العمل ؟
هذا سؤال لينين ... ( أبعدَ الله شرّهُ عنك ! )
*
عليك ، ياسيّدي ، بالألمان  ...
ألم يكن اسمُ بطلهم في سباقات العالَم : شوماخَر ( أي القندرجي ) ؟
وماذا في الأمر ؟
أليس عميد الأغنية العراقية مثل شوماخر ، قندرجيّاً ؟
*
لنتركْ هذا الكلام .
ويا عزيزي حيدر ، لتهنأْ بك العبادُ والبلادُ .
ولتكُنْ خيرَ خلَفٍ لخيرِ سلَفٍ .

لندن  14.08.2014

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved