ليس يسيراً على المرءِ أن يفارقَه رفيقُ صِبا .
أنت تشعرُ أنك فارقتَ بِضعةً من كينونتِكَ ، من كيانكَ ، وأنك لستَ كما كنتَ .
هكذا كان أمري حين أبلغَني مازن ، أواخر رمضان ، رحيلَ أبيه : عبد الجبار اليحيا .
*
كنا في مقتبَل فتوّتِنا .
عبد الجبار اليحيا ... هذا هو اسمه في المملكة .
عبد الجبار الشيخ ... هذا هو اسمه في البصرة .
*
آلُ الشيخ ، في الزبير ، وفي البصرة ، أسرةٌ كريمةٌ ، أنجبتْ سياسيّين ، وفنانين ، وفقهاء ، وكان لها دورٌ مرموقٌ ، في الزبير والبصرة ، بل في العراق في بدايات استقلاله وتشَكُّلِه .
هذه الأسرة الكريمةُ ، نجديّةٌ .
لكنّ متشدّدي الدرعيّة دفعوها شرقاً ، إلى العراق ...
حيث ألقت الأسرة عصاها في الزبير ، غير بعيدٍ عن نجدٍ وعرارِ نجدٍ .
*
وهكذا أيضاً كان لي أن ألتقي بأبناء الشيخ ، آنَ كنّا في حمى أسرةٍ نجديةٍ بالـمُطَيحة من البصرة ، هم آلُ الخرجيّ ، ومنهم فنّانان هما ناصر سعد الخرجي ، وعلي الخرجي فنّان الكاريكاتير الشهير في المملكة .
عبد الجبار ، وشقيقه الأصغر عبد الله كانا فنانَين مطبوعَين منذ صباهما :
تمثال فينوس المبكّر من طينٍ لازبٍ !
*
لقد طوّحت بنا الدنيا ، عبد الجبار وأنا ...
لكننا كنا نلتقي .
كان يسألُ عن متاهاتي ويأتي :
الكويت
دمشق
قبرص ...
*
كان يُطْلعُني على آخر أعماله الفنية ، ومَعارضِه ، ويسألُني الرأي.
*
عليّ القول إن عبد الجبار اليحيا كان مناضلاً شيوعيّاً شجاعاً .
لندن 26.08.2014