عنِ النبَّيذِ في القرى خلف التلال

2012-12-14
 
طالب عبد العزيز

في المطعمِ القريبِ من الجِّسرِ،
حيثُ أضعْنا الوقتَ بالحديثِ عن طعمِ النبيذِ،
بينَ النِّساءِ أمْس ِ ..
عن الذين ِيعصرونهُ في القُرى ،خلفَ التِلال ..
على الطاولةِ الأبنوسِ ذاتِها ،
وسط َ نهرِ الضَّجرِ الذي شربناهُ البّارحَةَ..
أنتِ على يمَينِ اللَّوحةِ ،تصدَّعَ إطارُها
وأنا لصقَ النافذةِ ،على البُوسفور .
حيثُ أبحرتِ الأساطيلُ شرقاً ،


قبلَ ألفٍ من السّنين ..
في المطعمِ الّذي تُديرهُ نساءٌ ثلاثْ
أجملهنَّ التي من إكليوُس ،تنورتهُا سوداء
ولا تبدو ممتلئة ً بالقميصِ الذي يَضيقُ ..
وحَّدها ،كانت تجرُّ جرُ المساءَ، خارجَ الباحة ِ ..
بينَ حشدِ الرِّجالِ الثمَّلين .
وبيدينِ واثقتين ِ،هُما الأرقُّ على الزّجاج ِ ،
وكأسٍ من نبيذٍ أحمرَ عتيق ٍ، تعصرُهُ
راحت تُرتِّبُ الليلَ الّذي ينقضي ..
.....
اليومَ ،أتحسسُّ مِقعدَكَ، ثانيةً
على الطاولةِ الأبنَوسِ التي كانتْ بيَننا ،
ومن فُرجَةِ البابِ ،تبدو السَّواحِل ُ نائيةً
مثلَ نساءِ مودلياني الحزينات
لنْ أتأملَ طويلاً، أعناقَ زجاجاتِ النَّبيذِ،
مصفوفةً أعلى البّارِ ..لنْ أبكي النورَ يندحرُ أسفلَ الطاولاتِ ،
سأطوي اللَّوحةَ الَّتي تصدَّعَ إطارُها ،
أعيدُ عليك ِحَديثَنا الّذي لم ْ يكتملْ ،
عنِ طعمِ النَّبيذِ بينَ النِّساءْ
عن الذين يعصرونهُ في القرى ،
خلفَ التلِّالْ .

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved