نوروز يوم هبوط النبي آدم على الأرض

2021-03-21

نوروز

 

أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً  

من الحُسن حتى كاد أن يتكلما

وقد نبَـه النوروز في غلس الدُجى   أوائل ورد كـُن بالأمس نوَما

 

نوروز هو عيد الربيع،  يُحتفل به بطقوسٍ جميلة احتفاءاً بقدزم  فصل تفتح الزهور وهيمنة الخصرة، واعتدال الطقس، وهو بداية السنة الجديدة حسب التقويم الشمسي، وبذا تم اختيار يوم 21 آذار اليوم الذي  يتساوى فيه طول الليل والنهار، ويتحول فصل الشتاء إلى ربيع، ويوم تعامُد الشمس على منتصف الكرة الأرضية (خط الاستواء)، جالبة الإعتدال الربيعي إلى نصف الكرة الشمالي . وليُمثل اليوم الرسمي للإحتفال بعيد النوروز بقرار من الأمم المتحدة .

يَحتفلُ اليوم بنوروز ما يقرب ال 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، حسب اليونسكو،  حيث قررت إدراجه  في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي  للبشرية .

يعود أصل عيد النوروز إلى تقاليد الديانة  الزرادشتية، وبقي الإحتفال به  حتى بعد الفتوحات الإسلامية، وكان البعض قديماً يعتبر هذا اليوم بجماله وبهائه هو مهبط آدم أبو البشر على الأرض .

تحتفي بنوروز اقوام وشعوب عبر القارات، فهو عيد رسمي في العراق، ايران، قرغيزستان، أذربيجان، تركمانستان، طاجيكستان، أوزبكستان، كازاخستان، مقدونيا،جنوب القوقاز،القرم، منطقة البلقان، كشمير، ولاية كوجارات الهندية،  وشمال غرب الصين، وغيرها من الأقوام في غربي آسيا . 

حكايات وأساطير

يعود الإحتفال بنوروز لأسباب مختلفة مأخوذة من قصص شعبية وأساطيرفي ثقافات الشعوب  التي تحتفل به، وبالتالي تتفق الأقوال على أنه عيد للربيع، حيث تبدأ دورة الحياة الجديدة بعد زوال فصل الشتاء . كما يجمع هذا العيد الشعوب الآرية منذ القدم .

يروى أن الملك الفارسي جم، الذي كان له سلطان واسع على الجن والإنس، ،.كان هائماً يسير في أرجاء العالم، وحين وصل إلى أذربيجان اختارها موقعاً لعرشه، وحين جلس على ذلك العرش أشرقت الشمس وسطع نورها وأرسلت شعاعها على تاجه وعرشه فابتهج الناس، واعتبروه يوماً جديداً . وجعلوا اسم ملكهم جمشيد، اي شعاع الملك جم، واصبح هذا اليوم عيداً  لكل عام .

وتحكي النقوش الأثرية والأدب الإيراني عامة عن احتفال الساسانيون بهذا اليوم، وهم قومٌ حكموا  بلاد فارس قبل الإسلام، حيث كان قد وضع تقويمه على أساس الحسابات التي أجراها الكهنة البابليّون والمجوس الإيرانيّون المقيمون في بابل عن طريق رصد النجوم، غير أن يوم النوروز لم يكن ثابتاً في ذلك الزمان حيث لم تراعَ فيه أصول السنين الكبيسة وحدوث الإختلاطات .

نور2

كما يحتفل الأكراد بهذا العيد، ويعدّونه عيداً قوميّاً، حيث أنه اليوم الذي انتفض فيه الأكراد تحت راية كاوا الحداد ضد الملك الضّحاك، أو أزديهاك .

وكاوا الحداد هو البطل الكردي الأسطوري الذي أنهى ظلماً تعرَّض له الأكراد على يد ملك فارسي يدعى أزديهاك .

 وبذا يروون، ان في قديم الزمان كان هناك ملكُ شريّرُ سَمّى الضحّاك، وكان قد أصيب بلعنة هو ومملكته، كانت اللعنة هي إمتلاك أفعيين ربطتا على أكتافه، وعندما تجوعان تشعران بألم عظيم، والشئ الوحيد الذي يرضي جوع الأفاعي هو أدمغة الأطفال . لذا كان يقتل كل يوم طفلين من القرى المجاورة ويقدم أدمغتهما للأفاعي . فرفضت الشمس أن تشرق وبذا أصبح من المستحيل نمو أي نبات،  قتل الملك الضحاك 16 طفلا وجاء دور الطفلة التي كانت إبنة  كاوا الحداد، فوضع كاوا خطة لإنقاذها . وبدلاً من أن يضحي بإبنته ضحى بخروف وأعطى دماغه للملك، وتبعه في ذلك أهل القرية،  وكانوا يرسلون أطفالهم كي يعيشون مع كاوه في الجبال ليكونوا في  أمان . وكبر الأطفال في الجبال ودربهم كاوه، وعندما كبر الأطفال وصار عددهم عظيماً، نزلوا من الجبل بقيادة كاوه واقتحموا قلعة الملك الشرير وقضوا عليه . وكي يستطيع كاوه إيصال الخبر للبلدات المجاورة بنى مشعلا كبيراً أضاء السماء وطهر الهواء من شر الملك الضحّاك، وفي ذلك الصباح أشرقت الشمس مرةً ثانية ورجعت الخصوبة إلى أراضي القرية وهكذا كانت بداية يوم جديد .

لذا يقوم الأكراد اليوم بإشعال النيران في كل مكان يوم الإحتفال بنوروز، لتبقى شعلة كاوا الحداد رمزاً للإنتصارعلى الظلم .

احتفال السومريون بيوم الربيع

وقد يعود الإحتفال بهذا اليوم الذي هو أيضاً يوم الإعتدال الربيعي إلى قدماء السومريين وهم من الأوائل الذين احتفلوا به . حيث تقول إحدى أساطير السومريين بان إنانا Inanna السومرية، إلهة الجمال المقابلة لعشتار البابلية إلهة الشهوة والحب، اغترّت بنفسها وبقوتها فذهبت للعالم السفلي "عالم الموت" الذي تحكمه أختها "أوتونيحال" للتغلب على الموت وعند ذهابها هناك فقدت جميع أسلحتها ولم تستطع العودة حيث تغلبت عليها أُختها . فانعدمت الشهوة لدى الإنسان والحيوان ووقف التناسل (حسب الأسطورة البابلية) والشباب والجمال في العالم (حسب النسخة السومرية) وفي مدينة الوركاء تحديداً . ابتهل الناس إلى الإله الأكبر "إنكي" Enki السومري ولإعادتها للحياة حسب الأسطورة . كانت عشتار مخطوبة لتموز Dumuzi إله الخضرة . قبل أنكي تَضرّعَ الناس حسب الأُسطوره وقرر أن تغادر عشتار العالم السفلي على أن يجد أحداً يموت (يذهب إلى العالم السفلي بدلها) فصعدت إلى الأرض مع حرس من العالم السفلي لتختار أحدا بدلاً منها، فلم تجد أجمل من تموز حتى بين الفتيات الجميلات . لهذا اختارته . بموت تموز ماتت الخضرة على وجه الأرض . فاستاء الناس وابتهلوا ل"إنكي"  أم وأخت تموز التي تبرعت للنزول بدله إلى العالم السفلي لكي يصعد هو إلى الأرض وليعيد لهم الخضرة والفرح . قبِلَ إنكي دعواتهم لهذا قرر أن يصعد تموز إله الخضرة إلى الأرض لمدة ستة أشهر على أن يعود إلى العالم السفلي في الأشهر الست التالية . وبهذا احتفل العراقيون القدماء بتموز الداخل إلى الأرض من العالم السفلي بعيد الدخول، الذي من علاماته انتشار الخضرة والأزهار على سطح الأرض . وهو نفسه بدء السنة حسب تقويمهم . وبكل الأحوال فان نوروز يأتي بالتزامن مع تجدد الطبيعة، ومع  دلالات الحب، والأمل، والسلام، والتفاؤل .

في جنوب العراق يسمى نوروز عيد الدخول، المتوارث من العصور القديمة ( دخول تموز تحت الأرض وخروجه بحلول الربيع ) يحتفلون به كما يحتفل الجميع بمائدة السبع أطباق، والعمل على نظافة المنزل وتزيينه، والإحتفال كذلك في قوارب تمخر الأنهر مزينة بالشموع والورود، وتتهادى مع أنغام الطبلات والدفوف وفرق الخشابة البصرية، والأغاني الشعبية الخاصة . 

مظاهر وطقوس

يحتفل بعيد نوروز يوم 21 مارس/آذار من كل عام، وسط طقوس جميلة مميزة .

يستعد الناس لاستقبال عيد النيروز عن طريق تنظيف المنزل على أتمّ وجه، وصيانة ما أُتلف فيه، وغسل السجاد والنوافذ، وتزيين المنزل بالورود، إذ يجب استقبال العام الجديد بحُلّة نظيفة زاهية، ثم تبدأ طقوس العيد في ليلة الأربعاء الأخيرة من السنة الشمسية السابقة، يتم فيها إشعال نيران يقفز الناس من فوقها للتخلص، من الحظ السيء وإبعاد المرض . ومن الطقوس إعداد سُفرة من سبع أطباق تبدأ بالحرف س، ويتم وضع هذه الأطباق على طاولة مُزينة بالأزهار ، بالإضافة للشموع والمرآة والبيض المطلي، والكتاب الديني المُقدس لتلك العائلة، وتتكون الأطباق السبعة الخاصة بهذا العيد من براعم القمح التي يتم زراعتها في طبق إلى أن تنمو كرمز للتجديد، ونوع من حلويات مصنوعة من القمح، ترمز إلى حلاوة الحياة . وفاكهة شجرة اللوتس المُجففة، وتَرمِز إلى الحب .  وزهرة الياقوتية، التي تَرمِز إلى الربيع، والتفاح، الذي يَرمِز إلى الصحة والجمال، وتوابل حمراء اللون، أو السماق، رمز إلى شروق الشمس، وعملات معدنية، ترمز للرزق الوفير . بعد مُضيّ 13 يوماً يتم اختتام الإحتفال بالقيام برحلة والتخلص من براعم القمح النابتة، حيث تُرمى في الأنهار والبحيرات لتأخذ معها كل هموم وتعاسة ما جرى في العام الماضي، ولتبدأ حياة جديدة جميلة تشبه الربيع . انه نوروز عيد الخضرة والجمال .

 

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved