" سأعيد تدوير نفسي، لأنجح وأحقق أحلامي " .. عبارة مؤثرة كتبتها الفنانة العراقية الصغيرة سماء الامير في لوحة من لوحات معرضها الشخصي الثاني ( نوافذ جمالية لعالم أحلامي ) الذي أقيم في دار الكتب والوثائق الوطنية / وزارة الثقافة صباح يوم الاربعاء، 24/5/2017 ، وتضمن 30 لوحة تحاكي جمال الطبيعة والحب والبراءة والنقاء والفرح والأحلام الكبيرة، والعلاقة بين الأم والطفل، والصراع بين الخير والشر، والأفكار الانسانية النبيلة كالتسامح وجمال القلب والروح الذي يسبق جمال الشكل، وشهد المعرض حضور نخبة من الفنانين والأكاديميين .
الفنانة الصغيرة سماء الامير التي تتحدى مرضها الولادي المزمن عبر هواية الرسم، هي من مواليد بغداد 2003، لم تحتك مباشرة بالعالم الخارجي قبل هذا المعرض إذ اقتصر تعاملها مع الاهل فقط، لهذا جاء المعرض فرصة لتقابل الناس الآخرين من خارج اطار عائلتها . هدفها، ليس أن تكون فنانة في المستقبل فقط، وإنما انسانة مهمة في الحياة، من خلال تحدي مرضها وتحويله الى حكاية نجاح، فقد ولدت سماء بحالة مَرَضية صعبة ومزمنة حرمتها من أمور كثيرة وجعلتها تلازم البيت، لكنها وبتكوينها الشخصي واحساسها وذكائها وبتشجيع من والدتها الكاتبة والصحفية اسماء محمد مصطفى، تحاول تحدي واقعها بعالم رسمته في مخيلتها لذا فإنّ أعمالها تتخذ من الأحلام عنوانا لها .
ومن خلال إطلاعي على اعمالها، وجدت فيها ملامحاً ورموزاً تتعلق بعالم يتسم بالغرابة صنعته من خيالها، بعيداً عن الواقع، وحقيقة أن الإنسان الذي يعيش في عالم غريب لاوجود له في الواقع تبدأ خلاياه الحسية بالمقاومة والصراع النفسي ليتحدى الواقع، ومن هنا عرفنا سماء الأمير فهي تعيش الصراع الداخلي مع عوامل عديده تحيط بها من أفكار وتمني، فهي تحاول أن تتغلب عما يدور حولها من صراعات وآلام فتحدث الواقع في عالمها الغريب من خلال إحساسها الجميل الذي تحمله كسلاح رصين لتحقيق الجمال والمتعة والرفاهية وتتحدى الواقع الذي تعيش فيه وهي ترسم وتكتب وتلعب مع السطوح البيضاء وتتحداها وتجعل منها لوحات مليئة بالحياة والحب والسعادة، ما يعكس قوتها ويجعلها تستمر قوية ومتحدية في حياتها لتواجه الألم والمرض، فهي سماء الأمير المتحدية لكل ألم وعقبة باحساسها الجميل، ولهذا أفصحت في أحدى لوحاتها عن رغبتها بإعادة تدوير نفسها، أي تكون شخصا جديدا يستمر في عطائه وابداعه .
واحدى ثمرات التحدي هو نجاح معرضها الذي انتهى بحوار جميل هادف بينها وبين والدتها التي طمأنتها قبل يوم من افتتاح المعرض من انها ستتخطى حالة الخجل وستكون قادرة على مقابلة الناس وإظهار شخصيتها الجميلة امامهم وشرح افكار لوحاتها لهم وستنال إعجابهم، وتحقق كلام الوالدة التي سألتها قبل مغادرة المعرض : ألم أقل لك ؟ من الذي يعرفك جيدا ويعرف قدراتك ؟ اجابت سماء قائلة : انت ياماما .. قالت الوالدة : اذن، ماذا يعني ذلك ؟ .. قالت : انت ياماما على حق .
وسبق لسماء ان حلت ضيفة شرف على معرض خريجي دورة الفنان الرائد فائق حسن للرسم الذي أقيم في دار الكتب والوثائق الوطنية العراقية، وحمل معرضها عنوان " عالم أحلامي يتحدى ألم الواقع" ، وضمّ 45 لوحة من بينها لوحات اشتغلتها بأسلوب الكولاج .
حازت على شهادتي مشاركة تقديرا لمعرضين اقامتهما في دار الكتب والوثائق الوطنية، الى جانب عرض دائم للوحاتها في مرسم مكتبة الأجيال التابعة الى دار الكتب والوثائق . .
نشرت سماء مجموعة من الكتابات الإنسانية القصيرة والهادفة تحت عنوان " أفكار ملونة كقوس قزح" .
كما انها تصمم الإكسسوارات والنتاجات اليدوية، وهي تستعد حاليا لمعرض شخصي ثالث، فضلا عن معرض خاص بالاكسسوارات، مشترك مع والدتها ضمن حملة لهما بعنوان " ثقافة المحبة ونبذ الكراهية " حيث شكلت الام والبنت ثنائيا اتخذ عنوان ( سماء أسماء Sama Asma ) كعلامة لنتاجاتهما وعنوانا لنشاطاتهما الفنية والإعلامية .
شبيب المدحتي / فنان تشكيلي / العراق