ترجمة : سعدي يوسف
خبزٌ بيتيٌّ
PAO CASEIRO
في مخزن الحبوبِ
لا تتحدّثُ النسوةُ اللائي يعْجِنَّ الخبزِ
عمّا سيَحدُثُ قادمَ الأيّامِ .
العجينُ يتخمّرُ تحت أقمشةٍ قُطْنٍ وأسمالٍ ،
بينما يشتعلُ الحطبُ مُتّقِداً في الفرنِ .
لا أتذكّرُ الآنَ حديثَ النسوةِ اللائي يعجِنَّ الخبزِ .
من النافذةِ تسلّقت الدجاجاتُ بعد عِراكِ الدِيَكةِ ،
وأحالت ريحٌ صَرصَرٌ السماءَ ، أشدَّ زرقةً .
إنها نهاياتُ الشتاءِ ،
والفصحُ على الأبوابِ
والفرنُ جاهزٌ .
النسوةُ اللائي أعددْنَ الفرنَ الطينيَّ مُتْنَ ، جميعهنّ ، تقريباً ،
واحدةٌ ، أو أخرى ، ما زالت تُطِلُّ على عالَمٍ لم يَعُدْ لها .
لا أحدَ يُشعلُ فرنَ الطينِ .
الخبزُ يُشترى صباحاً من السوبرماركت
والدجاجُ يؤتى به ، ميتاً ، من الـمَداجنِ .
في مخزنِ الحبوبِ ، حيثُ العجينُ تَخَمَّرَ تحتَ القماش والأسمالِ ،
الريحُ ، وحدَها ، ما زالت تدخلُ ، من ثقوبِ البابِ
تبحثُ عن النسوةِ اللواتي ينبغي أن يَكُنَّ هناك ، لتُرغمهُنَّ على الشكوى
من البردِ أو آلامِ العظامِ والروماتزم ، بينما هنَّ يشدُدْنَ الشالاتِ على أكتافهنّ .
في ذلك البيت الخاوي ، تعبَت الريحُ من الهبوبِ
واندفعتْ إلى السُّحبِ الماضيةِ جنوباً ،
مثل ما كان الدجاجُ يُطرَدُ لئلاّ يأخذ الخبزَ من الفرنِ
- تحتَ القماشِ العتيقِ والأسمالِ ، لا شيءَ يتخمّرُ مع هذه الصوَرِ التي أحشرُها
في فرنِ القصيدةِ ،
لأنثرَها إلى طيورِ الذاكرةِ
فُتاتاً آتياً ، متمهِّلاً ، من الطفولةِ .
حياةٌ جامدةٌ تقريباً
QUASE UMA NATUREZA MORTA
إحدى ذراعَي النهر تحررتْ من الضفةِ :
الأغصانُ تمدّدتْ ، حنيناً إلى اليابسةِ .
شفافيةُ الماءِ لم تخترقْ سطحَ النهرِ ، لتذوبَ في القاعِ الغامضِ
( حيثُ التيّارُ يجعلُ الزبَدَ يثِبُ ، ولا أحدَ يغامرُ - حتى لو فصلت الجنادلُ
المجرى الأبيضَ للماءِ) .
أنتِ تسألين" ما هذا ؟ " .
المغزى الأوّلُ :
حياتك منشطرةٌ من النصفِ، كأنْ ليس من سبيلٍ واحدٍ نحو النهايةِ.
" حتى في الحُبِّ ؟ "
لكنّ المساءَ يأتي معه بالبردِ ، وبشفافيةِ منظرِ التلالِ ،
حتى أغنيةُ الطيرِ تكونُ أصفى ، كأنْ ليس بمقدورِ أيّ نأمةٍ أن تفسِدَها .
أنا أتنفّسُ معكِ معرفةَ الحقيقةِ:
بالرغمِ من أنّ معرفةً كهذه ، قد تقودُ إلى اكتشافِ حياةٍ أخرى ،
اتِّصالِ عُزْلَتَينِ ،
أو ببساطةٍ
التردُّدِ القصيرِ قبلَ تَلامُسِ الشفتَينِ،
ممّا يدفعُ الواحدَ و الآخرَ إلى الوثوبِ نحو الضفةِ الأخرى -
الأكثرِ تجريداً ،
الضفةِ التي تفصلُ جسداً عن آخرَ ،
وتُعَيِّنُ ، فوقَ ذلكَ كلِّهِ
الحدودَ بين الرُّشْدِ والهوى .
حوارٌ سِرِّيٌّ
UM DIALOGO SECRETO
ستقولين لي : الليلُ أن أكونَ معكَ ،
لا وردةَ تتفتّحُ في غيرِ أوانِها ،
وأنّ أغربَ القبورِ ذلك الذي تنبعثُ منه تأوُّهاتُ الحُبِّ
ليلاً
حينَ نُرِيْحُ آذانَنا على الأرضِ .
مع أني أنامُ معكِ ، ذلكَ الأصيلَ ، على العشبِ
والطيورُ وحدَها تَخُفُقُ بأجنحتِها
على الأغصانِ التي تُخفِينا عن الشمسِ ،
لم أفَكِّرْ ، مرّةً ، بأنّ تلك الأجسادَ كانت هادئةً تحتَنا .
حتى لو لم تكن تلك الأجسادُ هناكَ ،
فإنّ الأنهارَ الدفينةَ كانت ستحملُ صدى أنفاسِنا ،
وأن أحداًما سوف يسمعُ الكلماتِ التي تبادَلْناها ،
تحت الشجرِ ،
قبلَ أن يهبطَ الليلُ على غيابِنا .