نزيهة الدليمي رائدة الحركة النسوية\ نون

2008-01-14


//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/a5746b2a-faa6-4727-b293-ef14a8c6f881.jpeg هي احدى رائدات الحركة النسوية العراقية واول رئيسة لرابطة المراة العراقية واول وزيرة عراقية في تاريخ العراق الحديث ومناضلة سياسية واكبت النضال الوطني التحرري والديمقراطي طيلة اكثر من نصف قرن .

ولدت الدكتورة نزيهة الدليمي في عام 1923في بغداد ، الأبنة البكر لعائلة مكونة من اربعة أخوة واختين، نشأت في اسرة ذات دخل متوسط حيث كان يعمل والدها مستخدماً في أسالة ماء بغداد، وقد سعى والدها الى تنمية الاهتمامات الثقافية لدى بناته وأولاده عن طريق قراءاته للكتب التاريخية والأجتماعية، أذ كان يقرأ لهم الصحف اليومية في لقاءاتهم المسائية ، فأصبحوا متعلقين بجريدة ( حبزبوز ) الجريدة الساخرة التي كانت تصدر انذاك، ونقدها للاوضاع بأسلوبها الساخر .فنّمت لديهم القدرة على المناقشة والتساؤل وأزاداد حبهم للوطن والشعب .

كانت طالبة في اعوام الحرب العالمية الثانية درست الأبتدائية والمتوسطة في مدرسة ( تطبيقات دار المعلمات )  النموذجية ، واكملت دراسة الثانوية في الثانوية المركزية للبنات ، لقد كانت تتأثر بما تدرسه من علوم وتحاول ربطها بما تشهده من الاوضاع ومن المعاناة المريرة التي يعيشها الشعب وخاصة بعد دخولها الكلية الطبية عام 1941-1942 وتتاثر بأراء صديقاتها وأصدقائها من الطلاب ذوي الاراء المتنورة والافكار الديمقراطية حيث توسعت مداركها عن طريق النقاش معهم .

تعرفت الدكتورة نزيهة ولاول مرة على نشاط ( الجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية ) عن طريق احدى صديقاتها فبدأت بالحضور لكل النشاطات التي تعقدها الجمعية كالندوات والمحاضرات التي تعمل من خلالها على تبيان خطر الحرب والافكار الفاشية, شاركت في احد اجتماعات الجمعية التي حضرتها ( 400 أمرأة ) وهي جمعية علنية ، ففي هذا الاجتماع تم تبديل اسم الجمعية الى رابطة نساء العراق وذلك بعد انتهاء الحرب وكان للجمعية مجلة بأسم ( تحرير المرأة ) ، كانت الدكتورة عضو في الهيئة الادارية للجمعية وهي لازالت طالبة في الطبية ، أغلقت الجمعية ومجلتها في بداية حملة نوري السعيد ( رئيس وزراء العراق في العهد الملكي ) الارهابية ضد الحريات الديمقراطية .

بعد تخرجها من كلية الطب تعينت في بغداد أولا في المستشفى الملكي لقضاء فترة الاقامة ثم نقلت الى مستشفى الكرخ وفي هذه الفترة تعرضت الى الملاحقة من قبل التحقيقات الجنائية، بعدها نقلت الى

السليمانية .. تميز عملها كطبيبة بصلات وعلاقات واسعة يومياً وتعرفت على معاناة الناس أكثر وكانت تقوم بعملها الوظيفي والتوعية بمختلف الاساليب .

نقلت بعد ذلك الى كربلاء وكانت تجربة جديدة تختلف عن بغداد حيث محيط كربلاء ومجتمعها المقيد والمحافظ جداً تجاه المرأة حيث أضطرت الى ارتداء العباءة والى مراعاة امور عديدة عندما كانت تذهب الى عيادة مريض في البيت .

في عام 1950 كان هناك مشروع لمكافحة مرض البجل حيث وافقت على الفور للعمل ضمن هذا المشروع، كان غرض المشروع هو التقصي عن مرض البجل وهو مرض من ا مراض الصحة العامة الشائعة في التجمعات Primitive syphilisالسكانية الواقعة حول المياه مثلا حول دجلة الى الموصل والفرات الى مدينة عانة ثم النزول الى الاهوار وكل مناطقها وهي مناطق واسعة .

هذه الجولات أتاحت لها فرصة الاحتكاك المباشر بالناس والتعرف على مشاكلهم واحوالهم التي لايمكن تصورها اجتماعياً وأقتصادياً ، ومن خلال هذه الدراسة والتقصي تكونت لديها معلومات كثيرة تستند عليها لمتابعة الحالات المرضية ،الا أن الفائدة الاكبرهي اعداد كراس خاص بأوضاع المرأة العراقية عموماً وبعد انتهاء مهمة التقصي الميداني عادت الى بغداد عام 1951 للعمل في المستوصف التابع للمشروع لمتابعة المرضى المصابين بالبجل وكان الكراس الذي اعدتة تتحت اسم (المراة العراقية ).

في هذه الفترة تبلورت لديها فكرة اعادة نشاط ( رابطة النساء العراقيات ) وشرعت بتجميع النساء حيث بلغ عددهن (30 أمرأة ) منهن خريجات الكليات ومنهن من عوائل المناضلين وعدد من المناضلات وباشرت بمناقشة ورسم اهداف الرابطة وبرنامجها واستغرق هذا الاعداد من الاتصالات والزيارات والاجتماعات سنة كاملة حيث تقدمن بعدها بطلب الاجازة الرسمية تحت اسم ( جمعية تحرير المرأة )وخلال فترة انتظار الموافقة حصلت الجمعية على تأييد واسع من قبل النساء في عموم العراق ، الا أن الطلب رفض ( بناءً على مقتضيات المصلحة العامة ) الكليشة المعروفة للرفض ....

ورداً على الرفض جمعت الدكتورة النساء وناقشن الرفض وقررن بالاجماع مواصلة العمل لتحقيق الاهداف والبرنامج المتفق عليه بشكل سري وتغير الاسم الى ( رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية ) و تم نشر الاهداف والبرنامج والنظام الداخلي لها ومن اهدافها

1- النضال من اجل التحرر الوطني والسلام العالمي

2- الدفاع عن حقوق المراة العراقية

3- حماية الطفولة العراقية

وفي العاشر من آذار 1952 أعلن عن تأسيس رابطة الدفاع عن حقوق المرأة والتي بدلت اسمها في المؤتمر الثاني في آذار 1960 (الى رابطة المرأة العراقية )

ومع مرور الوقت وبقيادة الدكتورة نزيهة اصبحت الرابطة الوجه المشرق للحركة النسائية التقدمية وجماهيرياًأصبحت عضويتها ( 42 الف عضو ) قدمت الرابطة للنساء خدمات كبيرة وفي مقدمتها قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وغيرها من المكاسب التي انتزعتها الرجعية والدكتاتورية ونظام البعث فيما بعد .

حضرت الدكتورة نزيهة المؤتمر النسائي العالمي في كوبنهاكن عام 1953 ولاول مرة وفي هذا المؤتمر اصبحت الرابطة عضو في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي الذي كان مقره انذاك في برلين واصبحت الرابطة عضو دائم في سكرتاريتها وانتخبت الدكتورة عضو في مجلس الاتحاد ثم في مكتبه وفيما بعد نائبة رئيسة الاتحادالنسائي الديمقراطي العالمي وكانت تحضر كافة اجتماعات الاتحاد ومؤتمراته ولعبت دوراً مميزاً في نظام الاتحاد وبرنامجه وعمله فيما يخص موقف الاتحاد من الحركة النسائية سواء العربية او من بلدان العالم الثالث ، وبقت الدكتورة تنتخب لهذه المناصب في الاتحاد حتى عام 1979 حيث تأزمت المواقف بين السلطة والرابطة .

بعد عودة الدكتورة من مؤتمر كوبنهاكن عام 1953 وبناءاً على قرارات المؤتمر اعدت كراساً بأسم ( المرأة تحل مشاكلها ) تحت اسم مستعار ، تضمن الكراس امثلة وتجارب واساليب عمل لحركات نسوية أخرى تحث المرأة على ان تأخذ قضيتها بيدها دون الانتظار من الاخرين ان يقوموا بحلها ، وبقيت الرابطة تحضر مؤتمرات الاتحاد منذ 1953 والى اجتماع المكتب الاقليمي العربي للاتحاد في عام 2003 .

لقد ساهمت الدكتورة نزيهة بحماس ونشاط في اعمال ونشاطات جبهة الاتحاد الوطني التي تأسست قبيل ثورة 14 تموز الخالدة حتى انبثاقها ونجاحها ومن ثم عملت بجد من اجل حماية مكتسباتها سواء في لجان صيانة الجمهورية او المقاومة الشعبية وتقديراً لدورها الفعال في حركة السلم والحركة الوطنية والحركة النسائية تبوأت اعلى منصب في الحكم الجمهوري واصبحت اول وزيرة عراقية في تاريخ العراق الحديث وعملت عن كثب من اجل تحقيق اهداف ثورة 14 تموز التي قامت من اجل الانعتاق من التبعية للاستعمار والاحتكارات الاجنبية ومن ربقة العلاقات الاقطاعية وللخلاص من النظام الملكي .

- دور الدكتورة نزيهة في حركة السلم :

ساهمت الدكتورة مساهمة فعالة وجدية ضمن الجهود العامة للتحضير لعقد المؤتمر الاول لانصار السلام وضمن اللجنة التحضيرية للمؤتمر ... كان ذلك في الخمسينات عندما كانت محاولات الدوائر الامبريالية تجري على قدم وساق لربط العراق بشكل محكم بعجلة الامبريالية ودسائسها المحمومة لعقد حلف بغداد العسكري العدواني . لقد كان في حركة انصار السلام شخصيات اجتماعية مختلفة الاتجاهات منهم الشهيد الدكتور صفاء الحافظ والدكتور طلعت الشيباني والشهبد الدكتور محمد الجلبي والشخصية المعروفة عبد الكريم الماشطة والشيخ محمد الشبيبي والشهيد جلال الاوقاتي ونائل سمحيري وخدوري خدوري والشخصية الوطنية الشهيد توفيق منير وغيرهم من الشخصيات الكردية الشاعر عبد الله كوران واسماعيل شاويس . وبعد المؤتمر اتسعت حركة انصار السلام ونشرت قرارات المؤتمر في جريدة الاهالي وغيرها ... واصبحت حركة السلام حركة جماهيرية واسعة وفي السنوات اللاحقة اصبحت الدكتورة نزيهة عضوفي حركة السلام العالمي اي عضو في مجلس السلم العالمي وحضرت كافة المؤتمرات المنعقدة لهذا الغرض وخاصة مؤتمر موسكو للسلام وندوة عدن للسلم .

كما كانت الدكتورة عضو في السكرتارية العليا لتحرير مجلة ( قضايا السلم والاشتراكية ) التي كانت تصدر في براغ / جيكوسلوفاكيا سابقاً .

بالاضافة الى كل ماذكر من نشاطات مختلفة كانت الدكتورة عضو فعال في الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1948 واصبحت خلال سنوات نضالها عضو في اللجنة المركزية للحزب تعمل بدون كلل من اجل تحقيق اهداف الحزب في وطن حر وشعب سعيد . وكانت مطاردة بأستمرار من قبل السلطات الرجعية والدكتاتورية ولهذا أضطرت الى اللجوء والعيش خارج العراق ولكن لم تنقطع عن الحركة النسائية خاصة والديمقراطية عامة ولم تنقطع عن الحزب وعملت بجد وتفاني في تطوير عملها وعمل المنظمات والحزب ومن مكانها في المانيا قادت الرابطة وقامت بجولات الى داخل الوطن والى بعض البلدان الاوربية التي تتواجد فيها فروع للرابطة لغرض حثها على النشاط والتواصل مع الوطن وتطوير عمل الرابطة والحركة النسائية العراقية وحضرت وساهمت بنشاط في اجتماع نسائي عراقي (الرابطة والجمعيات النسائية العراقية ) خارج الوطن في هولندا للعمل والتنسيق بينهما لما فيه خدمة النساء والحركة النسائية وعملت مع عضوات السكرتارية وغيرهن من عضوات الرابطة على استمرار الحركة النسوية والرابطة رغم بطش الدكتاتورية التي كانت تقمع كل حركة غير حركة منظمات السلطة وحزب البعث ورغم تعرض كثيرمن عضوات الرابطة الى الاعتقال والتعذيب والاعدام والتصفية الجسدية .

واخر نشاطات الدكتورة نزيهة قبل ان يقعدها المرض قيادتها لسمينار حول اوضاع المراة العراقية الذي أنعقد في كولن / المانيا عام 1999 والذي صدر عنه كراس باسم ( نحو عام 2000المرأة العراقية الواقع والتحديات ) وكذلك نشاطها في التحضير لعقد المؤتمر الخامس للرابطة الذي كان مزمع عقده في اواسط 2002 ومنذ اذار 2002 الدكتورة طريحة الفراش مصابة بالشلل .

 

 تجسد سيرة حياة الدليمي منذ ولادتها في أوساط الطبقة المتوسطة في بغداد عام 1923 وحتى وفاتها في المهجر الألماني عام 2007 سيرة صعود وهبوط التيار اليساري والعلماني المتنور في العراق.
كانت الدليمي تحلم في سنواتها الأخيرة بأن تزور بلدها الأصلي العراق بعد عقود من حياة المنفى. وقالت في حديث لصحيفة الشرق الاوسط في يناير عام 2004 إنها تنتظر انتظام الرحلات الجوية إلى بغداد لكي تتمكن من السفر إلى هناك. لكنها توفيت في برلين، ولم تتمكن من رؤية مسقط رأسها الذي أخرجه الغزو الأمريكي من قبضة الدكتاتورية، ليتحول بعد الغزو إلى ساحة حرب لتصفية حسابات تاريخية.


قانون الأحوال الشخصية


كان ذلك الحديث الصحافي القصير آخر تصريح علني للدليمي لوسيلة إعلامية. عبـّرت فيه الناشطة النسوية  عن معارضتها لتغيير قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي ساهمت في صياغته عندما كانت وزيرة قبل أربعة عقود ونصف. كان ذلك القانون تقدّمياً إلى حدّ كبير في منطقة الشرق الأوسط، والدول الإسلامية عموماً
الثأر العائلي
لقد أصدرت حكومة عبد الكريم قاسم قانون الأحوال الشخصية. وقاد بعضرجال الدين حملة احتجاج للمطالبة بإلغاء القانون، بحجة تعارضه مع مبادئ الشريعة الإسلامية، خاصة بسبب مساواته في الإرث بين الذكور والإناث من الأبناء، بينما تعطي الشريعة "للذكر مثل حظّ الأنثيين". وبدا ان المطالبة بإلغاء القانون هو تصفية لثأر عائلي، أكثر من كونه اهتماماً بشأن عام، خاصة وإن الملفات السياسية والإنسانية المعقدة التي كان العراق ولا يزال يواجهها، تجعل التفكير في تغيير قانون الأحوال الشخصية، ضرباً من الترف.
وعندما صدر القانون أثار عام 1959  اثارحملة عدائية قادتها القوى الدينية والقومية المحافظة. لكن حكومة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم، التي كانت الدليمي عضواً فيها لم تخضع للضغوط، وأصرت على تطبيقه،

خاصة  انه قد نالت تأييد عدد من رجال الدين المسلمين، ذوي التوجهات التنويرية، الذين أكدوا عدم تعارض القانون مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ويرى بعض المؤرخين، أن سقوط حكومة عبد الكريم قاسم في انقلاب عام 1963، لم يكن ممكناً لو لم يستفد الانقلابيون من الاعتراضات على قانون الأحوال الشخصية التقدّمي لتحشيد القوى الاجتماعية المحافظة إلى جانبهم.

نهاية رمزية لحلم التحديث
لقد شهدت نزيهة الدليمي في سنواتها الأخيرة، سقوط آخر القلاع التي ظلت صامدة من مرحلة صعود المدّ العلماني واليساري في العراق. كانت مرحلة بدا فيها الصراع الاجتماعي محسوماً لصالح أفكار التحديث والتمدين والتحرر. عاشت الدليمي تلك المرحلة بكل فورانها وحماسها، وساهمت فيها بشكل فعال. ثم راقبت من بعيد انهيار تلك الصورة الحالمة التي رسمتها النخبة اليسارية المتنورة للمجتمع. ولعل إلغاء قانون الأحوال الشخصية ذي الطابع المدني يمثل اختصاراً رمزياً لنهاية تلك الأحلام، ليستفيق الحالمون بالمجتمع المدني الحديث على مشاهد النساء المتلفعات بالسواد

 



 

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved