ببالغ الحزن والأسى والصدمة تلقيت رحيل الأخ والصديق وزميل القلم المناضل العنيد والكاتب والمحلل السياسي تميم منصور، رجل المواقف المشرفة والكلمة الحرة، وفارس الزمن الجميل، الصائب بفكره ورؤياه وتحليلاته، ابن مدينة الطيرة، الذي وافته المنية أمس الجمعة، إثر نوبة قلبية حادة .
لقد صدمت لهذا النبأ الفاجع، لأنني لم أتوقع أن يحدث ذلك الآن وبهذه السرعة، فقد كنا نريد لهذا الإنسان المناضل والمثقف الحر أن يواصل الحياة ودرب الكتابة والعطاء والنضال والكفاح حتى يرى بأم عينيه الانتصارات التحررية وما يثلج صدره وقلبه المفجوع بهموم وطنه ومجتمعه وآلام أمته وبكائها وأوجاعه شعبه الطامح للحرية .
بوفاة تميم منصور تفقد الحركة الوطنية الفلسطينية والحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية والتربوية والصحفية، إنساناً شهمأً أصيلاً ونظيفاً، ومربياً نبيلاً مخلصاً، ومناضلاً ومؤرخاً وسياسياً ومثقفاً ومحللاً وكاتباً جريئاً وشجاعاً في قول كلمته ومواقفه، عرفته ميادين النضال وساحات الكفاح والمنابر الصحفية والإعلامية، وكان له الدور الكبير في الدفاع عن شعبه الفلسطيني وقضيته الوطنية .
رحل تميم منصور بعد حياة غنية عريضة، ومسيرة مضيئة ومشرقة، تاركاً الكثير من الذكريات والمواقف الوطنية المشرفة والكتابات التاريخية الجادة .
انتمى الراحل للحركة الوطنية، ونشط في عدد من الأحزاب والحركات السياسية الوطنية، وعرف بمواقفه الوطنية والسياسية والقومية والعروبية، أمن بالفكر الناصري والإنساني التقدمي، وحارب النزعات العائلية والعشائرية والطائفية والتعصب القبلي والتشدد الديني ووقف بشدة ضد الحركات الأصولية وتيارات الإسلام السياسي، وكان منحازاً للناصرية والفكر القومي ونصيراً للعراق وسوريا بوجه المؤامرة، وانحاز قلباً وقالبًا لقوى وحركات التحرر الوطني في العالم العربي والعالم .
تميم منصور غزير الكتابة والنتاج، فكان يحلل ويقرأ الأحداث، ويعبر عن آرائه ومواقفه تجاه الكثير من المسائل الوطنية والتاريخية والقضايا السياسية والمصيرية، وكان ينشر كتاباته في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المحلية والعربية والعالمية، وفي الصحف الورقية الفلسطينية كالوطن وفصل المقال المحتجبتين والمسار الفحماوية والإتحاد العريقة، وكان له مقال أسبوعي فيها لمدة طويلة، وكتاباته تنطلق من رؤية قومية وفلسطينية صائبة وإحساس عالٍِ بالمسؤولية الوطنية والسياسية والقومية والتاريخية .
صدرت له مجموعة من الكتب، وهي : "كتاب الأمس لا يموت، جمرات داخل رماد الأيام، الحاضر الذي مضى، أيام فلسطينية، مذكرات معلم، الإنقلابات العسكرية في الأقطار العربية، والعرب بين الوحدة والإنفصال" .
تميم منصور تاريخ مميز من البذل والتضحية والأيمان بالرسالة الوطنية والثقافية وحمل الأمانة ونشر الوعي الوطني والطبقي والفكر الوحدوي والسعي للألفة والمحبة والخير وإصلاح ذات البين والسلم الأهلي والدفاع عن القيم الوطنية والثقافية والتربوية والأخلاقية والسمو بالمجتمع، فكان بحق رجل المواقف الصعبة، والفلسطيني والناصري بامتياز، ويعجز القلم أن يعدد ويذكر مناقبه وخصاله الحميدة واعطائه حقه المستحق .
سنفتقد تميم منصور رمز العطاء والتضحية والإنتماء والإخلاص للوطن والقلم الحر النظيف، ولا ننسى مكارمه وأصالته ونبل أخلاقه وتواضعه الجم .
لقد اعطى الكثير لشعبه وحركته الوطنية وأجزل العطاء، ولم يأخذ شيئاً . فوداعاً يا تميم، ارقد بسلام تحت الثرى، وستبقى خالداً بإرثك الكتابي الضخم ومواقفك الوطنية الشريفة، ولك الرحمة، وحسن العزاء والصبر الجميل لأخيك بروفيسور لطفي منصور وزوجتك الكاتبة الصديقة شوقية عروق وأبنائك وجميع الأهل والمعارف والأصدقاء ولأهل الطيرة ومجتمعنا العربي الفلسطيني عامة .