كان عبد الوهاب البياتي يردد ونحن في " قصر البلّور " من باب توما بدمشق ، أيّام العزّ :
قالوا خراسانُ أقصى ما يرادُ بنا
أو القفول ...
فقد جئنا خراسانا !
*
كان عبد الوهاب يائساً ، ورّطه حسن العلوي في لعبة قوى ومخابرات ، حتى جاء به إلى دمشق بعد أن كان يعيش على طريقته في عمّان ، مشْرِفاً بتوجيه من السلطة العراقية آنذاك ، على أهل الأدب من البعثيّين الشباب الذين ضاق بهم عديّ صدّام حسين ذرعاً ، بسبب من ضِيقِ ذات اليد ، بعد وطأة الحصار .
وكان البياتي يتقاضى مرتّبه ( معاشه ) من وزارة الثقافة الأردنيّة .
*
توفي البياتي في دمشق ، مقهوراً ، وحيداً . السوريون قاطعوه تماماً ، إذ اعتبروه عميلاً للسلطة ، والعراقيون قاطعوه لأنهم اعتبروه من أتباع النظام العراقي .
فقط مشعان الجبوري كان يرسل إليه ، كل يوم ، صينيّة طعامٍ ملأى !
*
أتذكّرُ أننا شيّعْنا البياتي إلى مثواه في مقبرةٍ جديدة ، على منحدرٍ بالشيخ محيي الدين . ( كان أوصى بأن يدفن في ضريح محيي الدين بن العربي ، فقيل له : ليس في الضريح تُربةٌ ) .
ألقيتُ كلمة وداع في الدفن .
علي عقلة عرسان ( اتحاد الكتّاب ) ألقى كلمة وداع أيضاً .
*
قالوا خراسانُ أقصى ما يُراد بنا...
وفي العراق الآن ، أمرٌ عجبٌ !
الإستراتيجُية الأميركيةُ المعلَنة ، الآن ، تقضي بإنهاء العراق العربيّ . تقضي بأن يكون العراق ، مثل بلدان الخليج ، عربيةً بالإسم ...
لا عربية على اللسان .
لا عوائدَ عروبةٍ ...
*
هكذا نجد الآن تطبيقات السياسة الأميركية :
وزارة الثقافة :بأيدٍ ليست عربيةً .
المرجعيّة الطائفيّة :بأيدٍ ليست عربيةً .
الميديا : يتولاّها فخري زنكنة ، الكردي ، الحاقد على العرب والثقافة العربية .
الميليشيا : إيرانيةُ التدريب والهوى .
*
أهي ثارات التاريخ ؟
إيوان كسرى ...,
والقادسيّةُ الأولى ؟
*
لكن العروبة أرسخُ من فكرةٍ .
العروبةُ بشرٌ .
العروبةُ بشرٌ عراقيّون سيدافعون عن عروبتهم .
*
قالوا خراسانُ أقصى ما يُرادُ بنا ...
لندن 11.09.2014