ما أن نتعلم الحروف الأبجدية حتى نريد أن نصبح شعراء، وأن أمكن شعراء كبارا، لأن الأدب يرفع من شأن الكاتب ويضعه في مكانة لا يبلغها السياسي مهما بلغت سلطته ولا عالم الفيزياء أو الأحياء أو الباحث في شؤون الاقتصاد أو التأريخ أو اللغة مهما كان إسهامه في مجال عمله.
بينما كانت أميركا وحلفاؤها يُعدّون لغزو البلاد كان رئيس الجمهورية يعكف على كتابة روايته الرابعة. وكأن كل الأوامر التي تحولت إلى كلمات مكتوبة وكل القوانين التي سنها وكل وسائل الإعلام التي كانت تلتقط كل كلمة يقولها وتحولها إلى "معلقات" لم تكن كافية للتعبير عن رأيه.
ثمة أشخاص لا يعيشون حياتهم وإنما يعيشون حياة مشطورة يتحقق نصفها في الأفعال اليومية ويبقى نصفها الآخر خارجا، يتحول الواحد منهم فيه إلى مشاهد، أو مراقب يسجل آثارهم التي قد لا ينتبه إليها الآخرون اليوم، لكنهم سيكتشفونها ذات يوم ويدركون "أي فتى أضاعوا". من أجل هذا اليوم القادم الذي لن يبصروه يكتبون روايات وأشعارا لا يقرؤها أحد، يحتربون ويتصالحون، يختلفون ويتفقون، ويتبعون الحلم الذي يدفع