رؤية الحداثة وهوية المكان في عمارة شيرين شيرزاد\ شين

2015-06-30

 

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/372d8d8a-3f0a-4044-8831-1c0791a2364a.jpeg

 حين جَلَستْ ذات مرة، أمام رئيس النظام السابق، مع جملة من المعماريين في ندوة حية، بُثَتْ من تلفزيون بغداد، أواخر عام 2002، لم تجامل، ولم تتنازل عن رأيها، فانتقدت عمارة الدكتاتورية التي أخرجتها من معايير العمارة الواقعية الى نزوة الارتجال وعدم الانتماء، تعاطف العراقيون مع جرأتها عندما سمعوا آراءها، على شاشات التلفزيون، لكنهم كانوا متأكدين ان الدكتاتورية لن تسمح بمرور تلك الكلمات التي قالتها المعمارية المبدعة، دون عقاب. وشاء ان تكون الحقيقة اقوى، ففشلت يد الظلام، وولت الى غير رجعة، وظلت استاذة العمارة تتابع ابداعها وحضورها العراقي الباهر ممثلة لصورة المرأة الكردية في بنية المجتمع العراقي الجديد...

غربتها كمعمارية، وغربة الاسلوب العالمي في العمارة، وغرابته في بلد كالعراق، كما طرحتها في كتابها "الاسلوب العالمي في العمارة بين المحافظة والتجديد".لا تعادلها الا غربة إبي حيان التوحيدي في موطنه الانساني وغرابته في موطنه الفني . فالعراق الذي شهد خلال السبعينات، وبالضبط بعد الطوفان النقدي بسبب ارتفاع أسعار النفط، نمواً عجيباً ومفاجئاً في اتجاه الأفكار العالمية. وكانت العمارة في مقدمة التفاصيل، لا لحاجة حياتية فحسب، بل لحاجة تزينية ماسة. وها هو اليوم، في نهايات القرن، يكتفي، مظهرياً، بالحلم بإزاحة التراب عن هذا السطح. لذلك فإن الحديث عن اسلوب عالمي في العمارة لم يعد ترفاً، بل قسوة مضافة، غير أنه في الوقت نفسه، ومن جهة مقابلة يمثل عودة إلى الحياة، حتى وإن جاءت من جهة خيال مؤهل بامكانية حياة غائبة، ففي كتاباتها، لا تدافع عن حقائق معمارية بعينها، بل تسعى إلى ترسيخ فكرة الحاجة الملحة إلى هذه الحقائق. وهنا تكمن غربتها كمعمارية وغرابة كتبها .

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/bb88eae5-3c9b-4775-a492-e68548b9b648.jpeg 

 هي شيرين (إحسان شيرزاد) أستاذة مادة العمارة في كلية الهندسة قسم العمارة بجامعة بغداد. ولدت في اواسط الخمسينات ونشأت وترعرعت في بيئة اجتماعية عريقة التقاليد، مفتوحة على إمكانات المستقبل، شأنها شأن العوائل الكردية التي منحت المجتمع العراقي سمة التقابل الحضاري للفئات والثقافات التي خلقت ثراء الثقافة العراقية. وهي ابنة المعماري والوزير السابق السيد (احسان شيرزاد) الذي عرف بمشروعاته ومؤلفاته.

درست في بغداد واوربا فكان اساتذتها من رواد العمارة الحديثة في العراق..محمد مكية، هشام منير، رفعت الجادرجي، جعفر علاوي، والكثير من المعماريين واساتذة العمارة، الذين نقلوا فكر العمارة الحديثة، والباو هاوس وما بعد الحداثة ايضا، فأغتنت بقراءة فكر العمارة العالمية ومدارسها واساتذة مشاريعها المعروفين، من لوكوربوزيه، الى رايت وميس فان ديروه، وغيرها من التجارب العالمية والعراقية التي اغنت هذه المعمارية الباحثة عن الجديد والاصيل بنفس الوقت. وهكذا حين انتدبت لتدريس العمارة في عقد السبعينات، راحت تلعب دور عقدة الربط بين أجيال العمارة العراقية والعالمية المختلفة. كانت أستاذة متمدنة، تمنح طلابها من معماريي الغد رؤية الحداثة وهوية التفكير، وتطلق قدرة الخلق التي تحفظ الهوية لتمنح المكان انتمائه بكل مافية من كتل وأفضية. وكانت كتبها التي أصدرتها دليل بحث وتقص..وثروة تعين دارسي العمارة والنقاد والمقيّمين لحظة التأمل والمعرفة..

نشرت شيرزاد اربعة كتب معمارية استخدمت كمراجع ومواد تدريس في الجامعات العراقية وبعض الجامعات العربية، بالاضافة الى عدد من البحوث والمقالات المنشورة، هي :

* مبادئ في الفن والعمارة

الاسلوب العالمي في العمارة ...

* لمحات من تاريخ العمارة والحركات المعمارية وروادها 

 * الحركات المعمارية الحديثة 

 ان دراسة الفلسفات والاتجاهات التي شكلت الحركات المعمارية المختلفة عبر العصور وأسباب اختلافها من خلال تعريفها للعمارة من جهة وتأثرها بالفكر السائد من جهة أخرى، مع التركيز في هذا المقرر على دراسة عمارة الحداثة وتياراتها من خلال التعريف بروادها وتحليل نتاجاتها. ... اما الأهداف فكانت :

- تنمية المعرفة المعمارية للاستفادة منها في عملية التصميم المعماري.
- تنمية مهارات البحث والتحليل والنقد والروئ الذاتية لشخصية الطالب.
- تمكين الطالب التمييز بين نظريات العمارة المختلفة واسباب الاختلاف فيما بينها عبر العصور.
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/23170be0-c427-435f-b9c3-7ca173dd4753.jpeg

في مطبوعاتها اكدت على أهمية تعريف الطالب المستجد في الدراسات المعمارية على تأريخ العمارة ونشوء الحركات المعمارية وتطورها، ولهذا الغرض هيّأت موجزها المصور لتأريخ العمارة، حيث اشتمل في فصله الأول على نبذة مختصرة عن تاريخ العمارة منذ نشوئها إلى نهاية القرن التاسع عشر، وفي الفصل الثاني عن الحركات المعمارية الحديثة، أما الفصل الثالث فقد خصصته للتعريف برواد الحركات المعمارية الحديثة وعرض بعض أعمالهم، وفي الفصل الرابع والأخير كانت لها محاولة أولية لعرض العمارة العراقية الحديثة .

  لقد توصلت المهندسة المعمارية في دراستها لتطوير قلعة اربيل، إلى مجموعة من البدائل والمقترحات في اختيارها الأفضل للقلعة لتكون مركزا تاريخيا وآهلة بالسكان، ولطريق الحفاظ على سماتها الفريدة .

البديل الاول : هو الصيانة الشاملة، وتتضمن المحافظة على كل المباني في القلعة .
البديل الثاني : الصيانة الإنتقائية، ببعض المباني القائمة حاليا في القلعة حسب أهميتها المعمارية وحالتها البنائية .
البديل الثالث : صيانة الشكل الخارجي، أي الإحتفاظ بالتل ومجموعة المباني المنتشرة على حافته مع واجهاتها، ونعتقد بأنه يمكن استبدال جميع المباني الواقعة في الجزء الداخلي ولكن مع تحديد الإرتفاع بغية الحفاظ على مظهرها الخارجي، كما اشارت إلى ايجاد نشاطات جديدة في القلعة منها :
- مركز فني يضم الفنون والحرف القديمة .
- مركز ثقافي للدراسات الكردية، يضم معهدا للدراسات التأريخية والأثرية ، ومعهد اللغة والادب الكردي ، ومعهدا للموسيقى والرقص الشعبي ومعهدا لدراسات البيئة.
- متاحف لآثار المنطقة وتأريخها الطبيعي واثنوغرافيتها.
- مسرح لتقديم عروض الرقص المحلي والغناء والحكايات.
- مبانٍ عامة، مثل نادٍ إجتماعي، وعيادة طبية وروضة أطفال، ومدرسة ابتدائية، وحوانيت صغيرة، ومجمع تسويقي .
- مجلس شعب مدينة أربيل، وبناية ادارة القلعة وذلك لإحياء ما في القلعة من البنايات في السابق .
، واشارت إلى ان المقترحات المذكورة يمكن تعيين مواقعها في البيوت التراثية أو في البيوت الجديدة .
 
أن «القلعة ليست إلا بقايا مدينة آشورية مهمة تعرف باسم أربا - ئيللو مشيَّدة على تل أثري قديم العهد». 
اليوم ثمة مشروع كبير لإحياء هذه القلعة التاريخية، وبالمشاركة مع منظمة اليونسكو التي أدرجت قلعة أربيل أثرا تاريخيا . فالمهندسة شيرين شيرزاد إحسان، رئيسة الهيئة العليا لإحياء قلعة أربيل، هي احدى كبار المشرفين على هذا المشروع .
 لهذا فهي تقترح «تشكيل لجنة مختصة تضم خبراء مختصين في التخطيط العمراني وتخطيط المدن القديمة والحفاظ على التراث بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العليا واليونسكو لدراسة وتقييم مخطط مدينة أربيل الجديدة ورفع التوصيات بشأنها، كما اقترحت أيضا تنظيم ورشة عمل لأصحاب القرار في المؤسسات الدولية المختلفة لاستعراض أهم البنود العالمية الخاصة بإدراج القلعة في سجل التراث العالمي. كما انها طالبت المسؤولين بضرورة مراجعة ملف قوانين البناء بما يخدم الحفاظ على هوية المدينة خصوصا ونحن نتطلع إلى مستقبل يتميز بمد جسور حضارية بيننا وبين الأمم المتقدمة التي تحترم تاريخها الحضاري وتمجده»، مشيرة إلى أن «رقي الأمم يقاس بمدى اهتمامها والحفاظ على إرثها الثقافي والتاريخي وذلك من خلال القوانين والضوابط العمرانية التي تضعها وتحترم تطبيقها. إنها حقا مسؤولية تاريخية كبيرة يجب عدم التفريط فيها بهذه السهولة».
 
حصلت المعمارية العراقية شيرين إحسان شيرزاد على عدد من الجوائز اثناء ممارستها مهنة التصميم المعماري وفازت،  بجائزة "تميّز" الدولية للعمارة والإنشاء عن فئة النساء لجهودها في تطوير المجتمع المعماري في العراق. واختيرت المعمارية شيرين احسان شيرزاد للفوز بالجائزة لجهودها في تطوير مهنة العمارة والمجتمع المعماري في العراق"، بحسب الموقع الرسمي للجائزة.






 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved