رباعيّــةُ الضوءِ البعيـــدِ

2011-05-17

 

                         (1)

ضوءٌ بعيدٌ بين أغصانٍ مُعَرّاةٍ  ... أرى من فُرجةٍ في منتهى الصِّغَرِ

انثَنَتْ وسطَ الستارةِ ، لَمْحَ ذاك الضوءِ . كان الليلُ يَـنـتصفُ .

الحديقةُ تختفي.أشباحُها الأغصانُ عاريةً . أُحِسُّ على ذراعي لَسْعةً.

أتكونُ من بردٍ ، أم الأشباحُ وهيَ تَنوسُ تُرعبُني ؟ أَم الضوءُ البعيد؟

                          (2)

مُحَدِّقاً في عَتمةِ الزمنِ .انتبهتُ ... أكانَ  ذاك الضوءُ يأتي من زمانٍ

سالفٍ ؟ من نقطةٍ فُـقِئَتْ على إحدى الـمَجـرّاتِ ؟ الحـديقةُ

لا ضياءَ بها . وفي الـبُعْدِ البحيرةُ لاءمَتْ أمواهَها في البردِ والتمّتْ.

أصيّادون ؟ هل ذئبٌ يُقَضْقِضُ عُـصْـلَـهُ؟ أم أنني أتوهَّـمُ الأشياء؟

                        (3)

لكنّ هذا الضوءَ يأتي . بل أكادُ الآنَ ألْـمُـسُــه .يكادُ الضوءُ

يلسَعُ عينيَ الـيُســرى.أغادرُ فَرْشَــتي ، وأُطِلُّ بين ستارتَينِ.

الضوءُ غَـمّــازٌ ، وتلك الدوحةُ الجرداءُ تُفْسِحُ مَنفَذاً .أحسستُ

أنّ زجاجَ نافذتي الـمُضاعَفَ صارَ فضّـيّـاً ، وأني في  الـمَـدار.

                       (4)

يا مرحباً !

يا مرحباً بكَ ، أيها الضوءُ البعيدُ ، شقيقُ روحي !

مرحباً !

والآنَ أتبَعُكَ ...

السبيلُ إليك أنتَ.

النورُ يجعلُني خفيفاً ، طائراً

والنورُ يجعلُني شفيفاً .

................

................

................

لحظةً ، وأكونُ خارج بُرجيَ الـحَـجَـريّ .

سوف أكونُ أنت!



لندن 19.11.2010

 

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved