في سقوط الحضارات كما يرى تُوينبي يعودُ إلى ثلاثة من العوامل اولا ضعف القوَّة الخلاَّقة في الأقلِّـيَّة المستملكة وانقلابها إلى سلطة تعسفية ثم تتخلِّي الأكثريَّة عن مُوالاة الأقلِّـيَّة المُسيطرة والانشقاق وضياع الوحدة في كيان المُجتمع. خلال القرن التاسع عشر نضج علم التاريخ في أوروبا عما كان عليه في السابق كما نضجت النظريات من اجل استيعاب ماهية التاريخ. وعندما حل المنظر آرنولد توينبي عام 1889، بعد اشبنغلر كان الألمان قد أنجزوا الكثير كمؤرخين أو نظريين مفلسفين مسار التاريخ درس توينبي في جامعة أكسفورد ثم درس التاريخ في جامعة لندن. ثم اشتغل في وزارة الخارجية البريطانية ومديراً للمعهد الملكي للشؤون الدولية، من عام 1921 شرع يؤلف كتابه (دراسة التاريخ) الذي جعله واحداً من أعلام القرن العشرين واكتمل الكتاب عام1961، اثر صدور المجلد الأخير الثاني عشر. اذ اشتغل عليه أربعين عاما. ما ينبغي التنويه ذكره انه تأثر بابن خلدون. خلاصة نظرية توينبي في (التحدي والاستجابة) ترى أن البيئة تتحدى الناس؛ فإن استجابوا للتحدي بنجاح فإنهم سوف يتمكنون من إنشاء حضارة قوية ذات شأن وإن هم فشلوا فإن نمو حضارة متقدمة في تلك البيئة عسير كالصحراء في شبه الجزيرة العربية سوف لن يكلل بالنجاح ابدا. لهذ غإن نمو حضارة من الحضارات أمر مرهون بمدى استجابة الناس للتحديات التي تواجههم. وتضيف النظرية أن كل حضارة تمر بطورين اثنين. ففي الطور الأول، وهو طور النمو تكون الاستجابة للتحديات موفقة دوماً أي أن الناس يكونون أقدر من القوة التي تعارضهم. أما في الطور الثاني، فيكون الوضع مناقضاً لما في الطور الأول، أي تكون التحديات أقوى من كفاءة الناس العاجزون عن الاستجابة لها. في هذا الطور يظهر التحدي مؤديا إلى ردّ فعل مخفق. ثم يظهر تحدٍّ أكبر من السابق، فيكون الرد عليه أضعف من الرد الأول. ويستمر الحال هكذا إلى أن تضمحل الحضارة أو تشيخ. يعتقد توينبي بأن الحروب هي السبب الجوهري لانهيار المجتمعات أو الحضارات. وهو يأخذ المجتمع الآشوري القديم مثلاً يقول: (لقد هوت آشور جثة هامدة، ولكنها مدججة بسلاحها. ومن المعلوم أن تسليح آشور هو أقوى تسليح في غرب آسيا خلال القرن السابع قبل الميلاد. ومع ذلك، فقد انهارت بسرعة قصوى أمام هجمة الميديين والبابليين) وههنا يستشهد توينبي بقول السيد المسيح (من يأخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ منه)
ويرى تُوينبي أنَّ تحوُّلَ المُجتمعات البدائيَّة إلى مُجتمعات حضاريَّة يعتمد على مَدى الانتقال من حالة الجمود إلى حالة الحركة الديناميَّة وأنَّ هذه القاعدة تَصحُّ كذلك في عمليَّة نشوء الحضارات الأُخرى وتعاقبها. يرى توينبي أنَّ العَالم الإسلاميّ بما فيه العَالَم العربيّ يُواجه اليوم التحدّي الغربيّ بطريقتَين الأُولى سَلَفيَّة منغلِقة (ستاتيكيَّة) تُمثِّـلُها الحركاتُ السنية الوهَّابيَّة والسنوسيَّة والمهديَّة والشيعية وما جرى مجراها من حركاتٍ سَلَفيَّة حديثة؛ أمَّا الطريقةُ الأُخرى فهي تقدُّميَّة منفتحة. ويَرى أنَّ الموقف السَلَفيّ يُمثِّلُ انحلالاً حَضاريًّا، بينما يُمثِّلُ الموقفُ التقدُّميّ حركةً ديناميكيَّة جديرة بالتقدير، ولكنَّها لا تعدو أن تكون، مع ذلك، خطوةً تقليديَّة أو استجابة محدودة النجاح يتعذَّرُ عليها الوصول إلى الإبداع والمُشاركة الحضاريَّة الفعليَّة. تُوينبي رغم تقدم افكاره التي كات من نتائج عصره المختلف عنا يعتقد أنَّ الطريقة المُثلى لمُحاربة الغَرب ؟؟؟ منها أنَّ روسيا بملكها بطرس الأكبر أمعَنَت في تبنِّي التكنيك الغربيِّ إذ (استطاع العَالَمُ بفضله، منذ أكثر من قرنَين ونصف، أن ينجوَ من سيطرة الغرب التامَّة؟؟؟!!) حاولَ بعضُ السلاطين العثمانيِّين اقتفاءَ أثره، إلاَّ أنَّهم لاقَوا مُعارضةً شديدة من مُعظم العَناصر الإسلاميَّة المتزمِّتة، ولاسيَّما الجيش الانكشاريّ، بَيد أنَّ مصطفى كمال أتاتورك نجح في نهاية الأمر في تحقيق ثورة اجتماعيَّة وتكنولوجيَّة أنقذت البلاد من الدمار، كما نجح محمَّد علي في مصر بشكلٍ مَحدود، في حين أنَّ رجال الدولة في اليابان قد نالوا قصبَ السبق في هذا المَجال منذ عام 1860 كما يقول تُوينبي في كتابه "العالم والغرب".
خلاصة نظرية توينبي في (التحدي والاستجابة) ترى أن البيئة تتحدى الناس؛ فإن استجابوا للتحدي بنجاح فإنهم سوف يتمكنون من إنشاء حضارة قوية ذات شأن وإن هم فشلوا فإن نمو حضارة متقدمة في تلك البيئة عسير كالصحراء في شبه الجزيرة العربية سوف لن يكلل بالنجاح ابدا. لهذ غإن نمو حضارة من الحضارات أمر مرهون بمدى استجابة الناس للتحديات التي تواجههم. وتضيف النظرية أن كل حضارة تمر بطورين اثنين. ففي الطور الأول، وهو طور النمو تكون الاستجابة للتحديات موفقة دوماً أي أن الناس يكونون أقدر من القوة التي تعارضهم. أما في الطور الثاني، فيكون الوضع مناقضاً لما في الطور الأول، أي تكون التحديات أقوى من كفاءة الناس العاجزون عن الاستجابة لها. في هذا الطور يظهر التحدي مؤديا إلى ردّ فعل مخفق. ثم يظهر تحدٍّ أكبر من السابق، فيكون الرد عليه أضعف من الرد الأول. ويستمر الحال هكذا إلى أن تضمحل الحضارة أو تشيخ. يعتقد توينبي بأن الحروب هي السبب الجوهري لانهيار المجتمعات أو الحضارات. وهو يأخذ المجتمع الآشوري القديم مثلاً يقول: (لقد هوت آشور جثة هامدة، ولكنها مدججة بسلاحها. ومن المعلوم أن تسليح آشور هو أقوى تسليح في غرب آسيا خلال القرن السابع قبل الميلاد. ومع ذلك، فقد انهارت بسرعة قصوى أمام هجمة الميديين والبابليين) وههنا يستشهد توينبي بقول السيد المسيح (من يأخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ منه)
أرنولد جوزف توينبي ولد عام 1889 في لندن وتوفي عام 1975 كان يمثل عصرا بعيد عن عصرنا ففي الربع الأخير من القرن العشرين واول عصرنا في القرن الحادي العشرين انقلبت القيم والتقديرات عن العصر الذي عاش فية تويني رغم ان الكثير من الحقائق والتعليلات التي اوردها توينبي لاتزال حية خاصة في تقديراته في قيام الحضارات واختفائها. تتوينبي يعتقد أنَّ الحضارة الإسلاميَّة بما فيها العربيَّة حضارةٌ تمرُّ في دَور الانحلال، وأنَّ مُحاولات إنقاذها كانت غير كافية ومُجدية في تحقيق التقدُّم واللحاق بالحضارة الغربيَّة. رغم ان عصره لم يكن عصر قيام دولا اسلامية وحركات ارهابية تخيف العالم الغربي ومع كل ذلك فان الحضارة الغربية ماتزال قائمة قوية في الاقطار الديوقراطية وهي قوية رصينة لن تنهار. نشر توينبي كتبا قرأها الملايين من القراء الا ان زملائه المؤرخين يرون فيها (التوائية) في المعلومات لنمطه الذي يدعيه في التاريخ. صورة توينبي ظهرت على الصفحة الاولى من مجلة تايم الامركية الشهيرة عام 1947 الا انه برهن على انه لم يؤثر حقا على الآخرين من المؤرخين, المؤرخ (بيتر غيل) كتب مقالا في (مئوية ارنولد تونبي) يصف اعمال توينبي انها (خربطة بلا انتظام Mish-Mash) مما يقلل دراماتيكيا من شأن توينبي. ولا يوافق توينبي على مذهب اشبنغلر القائل بأن الغرب قد أخذ بالانهيار. وهو يعتقد بأن حضارة الغرب لم تستنفد بعد إمكاناتها، وأن الغرب مازال شاباً وأنه قد لا يضمحل، أو قد يستمر في الوجود لآلاف السنين.
توما شماني - تورونتو عضو اتحاد المؤرخين العرب