قد تبدو الأمور ، يسيرةً تماماً ، لدى حسَني النيّةِ ، أمثالكَ ، أيها الصديقُ الكريمُ ، الشاعرُ في الأيام الأولى ، أيامَ كان الوردُ على الجبين !
أنت تحاولُ ، في طيبةٍ لا حدَّ لها ، أن توفِّقَ بين المثقف والسياسيّ .
ليس من إشكالٍ هنا .
السياسيّ ( على انحطاطه ) ، هو مثقفٌ على طريقته .
من هنا ، كان سعيُكَ مشكوراً ، لكنه بلا جدوى .
إذ أن السياسيّ الفعليّ اليومَ ، أي هذا النمط من المثقف ، هو في خدمة الاستعمارِ ، يتولّى قتلَ أبناءِ الشعب بُغْيةَ إخضاعِ العراق للمحتلين الأميركيين .
السؤالُ : لِمَ كلّفتَ نفسَكَ كتابةَ الصفحاتِ كلِّها ؟
أنا أراهِنُ على طِيبتِكَ ، يا صديقي البعيد حسن الخياط .
*
هل تسمح لي بأن أضعَ الأمورَ كما أراها ؟
أنا متأكدٌ من ذلك ، اعتماداً على سماحةٍ أتذكّرُها .
*
يا عزيزي حسن
ليس من لقاءٍ بين السياسيّ المجرم ( من مِثل ساكني المنطقة الخضراء ) ، وبين المبدع .
لقاؤهم مع المثقف التابع .
أمّا المبدعُ ، فإن سبيله آخرُ .
المبدع لا يساوِمُ ، لأن الفنّ ، بطبيعته ، لا يساوِم .
الفنُّ حلمٌ بعالَمٍ نقيّ ، جميلٍ ، مساواتيّ ...
عالَمٍ من نساءٍ ورجالٍ أحرارٍ .
عالَمٍ ليس فيه مكانٌ للاستغلال .
عالَمٍ بلا رأسماليين .
ولا أسلحة .
*
يا عزيزي حسن
العراقُ مستعمَرةٌ . والعلاقةُ الممكنةُ الوحيدةُ هي بين المبدعِ ، والسياسيّ الرافض ، لا السياسيّ الراكع !
لندن 18.05 .2008