رسومُ حلَب

2015-10-20
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/0e3f3ce2-e4e8-4316-b5d5-a3b8e3260055.jpeg
                               (1)
المعرّة

كلّما جئتُها ، زرتُ شيخي الـمَعَرِّيَّ  ، أحملُ أوزارَ عُمْري
فأُلقي بها في محيطِ الضريحِ ،
وأَلْقى ، هناكَ ، الشميمَ الذي كنتُ أستافُهُ من بعيدٍ ...
لقد كان  "هادي " يُلَمْلِمُ ما قد تَناثَرَ من أُمّــــةٍ ،
كان " هادي " يُجاوِرُ شيخَ الـمعرّةِ
واليومَ ، لم يَبْقَ من شاخصٍ للمعرةِ  غير الـمَعَرّيِّ ...
مَن كان جاراً  ... ثوى بـدمشقَ ؛
بـ " مقبرة الغُرَباءِ " .
المعرّةُ بِنتُ المعرّيّ
هذا الذي ما جَنى ...
---------------
* هادي ، هو هادي العلويّ ، الثوريّ المفكِّرُ .


                                     (2)
قلعةُ سِمعان

السماءُ الخفيضةُ كانت مُعَلَّقةً بغيومٍ رمادٍ
وكان الشجرْ
يترقرقُ ...
كانت غصونُ الشجرْ
مثل أوراقِهِ ، تترجّحُ تحت نسيمٍ خفيفٍ ،
وكان الحَجرْ
وهو يُنْبِتُ أعمدةً من غيابٍ
وأروقةً ...
يترقرَقُ .
ثمّتَ منحدَرٌ تتبيّنُ منه الجبالَ التي كان يسكنُها التُّرْكُ.
في بَغتةٍ ... تتعالى التهاليلُ ؛
سِمعانُ
سِمعانُ
سِمعانُ
هل تسمعُ الناسَ ؟
هل تسمعُ اللهَ ؟
سِمْعانُ
سِمعانُ
سِمعان ...

(3 )

خيّاطُ المطران

مطرانُ حلبْ
كان له خيّاطٌ في السوقِ
وكان لخيّاطِ المطرانِ صديقٌ من طائفةِ الأرمنِ
كان طبيباً ...
آنَ ضُحىً أقنعَني أن ندخلَ في السوقِ
وأن ندخل في دكّانِ الخيّاطِ :
سيُلْبِسُكَ الخيّاطُ قميصاً كان سيلبسُه المطرانُ غداً ...
أنت  ، اليومَ ستدفعُ 
أمّا المطرانُ فقد لا يدفعُ حتى يومِ الدِّين !
*
أنا ، حتى الآن ، لَدَيَّ قميصُ حريرٍ ، أسوَدُ
كان سيلبسُهُ مَطرانُ حلب ْ ...

             (4 )

نادي نقابات العمّال
   
تَدخلُ في النادي ، مرتبكاً ...
تتساءلُ : هل هذا النادي للعمّالِ ؟
لكنّ النادي للعمّالِ
وتقرأُ فوق البابِ المفتوحِ ، وإنْ كان حديداً :
نادي نقابات العمّال
إذاً !
في النادي تجلسُ عند البرْكةِ ،
تشربُ كأساً من " عَرَقِ البطّةِ " ...
ثَمَّ مآكلُ قد لا تأكلُها حتى في  " فندق بارون" .
ولكنك بعد الكأسِ 
سيأتيكَ سؤالُ الرأسِ :
تُرى ... أين العمّال ؟




( 5 )

القلعة

لم تكن مغرَماً بالقلاعِ ...
وفي أيّ أرضٍ حللْتَ رأيتَ القلاعَ محاصَرةً  ؛
لا تَقُلْ  : حلَبٌ !
كلُّ تلكَ القلاعِ ، ومن بينِها ، حلَبٌ ...
أقلَعَتْ  !
قد نُغَنِّي بها
قد نُغَنِّي لَها
قد ننامُ على مُخْمَلٍ من وسائدِها ،
لِنُفِيقَ وقد مسَّنا الضُّرُّ
والقهرُ ...
هذا زمانٌ تُدَوِّنُهُ الطائراتُ الـمُغِيرةُ ،
هذا زمانُ الطُّغاة ...

لندن 15.01.2015

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved